التّجهم الطّليعي

رضوان الأطرش21 يناير 2022Last Update :
التّجهم الطّليعي
رضوان الأطرش

كنا صغاراً في سنوات الدراسة الابتدائية، ولم نكن نعلم ما يقال سوى أن نردد كما الببغاوات ما يقوله مشرف الوحدة المدرسية، ومن بعدها ولأني كنت من المتفوقين دراسياً بدأت ممارسة ذات المهمة، ودون فهم ما أقول ودون فهم ما يكرره بعدي الطليعيين والطليعيات، وما كنا نكرره كلّ صباح وفي نهاية دوام يوم الخميس هو (كن مستعداً دائماً لبناء المجتمع العربي الاشتراكي الموحد والدفاع عنه).

وكانت تأتي الصيحات بعدها كما الرعد //مستعداً دائما//  وهذا هو الوعد الطليعي، ولو سألنا حينها مشرفينا الطليعيين والذين هم مديرو المدارس والمعلمين والموجهين عن معنى هذا الوعد الطليعي لكان الجواب: انتبه إلى دروسك وواجباتك مع تجهمٍ في الوجه يوحي بالعزيمة والصلابة والثبات على المواقف لأن المسؤول يخاف من الإجابة هذا إن فهم معناها طبعاً.

هذا التجهم الطليعي الذي ورثناه رغماً عنّا، ونحن أطفال أبرياء الفطرة، والتوجه انتقل معنا إلى المرحلة الأخرى من الدراسة لنسمع عهداً جديداً أكثر قوة وصلابة مع ازدياد في حالات التجهم من قبل المشرفين الشبيبين جعلنا نردد أيضاً دون فهم ٍ لعهد شبيبي نتصدى من خلاله للإمبريالية، والصهيونية، والرجعية، وأن نسحق أداتهم المجرمة  _الإخوان المسلمون _ بحسب توصيف القائد الرمز حينها لهم، ولكن ما يميز العهد الشبيبي عن الوعد الطليعي هو حالة التجهم العنيفة التي يجب أن تظهر على وجوهنا كوننا أصبحنا شباب الثورة التصحيحية الأسدية، ومن تغيب عن ملامحه هذه التجهمات هو حتماً عميلاً للصهيونية، والرجعية والإمبريالية.

و كما يقال في المثل: “نحن أولاد اليوم”.

فهل انتقلت هذه التجهمات لمن يمثلنا أو يمثل علينا؟           

وفي الحقيقة كنت في بداية الأمر مستغرباً من تصرفات شخصيات فرضت على الثورة السورية الحقيقية لتكون ممثلة لها في أروقة الدول، ومن هذه التصرفات الغير مسؤولة طبعاً.

الغضب، والصراخ والزئير، والوقوف أمام أبواب القاعات، ورفض الدخول إليها قبل الحصول على ضمانات مكتوبة أو منطوقة من جهات هي نفسها من تمنح الغاضبين مستحقاتهم المالية، وتشرف على خدمتهم في فنادق لم يحلموا يوماً بالوقوف أمام أبوابها لينتهي المطاف مؤخراً إلى تصرفٍ جديدٍ، ويُعتبر بمثابة طفرة في علم التفاوض السياسي، وهو إبراز حالة التجهم في وجه الخصم، والذي سيفتح باباً واسعاً أمام علماء التفاوض مع ربطه بعلم النفس وعلم السلوك.

ومن لا يتجهم بعد اليوم سيكون عميلاً للصهيونية، والرجعية، والإمبريالية، ولن يكون عميلاً لأداتهم المجرمة كون أصحاب هذه النظرية هم من هذا الحزب السياسي ،وهذا ما هو متعارف عليه عند جميع السوريين المعارضين للأسد، ولنتفاجأ بتغريدة بددت الظلام من زعيم هذا الحزب ينفي وجود أصحاب هذه النظرية في صفوفهم ،وما كانت هذه التغريدة لتنطلق لولا عظم الفشل الذريع من قبل أصحاب التجهم، والذي انعكس فشلاً واضحاً على الجنين.

وبدورنا نحن أصحاب الوجع والألم، والذين ننتظر خبراً سعيداً من أي جهة كانت يكون فرجاً لنا للخلاص من الاستبداد الأسدي، ومن يسير على شاكلته فإننا نعتبر كل هذه الجوقة المتجهمة لا تمثل طموحاتنا ورغباتنا، ونعتبر كل تصرفاتها فردية، وستكون يوماً  نراه قريباً مسؤولة أمام محاكم الشعب السوري لتنال الجزاء العادل، وعلى الوسيط الدولي أن يتخذ مسافة أمان بعد اليوم كي لا يصيبه من هذا التجهم أذىً.

Comments تعليق واحد

Sorry Comments are closed

  • عبد القادر عبد اللطيف
    عبد القادر عبد اللطيف 21 يناير 2022 - 9:20

    بارك الله بك

عاجل