حرية برس – سوريا:
انتخب “المجلس الإسلامي السوري” التابع للائتلاف السوري المعارض، مساء أمس السبت، الشيخ أسامة الرفاعي مفتياً عاماً للجمهورية العربية السورية.
ويأتي ذلك في ردّ على إلغاء نظام الأسد هذا المنصب ونقل صلاحياته لما يسمّى بـ”المجلس العلمي الفقهي”، وهو ما اعتبر لدى قطاع واسع من السوريين مسّاً مباشراً بالهوية الدينية لبلادهم.
وأعلن الشيخ مطيع البطين، المتحدث باسم “المجلس الإسلامي السوري” الذي يضم علماء معارضين للنظام ومقره مدينة إسطنبول التركية، أن المجلس “باعتباره المرجعية الممثلة للعلم والعلماء انتخب بالإجماع الشيخ العلامة أسامة عبد الكريم الرفاعي مفتيا عاما للجمهورية العربية السورية”.
وبيّن “البطين” في كلمته أن لـ”مقام الإفتاء مكانة مرموقة في تاريخ الحضارة الإسلامية”، قائلاً: “لم يجرؤ على المساس بها أحد حتى تحكمت هذه العصابة الطائفية في سوريا، ففرغته من مضمونه وجعلته تعييناً بعد أن كان انتخاباً لمن يستحق”.
وأردف: “اكتملت حلقات التآمر على هذا المنصب حتى قامت هذه العصابة بإلغائه بالكلية ما أدى لاستنكار جماهير الشعب السوري على اختلاف مواقعه جراء ذلك الاعتداء على هذا العنوان العريض الذي يعد أحد أعمدة الهوية السورية”.
ولفت إلى أنه “كان لا بد للعلماء من وقفة في وجه هذه الهجمة على هوية سوريا”. داعياً في بيان مصور، السوريين إلى الالتفاف حول “مرجعيتهم الدينية الموحدة”، مشيراً إلى أن الرفاعي سيلقي “كلمة جامعة” خلال أيام.
وجاءت هذه الخطوة من قبل المجلس الذي تأسس في عام 2014 في تركيا، بعد أيام من إلغاء نظام الأسد منصب المفتي العام في سوريا بعد أكثر من مائة عام على وجوده، ونقل الصلاحيات إلى المجلس العلمي الفقهي الذي يضم رجال دين من الأديان والمذاهب والطوائف المختلفة.
ولاقى تعيين الشيخ أسامة الرفاعي مفتياً لسوريا، ترحيباً واسعاً من الأوساط السورية المحلية وشخصيات وكيانات عربية إسلامية، بدأته “هيئة علماء فلسطين” التي تقدمت في بيان لها بالتهنئة للشعب السوري ومجلسه الإسلامي بانتخاب العلامة الرفاعي، واعتبرت أن هذا الانتخاب “يعيد مقام الإفتاء إلى مكانته الحقيقيّة بالانتخاب بعيداً عن التعيين والتّحكّم السياسيّ، وهي خطوة مباركة نعلنُ في هيئة علماء فلسطين عن دعمها وتأييدها”.
من هو أسامة الرفاعي؟
ولد الشيخ أسامة في دمشق عام (1944)، هو الابن الأكبر للعلامة الدمشقي الراحل، الشيخ عبد الكريم الرفاعي، درس اللغة العربية وعلومها بجامعة دمشق وتخرج منها عام 1971، وبعد ذلك أصبح خطيباً في جامع عبد الكريم الرفاعي نسبةً لوالده.
هاجر إلى المملكة العربية السعودية عام 1981 بشكل قسري هرباً من الحملة الشرسة التي خاضها حافظ أسد حينها ضد الجماعات الإسلامية بتهمة الانتماء لحركة “الإخوان المسلمين” والتي ترافقت بمجازر واسعة ارتكبتها ميليشيات حافظ الأسد وشقيقه رفعت في حماة وحمص وحلب وراح ضحيتها آلاف المدنيين.
انحاز الشيخ أسامة، إلى صفوف الثورة السورية في الأشهر الأولى من انطلاقتها عام 2011، وكان له دور بارز في مواجهة نظام أسد وميليشياته واحتضان المتظاهرين في مسجد عبد الكريم الرفاعي الذي كان يخطب فيه في حي كفرسوسة وسط العاصمة دمشق.
كما وقف في وجه بشار الأسد ومخابراته من خلال توجيه انتقادات لاذعة ونصائح مختلفة لأسد وأركانه نظامه، من أجل وقف العنف ضد المتظاهرين ولعدم تحويل البلد إلى نهر من الدماء، لكن تلك المحاولات باءت بالفشل، خاصة أن أسد كان يَعِدُ بشيء بينما الواقع الأمني يشهد أحداثاً مختلفة تماماً من مجازر ترتكبها الميليشيا ضد السوريين الثائرين.
تعرض لمضايقات عديدة من ميليشيات الأسد بعد رفضه الامتثال لأوامر المخابرات، أبزر تلك الاعتداءات كانت بالهجوم الشهير للشبيحة على مسجد الرفاعي في كفرسوسة خلال ساعات الفجر في ليلة القدر بشهر رمضان في 17 آب/أغسطس 2011، والتي وصلت إلى ضرب الشيخ أسامة بسبب خطبه المعادية للظلم والطغيان الممارس من نظام الأسد، ما أدى لنقله لأحد مشافي دمشق لتلقّي العلاج، وانتقل عقب ذلك إلى تركيا وأعاد إحياء “رابطة علماء الشام” برئاسته، إلى جانب تكثيف دعمه ومناصرته للثورة السورية.
وترأس الرفاعي “المجلس الإسلامي السوري” منذ تأسيسه في إسطنبول عام 2014، ليكون المرجعية الإسلامية والفقهية للشعب السوري الثائر ضد نظام أسد وميليشياته، ويضم المجلس نحو 40 هيئة ورابطة إسلامية من أهل السنّة والجماعة في الداخل والخارج.
عذراً التعليقات مغلقة