بشأن أولوياته في العام 2022، دعا الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيرش في خطابٍ له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى “عقد لجنة دستورية ذات مصداقية، بقيادة سورية، ومملوكة للسوريين، وبتيسير من الأمم المتحدة”، كما دعا إلى التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي الخاص بسوريا رقم 2254 الصادر عام 2015، مؤكداً من جديد على المثابرة في الجهود الدولية لمنع تفاقم الصراع، وحماية المدنيين، وتوطيد السلام”.
أعتقد أن غوتيرش، ومن خلال كلامه، يذهب إلى أن اللجنة الدستورية بشكلها الحالي قد فقدت قيمتها المادية والمعنوية، مرجحاً أن يكون ذلك مقدمة لاستقالة المبعوث الدولي غير بيدرسون، مع التأكيد على أنَّ تصريح الأمين العام يعني ضمنياً أنَّ بيدرسون فشل في مهمته، ومن المرجح أن يتقدم باستقالته قريباً، خاصة بعد التصريح الأخير الذي نُسب له في طهران، والذي إن صح يدل على أنه لا حلّ قريب، ولا تطور حقيقي في عمل اللجنة الدستورية مع الاعتقاد بأن تغييراً ما سيطال شكل اللجنة، سواء من ناحية التمثيل أو طريقة التعاطي الدولي معها، كون تصريح الأمين العام أورد كلمة “سورية” فقط مما يعني احتمالية النظر بنقل المباحثات إلى دمشق، كما أنه من الممكن أيضاً إعادة ترتيب الأطراف المشاركة في اللجنة الدستورية، وفق نسب جديدة تتناسب مع الواقع الحالي.
واللجنة الدستورية السورية، حسب تعريف الأمم المتحدة، هي جمعية تأسيسية مرخصة من المنظمة الدولية، تشكلت في أيلول 2018 كأحد مخرجات “مؤتمر الحوار الوطني” الذي انعقد في مدينة سوتشي الروسية، وتسعى إلى التوفيق بين النظام والمعارضة، في سياق عملية السلام السورية، من خلال تعديل الدستور الحالي أو اعتماد دستور جديد لأجل سورية.
فهل يكون تصريح غويترش بمثابة “نعي للجنة الدستورية بشكلها الحالي” مع اعتقاد آخرين بأن الأمم المتحدة لا يمكن أن تقدم ما هو أفضل في ظل عجز وتحكم الدول المتنفذة في أوراق الملف السوري. تصريح الأمين العام يعتبر إقراراً بأنّ اللجنة الدستورية لا تستطيع تقديم شيء، وأن الأمم المتحدة عاجزة أيضاً، بسبب تحكم الدول في هذه اللجنة، لذلك طرح الأمين العام أن تكون اللجنة سورية ومملوكة للسوريين.
وعليه، يريد غوتيرش من خلال ذلك أن يجلس السوريون مع بعضهم دون إملاءات خارجية، وأن يفكروا بعقل سوري، وبمصلحة وطنية سورية، على أمل بث روح جديدة في اللجنة التي ولدت ميتة وعاجزة عن اتخاذ أي قرار مفيد.
وعن إمكانية التعويل على نتائج أفضل ومسار أكثر وضوحاً للجنة الدستورية في حال حصل ذلك، وعندما تكون هناك إرادة دولية ضاغطة على الدول الراعية كي تساعد في تقديم شيء إيجابي فهذا ممكن، مع العلم أن اللجنة الدستورية هي منتج روسي وُجد لبيع الوهم للسّوريين، من خلال عقد جلسات روتينية دون تقديم أي ضمانات حقيقية حتى حول تطبيق الدستور في حال تمت كتابته.
وكان بيدرسون قد أكد في وقت سابق من الأسبوع الماضي على هامش لقاءات عقدها مع مسؤولين في إيران وقطر أن الوقت قد حان لاستكشاف إمكانية المضي قدما بالعملية السياسية السورية، بشكل هادف، خلال عام 2022.
وفي تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢١ عقدت الجولة السادسة من مفاوضات اللجنة الدستورية واستمرت خمسة أيام، حيث كان ينتظر أن تكون أجندة الاجتماعات هي مناقشة المبادئ الأساسية في الدستور، لكن الجولة انتهت بفشل ذريع أقرّ به بيدرسون محملاً المسؤولية لوفد النظام.
ليعلن السيد بيدرسون من جديد أن 21 مارس/آذار المقبل هو موعد لانطلاق اللجنة الدستورية بعد كلمته خلال جلسة مجلس الأمن، المنعقدة بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك، وأن اللجنة ستعقد بتيسير من الأمم المتحدة في جنيف، مضيفاً أنه قلق للغاية من أن الدبلوماسية الدولية البناءة المطلوبة لدفع هذا الأمر قد تكون أكثر صعوبة مما كانت عليه بالفعل، على خلفية العمليات العسكرية الدائرة حاليا في أوكرانيا”.
متابعاً قوله: سأواصل العمل على العملية الأوسع نطاقاً لتنفيذ العناصر الأخرى في قرار مجلس الأمن رقم 2254″.
فهل تكون الجلسة السابعة فاشلة كسابقاتها أم أنّ هناك بارقة أمل من جديد؟
عذراً التعليقات مغلقة