مسار اللجنة الدستورية: عملية تصفية ممنهجة لقضية الثورة السورية

عائشة صبري19 يوليو 2022آخر تحديث :
عقدت اللجنة الدستورية السورية أربع جولات سابقة لم تحرز أي تقدم بسبب تعطيل وفد نظام الأسد لأعمالها – أرشيف

آرام – عائشة صبري

ينظر معظم السوريين لمسار “اللجنة الدستورية” على أنَّها انتهت منذ زمن، وجاء إعلان المبعوث الأممي غير بيدرسون تجميد اجتماعها التاسع إلى أجل غير مسمّى، كتأكيد على انتهاء مهمتها التي تخدم نظام الأسد وروسيا في المماطلة بإيجاد حل سياسي ينهي مأساة الشعب السوري.

جدلٌ أثير أول أمس السبت، حول استخدام وفد المعارضة السورية في اللجنة الدستورية، برئاسة هادي البحرة، مصطلح “وفد حكومة الجمهورية العربية السورية”، حيث اعتبرته فئة من السياسيين السوريين تنازلاً صريحاً لصالح نظام الأسد يتوجب الاعتذار عنه، بينما برّر آخرون بأنَّه الاسم المعتمد في اللوائح الناظمة لعمل اللجنة الدستورية.

وحسبما رصدت شبكة “آرام” فإنَّ عدداً من الآراء يتمحور حول وضع إشارتي اقتباس عند تسمية وفد النظام في تصريح “اللجنة الدستورية” التي نقلت الوصف عن خطاب المبعوث الأممي، وليست توصيف من اللجنة، فضلاً عن كون من يشغل مقعد الدولة السورية في الأمم المتحدة وممثل قانوني لها بالتزاماتها كدولة هو النظام. ما دفع البعض للتساؤل: هل أعضاء وفد المعارضة يتعاطون مع الأمور وكأنَّهم صحفيون مستقلون!.

وهنا يقول الباحث في مركز “جسور” للدارسات عبد الوهاب عاصي لشبكة “آرام”: إنَّ تصريح وفد المعارضة تجنّب ذكر نظام الأسد في بقية الفقرات الواردة في بيانه الأخير، حتى لجأ لصيغة التعميم بالحديث عن الأطراف، وهذا الأسلوب المحايد تستخدمه الصحافة والمؤسسات البحثية والقانونية وليس جهة تمثيل للثورة السورية.

مزيداً من التنازلات للمعارضة

يرى عاصي، أنَّ ‏هذا التعبير من وفد المعارضة، ليس مجرد سقطة، بل هو مزيد من التنازلات غير المنتهية، والتي يبدو وصلت لمرحلة الاعتراف بشرعية وسيادة النظام وحكومته وسلطته، لذلك المعارضة مطالبة بإعادة صياغة وتقديم خطابها بما يتناسب مع ممثلي قوى الثورة، مشيراً إلى أنَّ الخطاب المحايد والمنكفئ هو أقرب ليكون محابياً للسلطة -أيّاً كانت موالاة أو معارضة- وأبعد ما يكون عن الشعب.

وفي ذات السياق، يعتقد الباحث في مركز “مشارق ومغارب” للدراسات، عباس شريفة، أنَّ عمل اللجنة الدستورية تحوَّل إلى “مهزلة سياسية” بكلّ المقاييس، وغدا المسار هو عملية تصفية ممنهجة للقضية السورية عبر الخضوع لرغبات النظام والضغوطات الروسية لحصد المزيد من التنازلات وتفريغ اللجنة من مضمونها.

وفي حديثه لـ”آرام”، يرى شريفة، أنَّ وصف وفد النظام بـ”وفد الجمهورية العربية السورية” هو إفراغ للمعارضة من محتواها بحيث أنَّها باتت تعترف بوفد النظام كوفد ممثل لـ”الجمهورية العربية السورية”، وهو ما ينفي الشرعية عنها بتمثيل الشعب السوري.

ويضيف، أنَّ وفد المعارضة طالما أنَّه يعترف بالنظام ممثلاً سياسياً شرعياً للشعب الشوري، وإن كان هذا الخطاب هو ضمن محددات الخطاب المتفق عليه مع النظام في اللجنة الدستورية، فهو “أسوء بكثير”.

بدوره يؤكد المحلل السياسي في الشمال السوري، مازن الموسى، لـ”آرام”، أنَّ البيانات التي تصدر عن “هيئة التفاوض السورية – اللجنة الدستورية” لا تحظى باحترام جمهور المعارضة الذي يفترض أنَّها تمثله، وفي بيانها الأخير وردت بعض العبارات التي تثير الريبة والشكوك لاسيما مع وصفهم لوفد النظام بوفد “حكومة الجمهورية العربية السورية”.

ويتابع الموسى، أنَّ الاستمرار في هذه “اللقاءات العبثية” التي تحصل كل فترة ضمن اللجنة الدستورية، يُثبت مجدداً أنَّ قرار الطرفين (النظام والمعارضة)، ليس في يدهما وأنَّهما ينفذان تعليمات دولية (روسية-تركية).

وبالتالي، فإنَّ الحديث عن كون اللجنة الدستورية (سورية-سورية) ليس صحيحاً، حسب الموسى، وهذا ما أثبته وفد النظام عندما استجاب للتعليمات الروسية بضرورة نقل مكان اللقاءات من العاصمة السويسرية جنيف إلى دولة أخرى حيث ربطت روسيا ذلك بالحرب الروسية_الأوكرانية.

وبرأي الموسى، فإنَّ أفضل قرار يتخذه المبعوث الدولي بيدرسون هو إيقاف هذه “المهزلة” نهائياً، وتقديم إحاطة شفافة وصريحة يوضح فيها الطرف المعطل والضغوط الدولية الروسية التي تحول دون تنفيذ القرار الأممي 2254، كما يتوجب على وفد المعارضة التوقف عن المشاركة في تلك اللقاءات المشبوهة التي أفقدت العملية التفاوضية المصداقية الكاملة.

مسار الدستورية ينازع

المحلل السياسي عبادة عبيد يقول لـ”آرام”: إنَّ ما ورد في التصريح الصحفي لوفد المعارضة من وصف لعصابة دمشق الحاكمة، لا يوجد له مبرر سوى الاعتذار المعنوي للشعب السوري، وإصدار الوفد لبيان رسمي يطالب المبعوث بيدرسون بالالتزام بالوصف الرسمي الذي تستخدمه الأمم المتحدة في وثائقها، مع تقديم استقالاتهم احتراماً لتضحيات هذا الشعب.

وفي ذات الصدد، يؤكد الصحفي والكاتب محي الدين اللاذقاني، على أنَّ الشعب السوري يستحق اعتذاراً من وفد المعارضة، الذي يستحق أعضائه المحاكمة وليس النقد فقط في حال استمروا في هذا النهج المضلل الذي يسرون عليه.

ويُجمل اللاذقاني قوله لـ”آرام”: إنَّ مناقشة تسمية عابرة مزعجة هو “مضيعة للوقت”، وذلك لأنَّ اللجنة الدستورية باتت في خبر كان، فقد خلقها الروس لأغراض معروفة واليوم يريد الروس دفنها، وبالتالي، فإنَّ رئيس الوفد هادي البحرة مطالب بالكف عن التلاعب بالألفاظ والإقرار بالأمر الواقع الذي يدل على “فشل مسار الدستورية الذي ينازع مهما قاتل في الدفاع عن ضرورته وحيثياته”.

يشار إلى أنَّ “تيار الإصلاح – الائتلاف الوطني السوري”، تحدث عن قرارات سابقة للأمم المتحدة ومجلس الأمن تستخدم صيغة “النظام السوري”، ونشرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 19 كانون الأول 2016 بياناً حول حالة حقوق الإنسان في سوريا، وتكرر ذلك في قرارات أخرى.

واعتبر التيار الذي تشكل من أعضاء تم فصلهم من الائتلاف خلال ما يسمّى إصلاح الائتلاف، أنَّ محاولة وفد المعارضة التذرع بـ”استخدام اقتباس من رسالة المبعوث الخاص”، إنَّما هي لإخفاء محتوى بياناته وتصريحاته التي تتجنب إلقاء اللَّوم على النظام ووصفه بأنَّه نظام مجرم وقاتل وعدو للشعب، كونه يمثل “وفد قوى الثورة والمعارضة”.

https://t.me/etilafupdate/307

المصدر آرام
التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل