تبقى الوصمة المجتمعية ترافق المرأة السورية حتى بعد لجوئها إلى تركيا، فالعديد من الحالات التي تتعرَّض لعنف أسري بمختلف أنواعه (جسدي، لفظي، جنسي، نفسي، اقتصادي) لا تجرؤ على البوح بما تتعرّض له من أذى خوفاً من هذه الوصمة، لكن مع مبادرات التوعية المجتمعية باتت بعض النساء يلجأن لمراكز متخصّصة بدعم المرأة أو للشكوى للشرطة على المعنّف إن كان زوجاً أو أباً أو أخاً أو غيره من الأوصياء على المرأة.
وهذا ما رصدته صحيفة “صدى الشام” للاجئات سوريات في تركيا، حيث أفادت العشرينية نسيمة السباعي (اسم مستعار) في مدينة مرسين، بأنَّ زواجها بعمر 14 عاماً وغياب السند لا سيّما أنَّ أمها منفصلة عن أبيها وكلاهما متزوج في بلد بعيد عنها (هولندا/حمص)، جعل منها “امرأة ضعيفة” أمام زوجها الذي يرد عليها بالضرب أو الشتم حال خالفته برأي أو تأخرت عنه، ويزيد من مشاكلها العائلية سكن سلفتها معها وتأثير حماتها رغم بعدها الجغرافي، وفي الفترة التي أقامت أخت زوجها عندها مع زوجها وثلاثة أطفال لأشهر تعاملت معها (الضيفة) بعنف لفظي وصلت لإحدى المرات بأن طردتها من منزلها فاضطرت للجلوس في الحديقة مع طفلتيها حتى انتهى الزوج من عمله وأعادها إلى منزلها.
في حين تُعاني الأربعينية أم أحمد، من مرض اكتئاب حاد وصل بها لحالات إغماء، فتراها امرأة صامتة لا تتحدث مع أحد ولا تريد أن ترى أحد رغم محاولات أولادها لإخراجها من هذه الحالة العصيبة، التي سببها تعنيف الزوج لها (الجسدي واللفظي) رغم كبره بالسن لم يُغيّر من عادته منذ ارتباطهما، وما زاد من تعبها النفسي وما ترتب عليه من أمراض جسدية، اعتقال ابنها قبل عشر سنوات في مدينة حماة وانتظارها خبراً عنه أهو عايش أم متوفي، وحالياً تتلقى العلاج في مدينة إسطنبول.
في المقابل اضطرت العشرينية المطلقة ميساء، لتقديم شكوى على أخيها الذي ضربها بعد مشادة كلامية حول تأخرها بالعودة إلى المنزل في مدينة أنقرة، حيث وقّع على تعهّد لدى الشرطة بعدم تكرار فعله معها، وبذلك عادت إلى منزل أهلها مطمئنة على نفسها بعد هروبها لإحدى صديقاتها، لا سيّما أنَّ طلاقها من زوجها في سوريا سببه ضربه وتعنيفه المستمر لها فهي لم تعد تحتمل التعنيف الأسري. وتؤكد للفتيات بوجوب “عدم السكوت”. إذ تنص المادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان “لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة”.
وفي استبيان صحفي أجرته “صدى الشام”، شارك فيه 72 لاجئاً/ة سوريا/ة (59 أنثى/ 13 ذكر) أكد تعرّض 71% من النساء لعنف أسري جسدياً ولفظياً، ويعتقد 69% أنَّ التعنيف الأسري ازداد بعد اللجوء لتركيا بحكم ابتعاد الأهل عن المرأة التي ربّما تضعف بغياب السند، فيما يؤكد 62% أنَّ المرأة لا تلجأ للشكوى على زوجها أو قريبها الذي عنفها، ويرى 58% من المصوّتين أنَّ القانون لا يحمي المرأة اللاجئة من العنف الأسري على غرار القوانين الأوربية، ويعود ذلك إلى جهل المرأة بالقوانين التركية بسبب الحواجز اللغوية.
دور المراكز الحقوقية
أغلب الحالات التي وردت إلى مركز الكواكبي الحقوقي في ولاية مرسين الذي يتمثّل عمله بتقديم المشورة القانونية، كانت إمّا خوف من الحرمان المادي أو خوف من التعنيف الجسدي (الضرب)، حسب المسؤولة عن الهيئة النسائية في المركز فاطمة عبد العزيز، موضحة أنَّ غالبية الحالات كانت تُعاني من عنف اقتصادي بحيث لا تحصل المرأة على العمل أو المال لأنَّها تمنع من ذويها.
وتقول في حديثها لـ”صدى الشام”: هناك نساء تُمنع من المجيء إلى المركز كون زوجها أو أبيها لا يسمح لها بالخروج من المنزل، بينما استفادت العديد من النساء من الندوات والمبادرات والنشاطات لدعم المرأة والتوعية من العنف ضدها التي تقام في المركز، وكانت لهنَّ حافزاً لدخول المجتمع المدني وتمكينهنّ من الاستمرار.
وتضيف: من النساء امرأة كانت ممنوعة من قبل زوجها أن تأتي إلى المركز، لكنّها أصرّت على الحضور رغم ضربه لها ونجحت في التدريب واستطاعت الاستقلال مادياً وانفصلت عنه، وكان يُهدّدها “إن ذهبتي للمركز سأقطع عنك المصروف”، فكان لديها دافع التعلّم للخلاص من تعذيبه لها وضغطه عليها.
وفي معظم الحالات، لا يريد الزوج أن تعمل زوجته أو أخته كي تبقى تحت كنفه. ومن الفتيات خريجة علم نفس منعها أخوها من المجيء إلى مركز الكواكبي، لكنّها استطاعت الاستقلال عنه، وشاركت في نشاطات المركز وشرحت قصتها للحضور عن وقوفها بوجه أخيها الذي طلب منها أن تصرف على أهلها بدونه إن أصرّت على العمل.
وفي المقابل هناك أزواج يُجبرون زوجاتهم على العمل، حيث تذكر عبد العزيز، حالة امرأة أجبرها زوجها على العمل خادمة في البيوت كي تقدّم له المال وإن لم تعمل يضربها، كونه يريد أن يحافظ على مركزه ومكانته الاجتماعية ولا يعمل أيّة مهنة غير اختصاصه، لكن على حسابها.
وعن أهم المبادرات التي قدّمها المركز الحقوقي، تقول عبد العزيز: كانت لتصحيح مفاهيم مجتمعية تحت تفسيرات دينية مغلوطة تجاه المرأة، تشرح تأثّر المنظومة المجتمعية بالمنظومة الفقهية التي كرَّست دور الرجل وأهانت المرأة بأنَّها كائن أقل منه وتحت ظلّه، ومنها تصحيح مفهوم ضرب المرأة والقوامة للرجل الوارد في القرآن أو في الأحاديث النبوية.
فضلاً عن محاور قانونية تُعزّز قدرة النساء على معرفة آليات عمل سلطات الدولة وقدرتها على الانخراط بالشأن العام والمشاركة السياسية، وشرح القوانين السورية التمييزية مثل “قانون الجنسية، وقانون الأحوال الشخصية”. وتضيف: “استطعنا من خلالها توعية وتقوية المرأة من هيمنة مجتمعية خاطئة، وكان لدينا مشروعاً لتمكين النساء وتعليمهنَّ مِهَن تُمكّنهن من الاستقلال مادياً عن الرجل ويستطعن أن يدافعن عن حقوقهنّ”.
حماية القانون التركي للمرأة
تنصّ المادة 8 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنَّ “لكلّ شخص حقّ اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أيّة أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها إياه الدستور أو القانون”. وتؤكد المادة 16 من الإعلان على أنَّ “للرجل والمرأة، متى أدركا سن البلوغ، حق التزوج وتأسيس أسرة، دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين. وهما متساويان في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله”.
وعن مدى حماية القانون التركي للمرأة السورية من العنف الأسري، والقوانين الخاصة بالجرائم العائلية، يُجيب “صدى الشام” المحامي السوري والمستشار القانوني، مجد الطبّاع، بأنَّ “القانون التركي يحفظ حقوق المرأة السورية مثل المرأة التركية”، والقوانين الخاصة بالجرائم أهمها “قانون حماية المرأة المتعلّق بالمحاكم العائلية” الذي يمنح المرأة حقّ الشكوى والاستفادة من الدولة بحمايتها من التعنيف الأسري.
ويُوضح الطبّاع المقيم في ولاية إسطنبول، أنَّ المرأة السورية نوعان، إحداها تخاف من الذهاب إلى الشرطة لتقديم شكوى درءاً لـ”الفضائح المجتمعية” حسب ما ترى بأن تحاول إجاد حلّ عبر العائلة، والنوع الثاني من النساء قدمنَّ شكوى قضائية ونجحن بتوقيف المعنّف لأيام ودفعه غرامة إزاء تعنيفه لها.
ويلفت المحامي إلى أنَّ “قرارات الترحيل ليس لها علاقة بالمشاكل الأسرية” لأنَّ المعنّف يعود الأمر لتربيته ولا يهمّه شيء، فـ”الرجل السوري إلى اليوم يعتبر نفسه ابن بلده وبيئته” ولا يُعطي أهمية بأن تشتكي زوجته/أخته عليه، فيُمارس التعنيف اللفظي والجسدي وبعد إشباع غريزته يُفكّر بأنَّه سيلاحق من الشرطة. مؤكداً أنَّ النساء الأكثر عرضة للعنف الأسري هنَّ اللواتي ليس لديهنّ سند عائلي أو اللواتي تزوجن بغرض المال.
أسباب ازدياد العنف الأسري
تتعدد أشكال العنف الأسري، فالعنف الجسدي قد يؤدي إلى عاهات أو كسور أو لإسعاف المرأة إلى المستشفى أو حتى إلى الوفاة مثل الشابة آيات الرفاعي في دمشق التي ضجت فيها وسائل التواصل الاجتماعي مطلع العام الحالي، وفي العنف النفسي قد ينتج عن الجروح النفسية ضرراً أكبر. كما تقول الباحثة الاجتماعية في مركز الحوار السوري، كندة حواصلي لـ”صدى الشام”، حيث تختلف درجاته وقد يكون من المرأة لأولادها أو من الابن لأمه، لكنّه “يتسم بحالة من الاستمرارية”.
وحول ازدياد التعنيف الأسري، ترى حواصلي المقيمة في ولاية إسطنبول، أنَّه في الحالة السورية كلّها سواء اللاجئين أو الموجودين في سوريا، هناك حالة من “ازدياد العنف الأسري”، وذلك نتيجة ارتفاع معدلات العنف التي تعرّض لها السوريون (اعتقالات، قصف، تهجير، لجوء، حالة متزايدة من الخوف وعدم الاستقرار) خلال السنوات الماضية، ما جعل جميع أفراد العائلة بحالة استنفار، فالرجل يُفرّغ العنف على زوجته، والزوجة بعد ذلك تُفرّغ العنف على الأولاد والأولاد يمكن أن يعنفوا بعضهم، فـ”من يتلقى التعنيف قد يصبح هو المعنّف لغيره”.
وتشير حواصلي، إلى أنَّ فقدان الزوجة للسند في تركيا (ابتعاد العائلة) يزيد حالة العنف فتتعرَّض لبعض الانتهاكات أو التهديد بالطلاق أو حرمانها من الأولاد أو الإجبار على تقديم بعض التنازلات، واستغلال أنَّها في بيئة جديدة لا تعلم القانون فيها، ويكون العنف مضاعفاً إذا كان وضع المرأة غير قانوني، لا تملك أوراقاً ثبوتية أو الكملك تابعة لغير ولاية، حيث يدرك الزوج أنَّها إذا لجأت إلى الشرطة ربَّما تتعرَّض للترحيل.
ومن الأسباب أيضاً، وفق حواصلي، هو جهل المرأة السورية بكيفية الوصول إلى المنظمات والجهات التي تُقدّم خدمات للمرأة المعنفة، وأحياناً حواجز اللغة التركية تكون عائقاً. مشيرة إلى إشكاليتين في موضوع الشكوى للقضاء في تركيا، أولها “أبعاد ثقافية سورية” حول موضوع اللجوء للقانون، حيث تسعى العائلة إلى الإصلاح، وحتى المرأة السورية تضع الأولوية في كثير من الأحيان لاستدامة العائلة ومصالح الأطفال على مصلحتها الشخصية.
والإشكالية الثانية، حسب حواصلي، أنَّ اللجوء إلى القضاء “يحتاج إلى أموال وتوكيل محامي والمحامي يحتاج لمترجم”، مضيفة: بشكل عام السوريين في تركيا في كافة المجالات إن كانوا رجال أو نساء تعرضوا لأيّ مشكلة، “آخر شيء يفكرون فيه اللجوء إلى القضاء، خوفاً من أنَّ هذه الخطوة تتسبّب لهم في إشكاليات أخرى”.
من جهته، يرى الاختصاصي النفسي محمد السيّد المقيم في ولاية إسطنبول، أنَّ ازدياد العنف الأسري بمستويات متعدّدة عقب الكوارث والأزمات وموجات اللجوء والهجرة، يُعدّ “قاعدة ثابتة”، ويشير في حديثه لـ”صدى الشام” إلى أسباب أخرى لزيادة العنف الأسري مثل: “انتشار تعاطي المخدرات وانتشار البطالة، إضافة إلى تغيير الأدوار الاجتماعية في السياق السوري”، فالسيّدة السوريّة في تركيا لم تعد أدوراها كما كانت في سوريا، كما اختلفت أدوار الرجل، من حيث طول ساعات العمل واختلاف المهنة أو اختلاف العمل من ربّ عمل إلى عامل.
العنف الأسري بمختلف أنواعه، ينتج عنه “غياب الشعور بالأمان”، وقد تنتهي حادثة العنف الجسدي بعلاج أثر الضرب من كسر أو حرق أو نزف لكن آثارها النفسية مستمرة لا تنتهي، والعنف يدفع الضحية إلى القيام بسلوكيات لا تقبل بها، كما يقول السيّد، مضيفاً: عملتُ مع نساء تعرَّضن إلى إجهاض نتيجة عنف منزلي وأمراض جسدية منشأها نفسي نتيجة التوتر والضغوط مثل “قولون عصبي، روماتيزم، بعض الاضطرابات والآلام والاكتئاب الصدمة النفسية، شعور انخفاض تقدير الذات وشعور أنَّها مهدَّدة دائماً”.
وحول اعتياد المرأة على العنف بمختلف أنواعه وكأنّه روتين، يوضح السيّد، أنَّ القضية ليست قضية تعوُّد، بقدر ما هي قضية “ميكانيزمات نفسية تربوية من الطفولة اجتماعية أو دينية” تلعب دوراً في هذه العملية، موضحاً، خاصّة عندما تكون السيّدة تعرَّضت إلى تعنيف طفولة من أبيها أو أمها، فتتشكل “علاقة مشوشة مع مقدّم الرعاية لها”، فمصدر الأمان والحنان والدعم كأم أو أب هو بذات الوقت مصدر الأذى والعنف والجرح والإهانة، فالزوجة عندما تنتقل إلى الارتباط بالشريك، يُصبح تقبُّل فكرة أنَّ مصدر الأمان الحالي (الشريك) هو “مصدر تهديد طبيعي أو مقبول”.
وتُصبح العلاقة الأسرية مشروطة بتقبُّل العنف الجسدي أو الجنسي أو غيره من أنواع العنف، ويُصبح رفض المرأة هو تهديد لعلاقة قائمة أساساً على هذا الشرط، فضلاً عن فكرة شعور المرأة بأنّه “يستحيل العيش بمفردها أو تنفصل عن هذا الشريك”، وحسب الأخصائي النفسي، فإنَّ “الدماغ يعمل على عملية تبرير وعقلنة لهذا السلوك”، وعندما تسأل المرأة تجدها تُبرّر عنف زوجها أحياناً عندما تنطلق من حالة الإحباط وفقدان الأمل، ولا يعني هذا لوم الضحية، لكن عملية الفهم لما يجري هو المقدّمة والمدخل الأساسي من أجل التعافي.
ويشير السيّد، إلى أنَّ العنف الأسري في بعض الحالات يأخذ شكل العنف الرقمي ويستخدم المعنّف التواصل الرقمي من أجل تعميق الجرح والضرر على المعنّفة، إذ يلجأ إلى فضحها عبر وسائل التواصل وتهديدها وابتزازها، ويستقطب الجمهور بينما في العنف الجسدي الخطر داخل البيت محدّد يُمكن للمرأة أن تدافع أو تهرب أو تفرض شيئاً من القيود النفسية على المعنّف، لكن في العنف الرقمي يكون الخطر أوسع والحصار أشد على المرأة، إضافة إلى أنَّ تطور والتزام الدول والجهات الفاعلة في الحدّ من العنف الأسري هو أعلى منه في العنف الرقمي.
نصائح وتوصيات
تتمحور نصائح وتوصيات المشاركين في هذا التقرير حول توعية اللاجئات السوريات من الجهل بطرق طلب المساعدة من الشرطة والقضاء والجمعيات والمنظمات التي تدافع عن حقوقهن، وتشجيعهنَ على التكلُّم مع مختصين وعدم السكوت عن معاناتهنّ مع العنف الأسري بأنواعه.
وينصح المحامي مجد الطبّاع، النساء بتقديم الشكوى للشرطة والمحكمة العائلية أو الاتصال بالرقم 155 مع وجود إثبات لديها مثل تسجيل صوتي أو مصوّر. مضيفاً: يجب أن يكون لدينا برامج توعية للرجال والنساء، فالقوّة الجسدية للرجل لا تُعطيه الصلاحية ليضربها أو يشتمها، ومن إحدى الحالات المعنّفة فقدت المرأة السمع بأذنها ففي هذه الحالة لم يعد ينفع سجنه.
من جانبه، الاختصاصي النفسي محمد السيّد، ينصح السيّدات والفتيات حال تعرّضن لعنف أسري ألا يُصدّقن شعورهنَ بأنَّهنَ يسْتَحِقْنَ هذا التعنيف، وذلك لأنَّ النساء اللواتي عمل على علاجهنّ كان يراودهنَ هذا الشعور، مع شعور طبيعي بأنَّ كلّ الطرق مغلقة وهذا الضرب قدر محتوم عليها، لذلك على المرأة أن تزرع في عقلها بأنَّ العنف ليس قدر يجب أن تستسلم إليه، بل هو ظرف يمكن التعافي منه، كذلك على الآباء تعليم أولادهم بأنَّ “العنف خط أحمر غير مقبول” مهما كان نوعه.
مواجهة العنف تبدأ بـ”نبذ المعنّفين، وعدم إعطائهم الشرعية مجتمعياً” بحجج أنَّه يعنّف بسبب ضغوطات عمله، لذلك “على المرأة ألّا تقبل أن تكون حاوية قمامة للمشاعر السلبية والتوتر للطرف الآخر”، ويُوصي السيّد، المرأة بأن تسأل وتلجأ إلى جهات متخصّصة أو أخصائيين وهم كثيرون من المراكز والجمعيات والاستجابة متعددة التخصصات “نفسية وقانونية وطبية ومالية وتدريب مهني وإيجاد مسكن”، والشرطة أحد الخيارات.
كما ينُوّه السيّد، بأنَّ صاحب القرار في التدخل في العنف الأسري هو السيّدة نفسها، مؤكداً للمرأة التي تخاف من الانفصال عن زوجها أو أهلها إذا طلبت المساعدة، بأنَّ المختص دوره إرشادها إلى الخيارات ودعمها في أيّ خيار تأخذه، والمعنّفون يعتبرون العاملين في حماية المرأة هدفهم هدم البيوت، لكن في الحقيقة لا أحد يحقّ له القرار عن الناجية من العنف بل دورهم حمايتها بأفضل طريقة ممكنة.
وفي هذا السياق، أطلقت مجموعة من منظّمات المجتمع المدني في ولاية إسطنبول حملة إنسانية تحت اسم “علّي صوتك” برعاية منظمة “صحفيون من أجل حقوق الإنسان”، والتي تقرر توقيتها تزامناً مع حملة الـ”16 يوماً” التي أقرتها الأمم المتحدة عام 1991. وانطلقت حملة العام الجاري تحت شعار “اتحدوا! نضال لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات”، مع وسم “لوّن العالم برتقالياً“.
وتقول المديرة التنفيذية في مؤسسة “إكليل الجبل” معالم عبد الرزاق لـ”صدى الشام”: إنَّ الحملة تهدف إلى “تشجيع النساء المعنفات وتحفيزهنّ من جميع النواحي نفسياً واجتماعياً واقتصادياً لعدم الصمت عن حقوقهنّ”، وكلّ جهة تقدّم خدماتها لاستمرار الحملة التي بدأت في 25 نوفمبر/تشرين الثاني وتستمر إلى العاشر من ديسمبر/كانون الأول وهو “اليوم العالمي لحقوق الإنسان”.
وتشير التقديرات العالمية من منظمة الصحة العالمية المنشورة في العام الماضي، أنَّ واحدة من كل ثلاث نساء (30%) في أنحاء العالم كافة تتعرَّض في حياتها للعنف البدني/ أو العنف الجنسي على يد العشير أو غير الشريك. وفي “اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة”، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش: “في كل 11 دقيقة، تُقتل امرأة أو فتاة على يد شريك أو أحد أفراد الأسرة (…) ضغوطات جائحة كورونا والاضطراب الاقتصادي يؤديان حتماً إلى مزيد من الإساءات الجسدية واللفظية”.
وسبق أن أطلقت تركيا تطبيقاً خاصاً لحماية المرأة من العنف المنزلي يحمل اسم “kades“ ويُمكن تحميله على أيّ هاتف محمول يعمل بنظام أندرويد أو ios عبر سوق جوجل بلاي أو أبل ستور، وهو عبارة عن زر يقوم عند ضغطه بطلب النجدة من أقرب مركز شرطة رئيسي من مكان استخدام التطبيق. كما أنشأت الحكومة مكاتب لمكافحة العنف الأسري في 25 مقاطعة تركية.
تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR“ صحفيون من أجل حقوق الإنسان
عذراً التعليقات مغلقة