تنظر إسرائيل بـ”إيجابية” للتقارب الذي جرى مؤخرا بين عدة دول خليجية من جهة وسوريا من جهة أخرى، وما إذا كان لهذا التقارب دور في الحد من النفوذ الإيراني في هذا البلد، حسبما ذكرت تقارير صحافية إسرائيلية، بينما استبعد محللون أن يتسبب هذا التقارب في كبح جماح إيران في سوريا.
وخفضت دول الخليج مستوى تمثيلها الدبلوماسي أو أغلقت بعثاتها الدبلوماسية في دمشق بعد أن استخدم نظام الأسد القوة لقمع احتجاجات 2011 التي تحولت إلى حرب أهلية.
والشهر الماضي أعلنت البحرين تعيين أول سفير لها لدى دمشق منذ أن خفضت مستوى العلاقات مع اندلاع الصراع في سوريا.
وأرسلت الإمارات، التي أعادت فتح بعثتها لدى دمشق في أواخر 2018، وزير خارجيتها الشيخ عبد الله بن زايد إلى سوريا في نوفمبر الماضي حيث اجتمع مع بشار الأسد، كما وتدعو الإمارات إلى عودة سوريا لجامعة الدول العربية.
وأصبحت سلطنة عمان في أكتوبر 2020 أول دولة خليجية تعيد سفيرها إلى سوريا.
وقالت الكويت في وقت سابق إنها ستعيد فتح بعثتها في دمشق إذا جرى الاتفاق على ذلك في جامعة الدول العربية التي علقت عضوية سوريا في 2011.
وتقول صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إن مسؤولا دبلوماسيا إسرائيليا رفيعا “أبلغ موقع واي نت الإخباري أن إسرائيل تتبنى نظرة إيجابية للمصالحة بين سوريا ودول الخليج، وتوقع أن يساعد هذا التقارب في كبح النفوذ الإيراني في هذا البلد”.
وتضيف الصحيفة أن المسؤول الإسرائيلي، الذي لم يكشف عن هويته، أكد أن التقارب الخليجي مع دمشق قد يشير إلى “رغبة سوريا في إخراج المجاميع المسلحة التابعة لإيران من داخل حدودها”.
ويبين المسؤول أنه “خلال العام المقبل ستكون هناك فرص لتقليص الوجود الإيراني في سوريا”، مشيرا في هذا الإطار إلى أن ” سوريا تواجه أزمة اقتصادية خطيرة بسبب الحرب الأهلية، ويمكن للاستثمار الأجنبي أن يساعد في دعم الاقتصاد”.
وكان وزير خارجية الإمارات التقى بشار الأسد في دمشق في نوفمبر الماضي، وهو يعد أرفع شخصية من الإمارات تزور سوريا منذ عشر سنوات عندما تفجرت الحرب الأهلية.
وفي أكتوبر الماضي أعلنت وكالة أنباء الإمارات أن ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تلقى اتصالا هاتفيا من بشار الأسد، وناقش الجانبان التطورات في سوريا والشرق الأوسط.
وجاءت مكالمة الطرفين بعد قرابة ثلاث سنوات على إعلان الإمارات عودة العمل في سفارتها في دمشق، التي ظلت مغلقة منذ الشهور الأولى لبدء الصراع في سوريا في عام 2011 حتى إعلان إعادة فتحها في ديسمبر 2018.
وتزامنت المكالمة، أيضا، مع مشاركة سوريا في معرض إكسبو 2020 دبي حيث بحث وزيرا الاقتصاد السوري والإماراتي مؤخرا تنشيط مجلس الأعمال بين البلدين.
وكانت الإمارات من بين عدة دول في المنطقة دعمت المعارضة في سوريا، على الرغم من أن دورها كان أقل بروزا من دور السعودية وقطر اللتين لم تعيدا حتى الآن العلاقات مع دمشق.
واستعاد نظام الأسد السيطرة على معظم أنحاء سوريا بدعم من روسيا إلى جانب إيران، خصم الرياض وأبوظبي، وجماعات إسلامية شيعية مدعومة من إيران مثل حزب الله اللبناني.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي الاماراتي علي الشعيبي أن هناك عدة دوافع سياسية حدت بالإمارات لتغيير سياساتها تجاه نظام بشار الأسد.
ويقول الشعيبي لموقع “الحرة أن “من الصعب على دول الخليج التأثير على صناعة القرار الإيراني في الداخل السوري وصناعة القرار السوري في ما يتعلق بالوجود الإيراني فيها”.
ويضيف الشعيبي “ربما تمتلك دول الخليج أوراق ضغط بشكل أو بآخر على النظام السوري، ولكن السؤال الأبرز هو هل يستجيب النظام السوري أو يمتلك القدرة على الاستجابة لهذه الضغوط والخروج عن طوع الإيرانيين في سوريا؟، أنا استبعد ذلك”.
ويتابع الشعيبي “بعد سنوات من اعتماد النظام السوري على روسيا وإيران، استبعد أن يتمكن في التملص من الاستحقاقات التي يجب أن يؤديها لإيران وروسيا، وبالأخص لطهران”.
وتسبب النزاع السوري منذ اندلاعه في مارس 2011 بنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها، بينهم أكثر من 6,6 ملايين لاجئ، فروا بشكل أساسي الى الدول المجاورة: لبنان والأردن وتركيا.
ودعمت طهران نظام الأسد عبر إرسال مستشارين عسكريين وعناصر ميليشيات موالية لها من العراق ولبنان وأفغانستان، قاتلوا إلى جانب النظام.
ويرى الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات حسين عبد الحسين أن الحديث الإسرائيلي عن تأثير التقارب الخليجي مع نظام الأسد هو مجرد “تمنيات”.
ويقول عبد الحسين لموقع “الحرة” إن “الأسد ضعيف جدا بالنسبة لإيران في الداخل السوري، ومثال على ذلك هو أن المناطق التي استعادها حزب الله اللبناني في جنوب البلاد لم يعدها للأسد”.
ويضيف عبد الحسين أن “إيران لديها وجود مستقل داخل سوريا عن الأسد بغض النظر عن موقف الأسد تجاه ذلك”.
ويعتقد عبد الحسين أن “هناك اعتقاد داخل إسرائيل مفاده أن الوضع قبل الحرب الأهلية السورية كان أفضل، لأن الأسد كان يمسك بالأراضي السورية المحاذية لها، ولم تحصل أية حوادث تذكر خلال أكثر من 40 عاما”.
“بالتالي فإن الإسرائيليين يرون أن الأسد أفضل لهم من وجود إيراني يحتاج للتعامل معه بشكل مباشر من قبل إسرائيل من خلال البحث عن قوافل السلاح الإيرانية أو غيرها”، وفقا لعبد الحسين.
ويستدرك قائلا: إن “تحقيق ذلك صعب، لأن الأسد بعد الحرب السورية أصبح ضعيفا ولا يسيطر على معظم مناطق البلاد”.
Sorry Comments are closed