كشف تقرير لمنظمة “مراسلون بلا حدود” عن ارتفاع عدد الصحفيين المعتقلين حول العالم، خاصة الصحفيات المعتقلات بارتفاع بلغت نسبته 30 في المئة مقارنة بعام 2021، وهو “رقم قياسي” وفق تعبير المنظمة الدولية.
وأشار تقرير المنظمة السنوي إلى أن الصحفيين المحتجزين تركزوا في منطقتين حول العالم، من أبرزها دول عربية، ومنها سوريا.
وباحتساب الرجال والنساء معا، يتركز ثلاثة أرباع السجناء في منطقتين من العالم إذ أوردت المنظمة أن “نحو 45 بالمئة من الصحفيين محتجزون في آسيا وأكثر من 30 بالمئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”.
كما أظهر التقرير أن العراق وسوريا واليمن كانت من بين أكثر الدول التي يتعرض لها الصحفيون للتهديد بالاختطاف.
وجاء في التقرير أنه اعتبارا من 1 ديسمبر 2022، تم احتجاز ما مجموعه 533 صحفيا “بسبب قيامهم بعملهم لا غير”، وتم اعتقال أكثر من ربعهم خلال العام.
ولفت التقرير أن منظمة “مراسلون بلا حدود” لم تسجل من قبل مثل هذا العدد الكبير من الصحفيين المسجونين.
وقالت المنظمة: “تؤكد هذه الزيادة الأخيرة في عدد الصحفيين المحتجزين (زيادة 13.4 في المئة في عام 2022، بعد ارتفاع بنسبة 20 في المئة في عام 2021) أن الأنظمة الاستبدادية أصبحت تميل أكثر فأكثر لسجن الصحفيين الذين “يضايقونها”، وفي معظم الحالات دون حتى محاكمة “ثلث الصحفيين المعتقلين فقط تمت إدانتهم، أما الآخرون (63.6 في المئة) فهم معتقلون دون محاكمة”.
ويتوزّع أكثر من نصف الصحفيين المسجونين في العالم على خمس دول هي الصين (110) وبورما (62) وإيران (47) وفيتنام (39) وبيلاروس (31).
وإيران هي الدولة الوحيدة التي انضمت إلى هذه “القائمة القاتمة” هذه السنة، وفق ما أوضحت المنظمة التي تصدر هذا التعداد السنوي منذ عام 1995.
ولا تزال الصين، حيث وصلت الرقابة إلى مستويات قصوى، أكبر دولة تسجن الصحفيين في العالم، مع ما مجموعه 110 محتجزين حاليًا.
وفي ميانمار حيث أصبحت الصحافة محظورة فعليا، كما رأينا من قبل العديد من وسائل الإعلام التي تم حظرها بعد الانقلاب العسكري في فبراير 2021 هناك 62 صحفيًا محتجزون حاليًا. في علامة أخرى على حملة قمع كبيرة، بينما أصبحت جمهورية إيران الإسلامية، مع 47 صحفيًا محتجزًا، ثالث أكبر سجين للإعلاميين في العالم بعد شهر واحد فقط من اندلاع الاحتجاجات الحاشدة.
وتوفي الصحفي والكاتب بكتاش أبتين في السجن في إيران، في يناير، بسبب نقص الرعاية الطبية، وهي طريقة غالبًا ما تستخدمها السلطات الإيرانية لإسكات الأصوات المعارضة.
أوكرانيا
إلى ذلك، تفيد الحصيلة عن ارتفاع عدد الصحفيين الذين قتلوا إلى 57، ولا سيما بسبب الحرب في أوكرانيا، بعدما سجل مستويات “متدنية تاريخيا” في 2021 (48) و2020 (50).
وأكدت “مراسلون بلا حدود”، أنّ “من بين ثمانية صحفيين قتلوا منذ بدء النزاع في أوكرانيا، هناك خمسة صحافيين أجانب”.
وأشارت المنظمة إلى أنه “تم استهداف نحو 80 بالمئة من العاملين في مجال الإعلام الذين قُتلوا في عام 2022 عن قصد بسبب مهنتهم والمواضيع الذين كانوا يعملون عليها”، مثل “الجريمة المنظمة والفساد”.
الدول العربية
لفت التقرير إلى عدة أمثلة تخص سجن صحفيين في بلدان عربية مختلفة لمجرد أدائهم لعملهم.
وضرب مثلا بالصحفي الجزائري، محمد مولوج، الذي أمضى 13 شهرا رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة بسبب طلبه إجراء مقابلة عبر رسالة نصية.
تم توجيه طلب المقابلة إلى رئيس حركة “تقرير المصير في منطقة القبائل” (MAK)، والتي تم تصنيفها على أنها منظمة “إرهابية” بعد ثلاثة أسابيع من إرسال مولوج النص.
ومع ذلك فقد استُخدمت رسالته “كدليل” على عضويته في منظمة “إرهابية”.
كما لفت نفس التقرير إلى الصحفي المصري، علاء عبد الفتاح، الذي كاد أن يموت في السجن لمحاولته جذب انتباه العالم خلال مؤتمر المناخ “COP 27” في مصر.
وفي إضراب عن الطعام منذ أبريل احتجاجًا على سجنه التعسفي منذ عام 2019، توقف المدون البريطاني-المصري عن شرب الماء لمدة ستة أيام في أوائل نوفمبر، وهي فترة طويلة أثارت قلق حقوقيين “حيث اتسمت برفض السلطات العنيد للسماح لأسرته بزيارته”.
وخلال تركيزه على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث توجد الدول العربية، قال التقرير إن الصحفيين هناك لا يزالون يواجهون مخاطر متعددة، ولا سيما في اليمن.
اليمن:
توقع التقرير أن يواجه مزيد من الصحفيين الموت خلال تغطيتهم للأحداث الجارية هناك نتيجة الحرب الأهلية التي بدأت في عام 2014.
وقال: :من المرجح أن يُقتلوا أثناء تغطيتهم للاشتباكات بين التحالف العربي والمتمردين الحوثيين.
إجمالاً، قُتل ثلاثة صحفيين، في عام 2022، وسط مناخ متزايد من الخوف الذي يثني وسائل الإعلام عن القيام بعملهم.
سوريا:
التقرير تطرق بعدها إلى سوريا، وقال إنه “حتى لو خفت حدة الحرب هناك، فإنها لا تزال تلقي بظلالها على الإعلاميين”.
وكشف أنه تم قُتل صحفيين اثنين أثناء تغطيتهما الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة وتنظيم “داعش”، فيما قُتل آخر الضحايا، وهو عصام عبد الله، مراسل وكالة أنباء (أحنا) في كردستان سوريا، في إحدى الغارات الجوية التي شنتها تركيا على الجماعات الكردية في شمال سوريا، والعراق.
الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
أثبت الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مرة أخرى أنه سبب لمقتل العديد من الصحفيين في عام 2022.
وقُتل صحفيان فلسطينيان، بينهما شيرين أبو عقلة، مراسلة الجزيرة المعروفة.
وعلى الرغم من أن العديد من التحقيقات المستقلة خلصت إلى أن الجيش الإسرائيلي أطلق عليها النار عمدا على الرغم من تعريفها بوضوح كصحفية، رفض الجيش الإسرائيلي حتى الآن قبول اللوم وتحديد الشخص المسؤول.
نساء صحفيات مسجونات
لفتت المنظمة ضمن هذا التعداد العالمي إلى عدد غير مسبوق من النساء المسجونات بلغ 78 مقابل 60 العام الماضي.
وأوضحت أن “النساء الصحفيات يمثلن الآن حوالي 15 في المئة من المسجونين بالمقارنة مع أقل من 7 في المئة قبل خمس سنوات”.
ولفت التقرير إلى أن النساء يبرزن في الصفوف الأمامية في إيران التي اهتزت منذ منتصف سبتمبر 2022 بموجة من الاحتجاجات على نطاق نادرًا ما شوهدت منذ الثورة الإسلامية عام 1979.
وتحتجز إيران وحدها 18 صحفية، في حين تم اعتقال ثلاث منهن، بمن فيهن الفائزة بجائزة الشجاعة لعام 2022، نرجس محمدي، منذ ما قبل بدء الاحتجاجات، وسُجنت 15 بعد اندلاعها بسبب وفاة مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاما، وهي شابة كردية إيرانية اعتقلت من قبل شرطة الآداب لارتكابها جنحة ارتداء “ملابس غير لائقة”.
وكشف التقرير كذلك أن ما لا يقل عن 65 من الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام محتجزون كرهائن في جميع أنحاء العالم.
العدد الإجمالي للرهائن هو ذاته الذي تم تسجيله العام الماضي، وفق التقرير الذي أضاف أن “جميع الرهائن محتجزون في ثلاث دول في الشرق الأوسط، باستثناء أوليفييه دوبوا، الصحفي الفرنسي المحتجز كرهينة في منطقة الساحل (مالي).
وهناك واحد من أربعة صحفيين أجانب ما زالوا محتجزين كرهائن في جميع أنحاء العالم.
Sorry Comments are closed