دق مسؤولون أمميون في مجلس الأمن ناقوس الخطر إزاء الوضع الحالي في سوريا، وحذر وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيثس من “شتاء قارس”، فيما وصف غير بيدرسون، المبعوث الخاص إلى سوريا، المسار الحالي للتطورات في سوريا بالمقلق للغاية.
وفي جلسة أمام مجلس الأمن لبحث التطورات في سوريا مساء يوم الأربعاء، بتوقيت نيويورك، ذكّر غير بيدرسون مجلس الأمن بأن أكثر من 12 مليون سوري لا يزالون مهجرين –إما كلاجئين أو نازحين داخليا- ومستويات الفقر قريبة من 90 في المائة.
وقال في إحاطته الافتراضية أمام أعضاء مجلس الأمن: إن “المسار الحالي للتطورات في سوريا مقلق للغاية، علينا الخروج من هذه الديناميكية”.
وجاءت إحاطة بيدرسون بعد انتهاء اجتماعات الهيئة المصغرة للجنة الدستورية الأسبوع الماضي، وقد استمر العنف خلال عقد الاجتماعات.
ودعا بيدرسون إلى وقف العنف، وقال: “لا أزال أطالب بوقف إطلاق النار على الصعيد الوطني والتشديد على الالتزامات بموجب القانون الإنساني الدولي لحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية”.
وشدد على الحاجة إلى “دبلوماسية سورية بنّاءة” للمساعدة في إنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة وتعزيز الاستقرار ومواصلة تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254.
“حياة صعبة” تزداد صعوبة للكثيرين
من جانبه، قال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، مارتن غريفثيس، في إحاطته من داخل قاعة المجلس، إن الأزمة السورية لا تزال تتفاقم. وتابع: “بعد 10 سنوات من النزاع، لا تزال الحياة صعبة للغاية بالنسبة لملايين السوريين، وتزداد صعوبة بالنسبة للكثيرين”.
وأشار إلى أن العنف يستمر في قتل وإصابة المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال. وقال إن الهجمات والحوادث الأمنية تصاعدت في أنحاء سوريا هذا الشهر: “في الأسبوع الماضي وحده، أفادت الأنباء بأن هجوما في أريحا بمحافظة إدلب أدى إلى مقتل 11 مدنيا وإصابة أكثر من 30 شخصا، بمن فيهم أطفال المدارس. كما تضرر سوق يدعمه مشروع تابع للأمم المتحدة”.
ودعا جميع أطراف النزاع إلى احترام المدنيين والبنية التحتية المدنية والحرص الدائم على تجنيبهم الأذى. إضافة إلى أزمة المياه وتدهور الأمن الغذائي، يواجه الناس في سوريا أيضا عودة ظهور كـوفيد-19، بحسب غريفيثس، الذي تابع قائلا: “تتزايد الحالات، ووحدات العناية المركزة بكامل طاقتها، ومعدلات التطعيم لا تزال أقل من 2 في المائة.”
وأشار إلى أنه الآن، وبعد سنوات من الصراع، سيواجه السوريون قريبا شتاء قارسا آخر، فمع بدء درجات الحرارة في الانخفاض، سيؤدي هطول الأمطار والبرد والشتاء إلى تفاقم المصاعب التي يواجهها ملايين الأشخاص.
وقال: “يعيش ما يقرب من مليوني شخص في الشمال الغربي، معظمهم من النساء والأطفال في مخيمات، غالبا في ملاجئ مكتظة ومتهاوية، أو في وديان تغمرها المياه، أو على سفوح التلال الصخرية المعرّضة للعوامل الجوية.”
وأضاف: “نحن بحاجة إلى حقنة عاجلة من المساعدات المنقذة للحياة، خاصة وأن السوريين يستعدون لفصل الشتاء”.
توسيع نطاق تقديم المساعدات
وأكد غريفيثس أنه على الرغم من أن الأمم المتحدة وشركاءها في المجال الإنساني يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة الفئات الأكثر ضعفا، لا تزال هناك فجوات في التمويل.
وتواصل الأمم المتحدة والشركاء بذل كل الجهود لتوسيع نطاق المساعدة. وكان غريفيثس في مدينة حلب في آب/أغسطس الماضي عندما قام برنامج الأغذية العالمي بإيصال المساعدات الغذائية عبر الخطوط إلى إدلب.
وقال غريفيثس: “كانت هذه خطوة حيوية نحو توسيع الاستجابة الإنسانية، ومع ذلك يجب علينا ضمان توزيع المساعدات. ولا يزال الاتفاق النهائي من الأطراف المعنية معلقا، وأنا أحث على التحرك السريع نحو الخطوات التالية.”
وتجري الاستعدادات لتسليم برنامج الأغذية العالمي مساعدات عبر الخطوط في تشرين الثاني/نوفمبر. وقد وضعت الأمم المتحدة خطة لسلسلة من العمليات المشتركة عبر الخطوط والتي يمكن التنبؤ بها لتقديم مساعدة متعددة القطاعات في الأشهر الستة المقبلة. وأعرب غريفيثس عن تفاؤله إزاء توسيع نقل المساعدات عبر الخطوط في الأشهر المقبلة.
وحث جميع الأطراف المعنية على ضمان استمرار المساعدات عبر الخطوط وتوزيعها دون تأخير.
المشكلات تسير من سيِّئ لأسوأ
قدمت منيرفا الباروكي، منسقة الأمانة العامة للمؤتمر الوطني السوري، إحاطة افتراضية لمجلس الأمن تحدثت فيها عن الأوضاع اليومية للسكان التي تزداد سوءا على حد تعبيرها.
وقالت السيدة الباروكي إن المشكلات اليومية للمواطنين في سوريا اليوم، “من أسوأ ما تعرفه المنطقة” سواء كان ذلك في الدخل الشهري للعائلة أو توفر الأساسيات كالماء والكهرباء والغذاء والدواء.
وقالت: “يقارب عدد اللاجئين السوريين اليوم ستة ملايين ونصف، ومن المؤسف القول إن ظروف العودة الآمنة غير متوفرة، لا في مناطق الحكومة السورية أو حكومات الأمر الواقع” وأعربت عن أسفها من سياسة العقوبات الاقتصادية، وقالت: “ثمة حالة فوبيا عند أهم الشركات الاقتصادية الغربية عندما يتعلق الأمر بالأراضي السورية” ودعت إلى إعادة النظر في العقوبات أحادية الجانب.
ويتكون المؤتمر الوطني السوري من مجموعة من السوريات والسوريين في الداخل والخارج من مختلف التيارات السياسية والمدنية المستقلة، ويعتبر قرارات الأمم المتحدة وبشكل خاص بيان جنيف والقرار 2254 خارطة الطريق الأساسية للخروج من الوضع المأساوي الذي تعيشه سوريا.
انتهاء الدورة السادسة للجنة الدستورية
أطلع بيدرسون مجلس الأمن عن فحوى الدورة السادسة للهيئة المصغرة للجنة الدستورية التي عُقدت في جنيف الأسبوع الماضي. وقال إن تفاعلات الرئيسين المشاركين كانت صريحة ومنفتحة وعملية. وبتيسير من الأمم المتحدة، اتفقا على كيفية اختيار العناوين ومتى ستتم مناقشتها خلال الأيام الأربعة الأولى.
لكنه قال: “لم يتمكن الرئيسان المتشاركان من الاتفاق على آلية لإحراز مزيد من التقدم في المناقشة خلال اليوم الأخير يوم الجمعة.” وقد اختتم الاجتماع دون أي توافق في الآراء أو اتفاق مؤقت في اللجنة.
وقال بيدرسون: “في الأسبوع الماضي، ولأول مرة، قدمت جميع الوفود مسودات نصوص دستورية. ولكن في ظل عدم وجود آلية متفق عليها لمراجعة المسودات والبدء في تحديد القواسم المشتركة، لم يتمكن الأعضاء الـ 45 في الهيئة المصغرة من الانتقال من تقديم ومناقشة المسودات الأولية للنصوص الدستورية إلى تطوير عملية صياغة نصية مثمرة.”
وعلى هامش اللجنة الدستورية، طرح بيدرسون مع ممثلي الدول الثلاثة الضامنة لأستانة – إيران وروسيا وتركيا – ضرورة تسريع الجهود الجماعية بشأن الملف الحاسم للمعتقلين والمختطفين والمفقودين.
وسيبدأ المبعوث الخاص إلى سوريا قريبا إجراء مشاورات في عدد من العواصم، فضلا عن إشراك الأطراف السورية بشكل مباشر، تماشيا مع مساعيه لتيسير كل من اللجنة الدستورية وتطوير عملية سياسية أوسع خطوة بخطوة وبالتوازي لتعزيز تنفيذ القرار 2254.
Sorry Comments are closed