أصبح اللاجئون السوريون في تركيا أداة سياسية تستعمل في معارك الساسة والأحزاب للفوز بأصوات الناخبين. بينما تلقي الأزمة الاقتصادية بظلالها على الانتخابات الرئاسية المقررة السنة المقبلة، تلعب الأحزاب التركية بورقة إعادة السوريين إلى وطنهم الذي مزقته الحرب.
استقر ملايين السوريين في تركيا المجاورة لبلدهم منذ عام 2012. وقدم الاتفاق التركي مع الاتحاد الأوروبي العائد لعام 2016 لأنقرة محفزات مادية لاستقبالهم، بعد أن امتنعت بعض الدول الأعضاء ضمن الاتحاد عن استضافة أعداد كبيرة من المهاجرين من الشرق الأوسط.
انخفاض قيمة الليرة إلى أدنى مستوياتها التاريخية ووصول معدل التضخم السنوي إلى ما يناهز 70 في المائة، وهو ما تفاقم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، تسبب في دفع مسألة اللاجئين السوريين إلى حلبة الجدال السياسي قبل الانتخابات التركية العام القادم.
عودة “طوعية”؟
حسب تصريحات خبراء لوكالة الأنباء الفرنسية، فإن 3.7 مليون لاجئ سوري في تركيا ليس لديهم الرغبة في العودة إلى ديارهم وأن خطط إعادتهم إلى سوريا لن تكون مجدية.
يريد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يتولى السلطة منذ عام 2003 ويعمل اليوم للفوز بانتخابات حزيران/يونيو 2023، تشجيع عودة اللاجئين السوريين “بشكل طوعي”، متعهداً ببناء المزيد من البنى التحتية في المناطق داخل سوريا التي تنشر فيها أنقرة قواتها منذ عام 2016.
وقد بنت تركيا بالفعل آلاف المنازل في منطقة إدلب آخر معقل للمعارضة في شمال غرب سوريا لتسهيل عودة السوريين إلى “مناطق آمنة” على طول الحدود. وفي الوقت نفسه، تعهد الرئيس التركي “بحماية الذين فروا من الحرب ولجأوا إلى بلادنا”، رافضاً إلقاءهم في “حضن القتلة”.
اتهامات المعارضة حول “التجنيس مقابل التصويت”
وتتعارض أفكار أردوغان مع أفكار حزب الشعب الجمهوري المعارض المتطرفة بحق السوريين، حيث وعد زعيمه كمال كيليجدار أوغلو، بإعادة السوريين إذا تم انتخابه في عام 2023. واتهم كيليجدار أوغلو، الرئيس الحالي أردوغان بالسعي إلى “تجنيس اللاجئين مقابل تصويتهم”. كما ندد حزب النصر اليميني المتطرف بـ “الغزو الصامت” من قبل المهاجرين. كما يتهم بعض الأتراك السوريين بـ “سرقة وظائفهم” أو “والتسبب برفع الإيجارات”.
من جهته، قال عمر كادكوي، باحث في مركز أبحاث TEPAV ومقره أنقرة إنه إلى حدود الآن “لم يكشف أحد عن آلية إعادة السوريين إلى وطنهم”. وأضاف كادكوي أن “خطة العودة الطوعية التي تقودها أنقرة ستستغرق بعض الوقت”، وشكك في شرعية البناء التركي على الأراضي السورية متسائلاً: “على أرض من تبني هذه المساكن؟”، مؤكداً أن التنفيذ السريع للخطة يبدو “غير واقعي للغاية”.
الوضع يزداد تعقيداً
وقال مراد أردوغان، مدير مركز أبحاث الهجرة بجامعة أنقرة، في تصريح لوكالة فرانس برس، إن “العودة الجماعية إلى سوريا غير واردة في الوقت الحالي، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن أنقرة ونظام بشار الأسد لا يستطيعان التوصل إلى اتفاق حتى تغادر تركيا المناطق التي تحتلها”، مضيفاً أن “المنطقة الآمنة في إدلب مكتظة حالياً، بإمكانها إيواء مليون شخص، بينما يقطنها الآن أربعة ملايين”.
المحلل أردوغان صرح لوكالة فرانس برس بأن “تركيا تستضيف أكثر من خمسة ملايين لاجئ، وهو ما وصفه بأنه “تحد كبير” لشعبها. وقال: “إنهم يدركون الآن أن اللاجئين سيبقون لأنهم لا يريدون العودة، خاصة بعد تصاعد التوترات منذ جائحة كوفيد والأزمة الاقتصادية”.
وأضاف المتحدث موضحاً أن “واحد في المائة فقط من اللاجئين السوريين يعيشون في مخيمات، بينما استقرت الغالبية العظمى منهم واندمجت في المجتمع التركي منذ عام 2012”.
التضامن الدولي مع اللاجئين السوريين بدأ بالتراجع بعد 11 عاماً من الحرب الأهلية. وتعهد المانحون بتقديم 6.7 مليار دولار (6.4 مليار يورو) لسوريا في مؤتمر عقد في بروكسل، أي أقل بكثير من 10.5 مليار دولار التي سعت الأمم المتحدة للحصول عليها.
وأعلنت روسيا، الحليف الرئيسي لبشار الأسد، أنها ستعارض تجديد قرار للأمم المتحدة في يوليو / تموز يأذن بمرور المساعدات الإنسانية عبر تركيا.
عذراً التعليقات مغلقة