تداعى الشِّعرُ واشتكتِ الطلولُ
وفي الصَّحراءِ أُرهِقَـتِ الخيولُ
فــلا نـصـرٌ نـؤرِّخـه… فنسـمو
ولا رَكْـبٌ.. يسـيـرُ بمـا نقـولُ
أنـاخَ الجهــلُ قـافلـةَ القـوافــي
كـأنَّ الجـهلَ عاصفـةٌ تصـولُ
فأين منابـرُ الشعرِ..؟ استقالت
ومَلَّ الوحيُ.. وانتحرَ الفحولُ
وفـي التَّاريـخِ مازلنا.. ولكـنْ
كـأنَّا فــي هــوامشـهِ قليـلُ
وكـادَ الـدَّهــرُ ينثـرُنا رمــاداً
فلا رُجعى تكونُ.. ولا وصولُ
وكاد الغيبُ يمضَغُنا.. فنبلى
ويجثـمُ فـوقَـنا مــوتٌ ثقيـلُ
فنادانا مِـنَ الأصداءِ صـوتٌ
لـهُ فـي كـلِّ خافقـةٍ رحيـلُ:
أنا اللُّغةُ العظيمةُ.. لستُ أفنى
أنا العربيَّةُ.. الصَّرْحُ الجليلُ
أنا السِّـرُّ المُحَيِّـرُ فـي بيانـي
أنا الإدهـاشُ.. والألقُ النبيلُ
أنا الإعجـازُ.. ذُروتُـه بِكَفِّي
وحارتْ في تَصَوُّرِهِ العقولُ
يهابُ عوالمي صَبٌّ.. ويدنو
فتأسِرُه… ويذبحُهُ الفضـولُ
فيبحرُ في فضاءاتي.. فيغدو
لـهُ فـي كـلِّ فاصلـةٍ ذهــولُ
فيَخْضَـرُّ اليـبـاسُ بمقلـتيـهِ
ويُثْمِرُ فـي صحاريهِ النَّخيلُ
كـأنَّ فــؤادَهُ أضحـى فُـراتاً
وروَّى لهفةً في الروحِ.. نيلُ
* * *
أنا اللُّغـةُ التـي أُورِثْـتُـموهـا
معتَّقَةً… وَلِـيْ وَجَـعٌ يطـولُ
مـلأتـمْ جُعبةَ التَّنظيرِ سُخْفـاً
ومِلْتُـم حـيثُ رؤياكـمْ تَميـلُ
وكـنتُ دليلَكـم فـي كـلِّ فَـجٍّ
فكيفَ يضيعُ من يَدِكُمْ دليلُ؟
تصحَّرتُمْ علـى أهدابِ حُلْـمٍ
وفـي عينيَّ تنتظـرُ الحقـولُ
تنكَّـرتمْ.. لـذا أوصدتُ بابي
فمـا مثلي أنـا مَـنْ يسـتميـلُ
أنا فـي العِـزِّ دانيـةٌ قِطافـي
فـإنْ هُنْتُمْ فـإنِّـي المستحيـلُ
خُلِقْتُ أزاحِمُ النَّجْماتِ كِبْراً
أيملكُ قيدَ ناصيتي الذَّليلُ..؟
أنا التَّاريـخُ تصنعُه حروفي
أنا الصوتُ المجلجِلُ والصَّهيلُ
أنـا العـربيَّــةُ.. اللُّغـةُ الثُّريَّا
ولي في الكونِ مجدٌ لا يزولُ
كــتابُ اللهِ شـرَّفنـي بِـوَحْـيٍ
ودَثَّـرنـي بِبُـردتـهِ الـرسـولُ
عذراً التعليقات مغلقة