قبل أقلّ من 3 أسابيع من دويّ صفّارة بدء مونديال قطر في كرة القدم، أطلق المؤلّف الموسيقي الأمريكي-السوري مالك جندلي من الدوحة سيمفونية “وردة الصحراء”، لتكون “رسالة سلام” إلى العالم وإرثاً موسيقياً لكأس العالم.
الألبوم الذي استغرق إنجازه ستّ سنوات، استقى اسمه من حجر يتكوّن في الصحراء على مرّ آلاف السنين ليتّخذ شكلاً أشبه ببتلات وردة يطلق عليها اسم “وردة الصحراء”.
إطلاق الألبوم جرى في حفلتين استضافهما متحف قطر الوطني في الدوحة ليلتي الأحد والاثنين، وعزفت خلالهما أوركسترا قطر الفيلهارمونية بقيادة المايسترو الأميركي أليستير ويليس سيمفونية “وردة الصحراء”.
من المتحف الذي صمّم مبناه المهندس المعماري الفرنسي الشهير جان نوفيل على شكل “وردة الصحراء”، يقول جندلي لوكالة فرانس برس “نحتفل اليوم بإطلاق سيمفونية دولية تحتفي بتراثنا وبثقافتنا على المسرح الدولي”.
“موسيقى البحر والبرّ”
ويوضح أنّ هذه السيمفونية “تحتفل بموسيقى البحر في قطر، حيث اعتادوا البحث عن اللؤلؤ في مياه الخليج الفيروزية، وبموسيقى الأرض، حيث كان طريق الحرير يمرّ عبر هذه الأرض الجميلة”.
وجندلي (50 عاماً) الذي طارت شهرته بفضل مزجه بين الموسيقى الكلاسيكية الغربية والأنغام والمقامات العربية، يقول إنّ سيمفونيته الجديدة تشكل “مساهمة في الموسيقى الكلاسيكية الغربية من خلال مقاماتنا العربية الجميلة ومفرداتنا وإيقاعاتنا”.
وبالنسبة لهذا الناشط من أجل السلام، فإنّ “هذه سيمفونية من الناس إلى الناس ومن أجل الناس. إنّها سيمفونية للسلام، تستخدم تراثنا العربي والإسلامي الذي يمثّل رسالتنا العالمية للسلام”.
وجندلي الذي منحته مؤسسة كارنيغي للسلام وسام “المهاجر العظيم”، هو صاحب أغنية “وطني أنا” التي كانت في بدايات الحرب في بلده الأم بمثابة نشيد للثورة السورية.
وتعلّم جندلي عزف البيانو منذ نعومة أظافره، وقد أسّس في مدينة أتلانتا الأمريكية “بيانوهات من أجل السلام”، وهي منظمة غير ربحية تُعنى بنشر السلام من خلال الفن والتعليم.
ويوضح جندلي لوكالة فرانس برس أنّه استلهم نتاجه الموسيقي الجديد من التراث القطري والعربي والإسلامي، إذ اقتبس أنغاماً إسلامية كالأدعية ونداء المسحّراتي، ومزجَ “ألحاناً من موسيقى البحر والبرّ في قطر، ومن أغاني الأطفال والنساء”.
ويضيف ابن مدينة حمص السورية أنّ تسجيل السيمفونية أُنجز في فيينا، “عاصمة الموسيقى الغربية” حيث عزفتها أوركسترا بقيادة المايسترا الشهيرة مارين ألسوب، “وهي امرأة. هذه رسالة أخرى تقول: “نحن نحترم النساء ونريدهنّ أن يكنّ جزءاً من مجتمعنا+”.
“أقوى رسالة بأقوى لغة”
وعن استضافة قطر العرس الكروي العالمي، يقول جندلي “لا يسعني أن أكون أكثر فخراً بأنّ كأس العالم في كرة القدم يجري هنا، على هذه الأرض، وبأنّي أطلق هذا الألبوم قبل أيام فقط من المونديال”.
ويضيف الناشط من أجل السلام “نحن اليوم نرسل أقوى رسالة بأقوى لغة، لغة الموسيقى العالمية، نقول للعالم بأسره +نحن جزء منكم، أنتم جميعا موضع ترحيب هنا”.
وبالنسبة إلى جندلي، فإنّ الموسيقى، على غرار كرة القدم، “توحّد الناس. والقوة الناعمة للفن، ولا سيّما الموسيقى، لديها هذا السحر لتجمع كلّ الناس، مهما كانت اختلافاتهم”.
ويقول “الحياة مثل سيمفونية: ليس كل عازف يؤدّي اللحن أو الإيقاع عينهما، الجميع يؤدّون، أحياناً يكونون متناقضين، لكن في النهاية، يكون كل شيء متناغماً وجميلاً، يكون سيمفونية حقيقية، وهذه هي الحياة”.
وقد حضرت الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، عرض السيمفونية والاحتفالات بالذكرى السنوية، وكذلك سفراء العديد من الدول التي تشاركت مع برنامج الأعوام الثقافية منذ إنشائه في عام 2012، بما في ذلك اليابان (2012)، المملكة المتحدة (2013)، البرازيل (2014)، تركيا (2015)، الصين (2016)، ألمانيا (2017)، روسيا (2018)، الهند (2019)، فرنسا (2020)، الولايات المتحدة الأمريكية (2021)، ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا 2022 هذا العام، وبلدان أخرى.
وقالت سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني في كلمة لها بالمناسبة أمام الحضور: “عندما نالت دولة قطر حق استضافة بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، وضعنا خطة لمبادرة الأعوام الثقافية ترمي إلى جلب العالم إلى قلب قطر ورسم اسم البلد في قلوب كل البشر، ومنذ ذلك الحين، اشتركنا في كل عام مع بلد آخر في برنامج بعيد الأثر للتبادل الثقافي الثنائي”.
وقالت السيدة عائشة غانم العطية، مدير إدارة الدبلوماسية الثقافية في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن حفل الليلة، هو احتفاء بمرور 10 أعوام على مبادرة الأعوام الثقافية التي تستند على فكرة أنه عندما تتلاقى الثقافات، نتمكن من ابتكار كل ما هو مذهل.
وعن مغزى الاحتفاء بسيمفونية /وردة الصحراء/ في متحف قطر الوطني الذي استوحى المصمم الفرنسي جان نوفيل تصميمه من هذه الأعجوبة الطبيعية “وردة الصحراء”، أكدت عائشة العطية، أن مالك جندلي تمكن من نسج لوحة موسيقية ساحرة بألحان شرق أوسطية أصيلة تكرم تراثه السوري وتحفظه، وأيضا تراثنا القطري الغني .
من جهتها، تقول الجازي الخيارين، المسؤولة في متاحف قطر، الهيئة التي نظّمت هذا الحدث، “نحن نعمل على جمع ثقافات مختلفة وأناس مختلفين لكي يتعارفوا، وأيضاً لتعريف العالم على قطر”.
وتضيف الشابة القطرية العاملة في مجال تعزيز الأنشطة التراثية “هذه فرصة رائعة للمساهمة في تعزيز مبادرتنا الخاصة بالأعوام الثقافية، لإبراز ثقافتنا القطرية وتاريخنا وفنوننا ورياضاتنا، ولإبراز كلّ هذا للعالم”.
و”الأعوام الثقافية” التي تنظّمها “متاحف قطر” هي مبادرة “تتيح أيضاً للعالم أن يعرض ما لديه. وبعد ذلك يمكننا بناء جسر بين بلداننا، بين قطر والعالم”.
وبرأي الشابة القطرية فإنّ سيمفونية وردة الصحراء “هي بمثابة إرث ثقافي لنا، هذه السيمفونية هي إرث كأس العالم في قطر”.
Sorry Comments are closed