أدرجت الولايات المتحدة الأميركية سوريا كواحدة من 11 دولة لديها أكثر الانتهاكات في مجال الاتجار بالبشر، وخاصة تجنيد الأطفال.
وقد وثّق تقرير الاتجار بالبشر الذي قدمته وزارة الخارجية الأمريكية، للكونغرس في إطار قانون حماية ضحايا تهريب البشر، ممارسات تنظيمات تنظيم داعش والمليشيات الكردية والمليشيات الإرهابية المدعومة إيرانيًا بشأن تجنيد أطفال خلال الاشتباكات الدائرة في سوريا والعراق.
وأضاف أن “مصادر تفيد بضم مليشيات حزب العمال الكردستاني وذراعه في سوريا، مليشيا وحدات حماية الشعب الكردية، عشرات الأطفال واقتيادهم إلى معسكرات التدريب في جبال قنديل على الحدود التركية الإيرانية العراقية، وإجبارهم على حمل السلاح بهدف إعدادهم للاشتباكات.
وأوضح التقرير أن المليشيات المذكورة تواصل منذ عام 2017 تجنيد الأطفال قسراً في مخيمات اللجوء شمال شرقي سوريا.
نظام الأسد مارس الاتجار بالبشر بشكل روتيني
ونقل موقع “تلفزيون سوريا” المعارض ما قالت الخارجية الأمريكية، بأنه خلال الفترة المشمولة بالتقرير “هناك سياسة حكومية، أو نمطاً للاتجار بالبشر وتجنيد الأطفال”، مضيفاً أن نظام الأسد “ساهم في تعريض السوريين لخطر الاتجار بالبشر، وارتكب هذه الجريمة بشكل روتيني”.
وأكد التقرير على أن حكومة النظام “لا تفي بشكل كامل بالمعايير الدنيا للقضاء على الاتجار بالبشر”، مشيراً إلى أنه “حتى مع الأخذ بعين الاعتبار تأثير جائحة كورونا على قدرة النظام بمكافحة الاتجار بالبشر، إن وجدت، إلا أنه لم يبذل جهوداً كافية للقيام بذلك، ما جعل سوريا تبقى في المستوى الثالث ضمن التصنيف الأمريكي”.
وفصّل التقرير ممارسات النظام السوري للاتجار بالبشر على الشكل الآتي، وفق موقع “تلفزيون سوريا” حيث: ساهمت تصرفات النظام بشكل مباشر في تعريض السوريين للاتجار بالبشر، واستمر في ارتكاب جرائم الاتجار بالبشر بشكل روتيني.
لم يحاسب النظام السوري أياً من المتّجرين بالبشر، بمن فيهم المسؤولون الحكوميون المتواطئون، ولم يحدد أو يحمي أياً من ضحايا الاتجار بالبشر وتجنيد الأطفال.
أدى وباء “كورونا” والوضع الأمني والقيود التي فرضها على حرية التنقل والصحافة والوصول إلى الإنترنت إلى تقييد التقارير، بما في ذلك التواطؤ الرسمي في جرائم الاتجار بالبشر وجرائم تجنيد الأطفال.
واصل النظام السوري اعتقال واحتجاز وإساءة معاملة ضحايا الاتجار بالبشر، بمن فيهم الجنود الأطفال، ومعاقبتهم على أفعال غير قانونية أجبرهم المتّجرون على ارتكابها.
استغل نظام الأسد الشبّان السوريين في العمل الإجباري خلال خدمتهم العسكرية الإلزامية، من خلال إجبارهم على الخدمة إلى أجل غير مسمى أو لفترات تعسفية.
لم يقم النظام بتسريح معظم الأفراد من الخدمة الإلزامية بعد انتهاء فترتهم، وبدلاً من ذلك، أجبر مسؤولو النظام الشبان السوريين على الخدمة إلى أجل غير مسمى تحت التهديد بالاعتقال أو التعذيب أو الانتقام الأسري أو الموت.
انتهاكات واسعة يتعرض لها الأطفال
كما فصّل التقرير الانتهاكات الواسعة التي يتعرض لها الأطفال، إلى جانب البالغين، في مختلف أشكال الاتجار بالبشر، منها: لم يحمِ النظام السوري الأطفال من التجنيد القسري، واستخدامهم كجنود وفي أدوار داعمة من قبل جيش النظام والميليشيات المسلحة الداعمة له.
في فترات التقارير السابقة، قام النظام السوري والميليشيات الموالية له بتجنيد الأطفال قسراً واستخدامهم في النزاع المسلح، مما أدى إلى تعرضهم للعنف الشديد، والانتقام من قبل الأطراف المتحاربة الأخرى.
على الرغم من هذه التقارير، لم يبلغ النظام عن أي جهود لنزع سلاح الأطفال وتسريحهم وإعادة دمجهم، كما أنه لم يبلغ عن التحقيق مع المسؤولين المتواطئين في تجنيد الأطفال واستخدامهم كجنود أو مقاضاتهم أو إدانتهم.
كما واصلت الميليشيات الموالية للنظام السوري تجنيد الأطفال واستخدامهم بالقوة، خلال الفترة المشمولة بالتقرير، كما لم تقم الحكومة بحماية الأطفال ومنعهم من التجنيد والاستخدام من قبل قوات المعارضة المسلحة والمنظمات المدرجة على لائحة الإرهاب.
واصل النظام السوري معاقبة الضحايا بشدة على الجرائم التي أجبرهم المُتجِرون على ارتكابها، مثل تجنيد الأطفال والبغاء.
اعتقل النظام السوري بشكل روتيني الأطفال، واحتجزهم واغتصبهم وعذّبهم وأعدمهم، بزعم ارتباطهم بمعارضين سياسيين وجماعات مسلحة ومنظمات إرهابية، ولم يبذل أي جهد لتقديم أي خدمات حماية لهؤلاء الأطفال.
خلال الفترة المشمولة بالتقرير، استمرت التقارير المنفردة عن قيام النظام السوري باحتجاز النساء والأطفال، بما في ذلك الأطفال غير المصحوبين، في جميع أرجاء سوريا، للاشتباه في وجود روابط عائلية بمقاتلي “تنظيم الدولة” الأجانب.
لم يشجع النظام ضحايا الاتجار على المساهمة في التحقيقات أو الملاحقات القضائية للمتجرين بهم، ولم يقدم للضحايا الأجانب بدائل قانونية لإبعادهم إلى بلدان قد يواجهون فيها مشقة أو عقوبة.
أكدت مصادر موثوقة على نطاق واسع بأن ميليشيا “الحرس الثوري” الإيراني وميليشيا “الباسيج” والميليشيات المدعومة منهما جندت واستخدمت بنشاط الأطفال الأفغان الذين يعيشون في إيران، والأطفال السوريين، والأطفال الإيرانيين، للقتال في الميليشيات الشيعية التي يقودها ويمولها “الحرس الثوري” في سوريا.
جنّدت الميليشيات المسلحة التي تقاتل إلى جانب النظام السوري، مثل “حزب الله” وميليشيا “الدفاع الوطني”، الأطفال قسراً حتى سن ست سنوات.
خلال فترات التقارير السابقة، أشارت تقارير إلى قيام الميليشيات المسلحة باختطاف أو تجنيد الأطفال لاستخدامهم في الأعمال العدائية خارج سوريا، لا سيما في ليبيا.
قسد تستخدم الأطفال كجنود في سوريا والعراق
وأشار التقرير إلى أن “قوات سوريا الديمقراطية” و”وحدات حماية الشعب”، تجند الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 12 عاماً، في شمال شرقي سوريا، وتدربهم وتستخدمهم كجنود للقتال في سوريا والعراق.
ووفق التقرير، الذي ترجمه موقع “تلفزيون سوريا” فإنه منذ العام 2017، أفاد مراقبون دوليون أن “قسد” تجنّد الأطفال في مخيمات النزوح في شمال شرقي سوريا بالقوة.
وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، بقيت آلاف النساء الأجنبيات في مخيمات شمال شرقي سوريا، وكان لدى بعضهن صلات عائلية بمقاتلين أجانب من “تنظيم الدولة”، قد يكون بعض هؤلاء النساء المحتجزات ضحايا اتجار مجهولي الهوية.
وأوضح التقرير أن 527 طفلاً على الأقل، في مخيمات شمال شرقي سوريا، بما في ذلك مخيم الهول، كانوا من ضحايا الاتجار بالبشر، وتم استخدامهم في الأعمال العدائية المباشرة، أو في أدوار الدعم من قبل الميليشيات المسلحة.
عبودية جنسية وعمل قسري وانتهاكات أخرى يتعرض لها النازحون
وعن النازحين السوريين، قال التقرير إن النازحين داخل البلاد، وأولئك الذين يعيشون في البلدان المجاورة معرضون بشدة للمتاجرين بالبشر، وتفيد التقارير بأن الأطفال السوريين معرضون للزواج المبكر القسري، بما في ذلك من الميليشيات الموالية للنظام والجماعات المصنفة على لائحة الإرهاب مثل “تنظيم الدولة”.
وأوضح التقرير أن تلك الممارسات تؤدي إلى العبودية الجنسية والعمل القسري، مشيراً إلى أن الأطفال النازحين داخل البلاد يتعرضون للعمل القسري، لا سيما من خلال حلقات التسوّل المنظمة.
وتستغل الميليشيات المسلحة وأفراد المجتمع والعصابات الإجرامية النساء والفتيات والفتيان في سوريا، لا سيما الفئات المحرومة، مثل النازحين داخلياً والأفراد ذوي الإعاقة، في الاتجار بالجنس مقابل الغذاء أو المال.
وأشار التقرير إلى أن المتّجرين يخضعون عاملات المنازل الأجنبيات من دول جنوب شرقي آسيا، مثل إندونيسيا والفلبين، للعمل القسري في سوريا، وفي عدة حالات، قام المتجرون، بشكل احتيالي، بتجنيد عاملات منازل فلبينيات للعمل في الإمارات العربية المتحدة قبل نقلهن إلى سوريا، حيث يتم استغلالهن في العمل الإجباري.
اللاجئون السوريون يتعرضون للاستغلال والاتجار بالجنس
وعن اللاجئين السوريين في دول الجوار، قال التقرير إنهم معرضون بشدة للاتجار بالجنس والعمل القسري، لا سيما في الأردن ولبنان والعراق وتركيا، في حين تؤكد تقارير عدة أن النظام السوري “خدع، وربما أجبر، اللاجئين على العودة إلى الخدمة العسكرية”.
وتفيد المنظمات الدولية بوجود عدد كبير من حالات زواج الأطفال والزواج المبكر للفتيات السوريات بين اللاجئين، مما يزيد من تعرضهم للاتجار، كما تتعرض النساء والفتيات السوريات، في مخيمات اللاجئين بلبنان والأردن وكردستان العراق، للزواج القسري أو المؤقت، بغرض ممارسة الجنس التجاري وغيره من أشكال الاستغلال، وأشكال أخرى من الاتجار بالجنس.
وتجبر حلقات تجارة الجنس في تركيا ولبنان النساء والفتيات السوريات اللاجئات على الاتجار بالجنس، حيث ورد أن بعض اللاجئات السوريات يتم استغلالهن في تجارة الجنس أو العمالة بعد قبول عروض عمل احتيالية للعمل في صالونات تصفيف الشعر أو عروض الأزياء أو الترفيه أو العمل المنزلي.
وأفادت منظمات غير حكومية أن الأولاد السوريين، وخاصة الأولاد غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم، كانوا عرضة للاتجار الجنسي مقابل كلفة تهريبهم عبر الحدود إلى تركيا ووجهات أخرى.
وفي تركيا ولبنان والأردن، يواصل استغلال الأطفال السوريين اللاجئين بالتسول في الشوارع أو بيع البضائع، وقد يُجبر بعضهم أو يُكره على ذلك.
وفي تركيا، يتم استغلال الأطفال السوريين للعمل في القطاع الزراعي وفي ورش النسيج وقطاع الخدمات، حيث يواجهون ساعات عمل طويلة وأجوراً منخفضة وظروف عمل سيئة، في حين يجبر المُتجِرون في الأردن ولبنان اللاجئين السوريين البالغين والأطفال على العمل في الزراعة في ظل ظروف قاسية، بما في ذلك الاعتداء الجسدي، بأجر ضئيل أو بدون أجر.
وكانت منظمة “أنقذوا الأطفال” الدولية (Save the Children)، أوضحت أنه في العام 2020 كان يعيش نحو 337 مليون طفل في مناطق تسيطر عليها مجموعات مسلحة أو قوات حكومية تقوم بتجنيد الأطفال، وهذا الرقم يعادل 3 أضعاف ما كان عليه عام 1990
وأضافت المنظمة في تقريرها، أن في العام 2021، عاش نحو 426 مليون طفل في مناطق الصراع، منهم نحو 200 مليون، بمناطق الصراعات والاشتباكات العنيفة، بزيادة 20% عن أرقام العام 2020
وتعد أفغانستان وجنوب السودان والعراق والكونغو ومالي ونيجيريا وإفريقيا الوسطى والصومال والسودان وسوريا واليمن، أخطر البلدان التي يعيش بها الأطفال؛ إذ ارتفع منذ عام 2010، عدد الأطفال في مناطق الصراعات بنسبة 34%، والجرائم ضد الأطفال بنسبة 170%، بحسب التقرير ذاته
وفي وقتٍ سابق، أعلن الموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”، أن آلاف الأطفال بمختلف مناطق الصراعات والاشتباكات حول العالم تعرضوا لأضرار بالغة ودفعوا أثمان باهظة
وأكد ارتكاب انتهاكات جسيمة بحق الأطفال، بلغ عددها 266 ألفا في أكثر من 30 صراعا في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، على مدار الـ 16 عامًا الماضية
Sorry Comments are closed