شكّل الاجتماع الاعتيادي للمجموعة المصغرة لأصدقاء الشعب السوري مناسبة للكثيرين من أجل التعويل على إعادة الفاعلية للمجموعة التي فقدت زخمها منذ العام 2015.
الاجتماع الذي عُقد في واشنطن يوم 3 آذار/مارس 2022، حضره ممثلون عن الجامعة العربية، ومصر، والاتحاد الأوروبي، وفرنسا، وألمانيا، والعراق، وقطر والنرويج، والمملكة العربية السعودية، وتركيا، والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، وذلك “لمناقشة الأزمة المستمرة في سورية”.
لكن البيان الباهت الذي صدر عن الاجتماع، ومضمونه الذي لم يأت بجديدٍ جعل الكثير من السوريين المعارضين يعبرون عن خيبة أملهم من هذا الاجتماع الذي لم يقدم جديداً رغم تزامنه مع الرفض الدولي الواسع للغزو الروسي لأوكرانيا.
ويؤكد سياسيون أن الاجتماع كسابقاته ولم يحمل أي جديد يذكر، وأن الأطراف المشاركة عبرت عن موقفها المعروف لجهة دعم الحل السياسي استمرار ودخول المساعدات الإنسانية، لكنه يلاحظ أن هذه الجلسة قدمت دعماً لمنهجية المبعوث الدولي غير بيدرسون (خطوة مقابل خطوة)، بالتالي هذا الاجتماع “روتيني ليس أكثر”، ولا يمكن مقارنته باجتماعات مجموعة أصدقاء الشعب السوري عندما كانت بأوجها، ولا يمكن مقارنته أيضاً باجتماعات دعم الشعب الأوكراني، مع تمنياتنا أن يرقى دعم الشعب السوري لمستوى دعم الشعب الأوكراني، وأن تدور عجلة الحل السياسي في سورية المتوقفة دون أي تحرك جدي وفعال، مع التأكيد وخاصة على كبح جماح روسيا في دعم بشار الأسد سياسياً وعسكرياً.
ومن وجهة نظري، أن مخرجات اجتماع مجموعة الدول التي اجتمعت في واشطن مؤخراً، وبالمقارنة مع مخرجات المؤتمرات الدولية والعربية والاقليمية، من جنيف حتى أستانا وسوتشي “متطابقة بشكل حرفي”، فلم يحمل اللقاء أي اختراق أو تجديد في الخطاب على الأقل تماشياً مع المتغيّرات الدولية والإقليمية، واستغلالها في تحقيق أي انفراجة في العملية السياسية بسوريا، مما يؤكد إما غياب النية لدى المجتمع الدولي في إيجاد حل للحرب في سورية، وإما تخاذله وإظهار عجزه عن ذلك لعدم رغبته في التخلص من النظام المجرم، وتعيد مجدداً طرح السؤال الكبير: سورية إلى أين؟.
ونلخص مخرجات الاجتماع بالنقاط التالية:
- الالتزام بالسعي من أجل التوصل إلى حل سياسيّ للأزمة السورية وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254 والذي يحمي حقوق كافة السوريين وكرامتهم.
- الإقرار باستمرار معاناة الشعب السوري.
- الدعوة إلى وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني.
- احترام القانون الإنساني الدولي.
- التشديد على أهمية وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة بدون عوائق، ومن خلال كافة الطرق وعبر الحدود التي لا بديل عنها، مع دعم مشاريع الإنعاش المبكر المتوافقة مع القرار 2585.
- التأكيد على دعم وحدة سوريا وسلامة أراضيها، والالتزام بمكافحة الإرهاب بكافة أشكاله ومظاهره، مع الترحيب بجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة، بما في ذلك عملية خطوة مقابل خطوة.
- الدعم القوي للمضي قدماً في حل سياسيّ شامل وشمولي ،وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254.
- دعم مسار اللجنة الدستورية من خلال النظر إلى الوصول لنتائج ملموسة من الجولة السابعة للدورة المقبلة المقررة في21 آذار/مارس الحالي.
- الضغط من أجل المساءلة، وبخاصة عن أخطر الجرائم التي ارتكبت في سورية، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيمياوية.
- الضغط من أجل إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً وتحديد مصير كافة المفقودين.
- الترحيب بالجهود الجارية لملاحقة مرتكبي الجرائم في سورية.
- الحث على استمرار الدعم للاجئين السوريين والدول المضيفة حتى يتمكن السوريون من العودة طوعاً إلى ديارهم بأمان وكرامة، بما يتماشى مع معايير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
بالتالي، ليس هناك أي جديد أبداً، ولا نرى في الحقيقة مبرراً للاجتماع ذاته الذي لم يقدم أية مبادرة جديدة، أو أفكار جديدة تخدم القضية السورية، وأن كل ما فعله المؤتمر هو تثمين الجهود القائمة والتي فشلت أو على الأقل وصلت الى طريق مسدود، خاصة مفاوضات جنيف ومبادرات المبعوث الأممي، فاللقاء بشكل عام يؤكد انخفاض مستوى الاهتمام بالملف السوري بالنسبة لإدارة الرئيس الامريكي جوو بايدن.
أمّا هيئة التفاوض السورية التي أكدت رفضها لآلية الخطوة مقابل خطوة، وأية مبادرات أو آليات لا تؤدي بشكل عملي وواضح إلى التنفيذ الكامل والصارم للقرار 2254/ 2015 تمهيداً للوصول إلى الهدف الأساسي منه وهو تحقيق الانتقال السياسي، فقد طالبت في نداءٍ موجّه إلى المجتمعين في واشنطن بإعادة تفعيل دور مجموعة أصدقاء سورية، والعمل على وضع حدّ للتوغل الروسي في القضية السورية، وتحكّمها بمصير السوريين عبر الإملاءات التي تمارسها في جعل العملية السياسية أداة لإعادة فرض نظام الأسد الإجرامي على السوريين، والاستمرار بالتحكم بمقدّرات سورية.
عذراً التعليقات مغلقة