حذّر رئيس لجنة التحقيق الخاصة المعنية بسوريا، التابعة للأمم المتحدة، باولو بينيرو، المجتمع الدولي من أنه “بينما يظن البعض أن الصراع في سوريا على وشك الانتهاء، فإن الحقائق على الأرض ترسم صورة مختلفة”، مؤكداً على أن “الحرب ضد الشعب السوري مستمرة بلا هوادة”.
وفي كلمة ألقاها أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة، قال بينيرو إن “هذا ليس الوقت المناسب ليظن أحد أن سوريا آمنة، وأنه يمكن للاجئين العودة إلى ديارهم، لا بل نشهد تصاعداً في القتال والعنف”، وفق ما نقل عنه موقع الأمم المتحدة.
وأضاف أنه “بينما نتحدث الآن، لا يزال ملايين المدنيين مضطرين لمواجهة الحرب والإرهاب والحزن، والعديد من النازحين وجدوا ممتلكاتهم مدمرة أو استولت عليها الحكومة أو الجماعات المسلحة أو الجماعات الإرهابية، ولم يتبق لهم سوى القليل للعودة إليه، وآفاق ضئيلة لكسب معيشتهم”.
وقف إطلاق النار بدأ يتهاوى
وأصدرت لجنة التحقيق الخاصة المعنية بسوريا تقريراً مكوّنا من 46 صفحة، حول وضع حقوق الإنسان في سوريا، قدمته إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف.
وسلّط تقرير اللجنة الضوء على “نمط عام اتسم بالتصعيد” شهدته البلاد في الأشهر الأخيرة، مشيراً إلى تعرّض المدنيين والمنشآت المدنية للانتهاكات، من قبل مختلف الأطراف.
وفي شمال غربي سوريا، قال التقرير إنه “مع تعرض المنشآت الطبية والأسواق والمناطق السكنية، لهجمات جوية وبرية، فإن الهدوء في الأعمال العدائية، الذي نتج عن وقف إطلاق النار في آذار من العام 2020، بدأ يتهاوى”.
وأضاف التقرير أنه “بينما تواصل هيئة تحرير الشام، التي تصنفها الأمم المتحدة كمنظمة إرهابية تنتهك الحقوق بمنأى عن العقاب، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي للناشطين الإعلاميين والصحفيين، بمن فيهم النساء”.
وعن جنوب غربي سوريا، قال التقرير، إن “أجزاء من المنطقة شهدت عودة القتال وتكتيكات شبيهة بالحصار لم نشهدها منذ ما قبل العام 2018″، مشيراً إلى أنه “في درعا البلد، حوصر عشرات الآلاف من المدنيين من دون الحصول على ما يكفي من الطعام أو الرعاية الصحية حتى الشهر الماضي، بينما أُجبر آلاف الرجال والنساء والأطفال على الفرار”.
أما عن حلب، فأشار التقرير إلى أنه “في منطقتي شمال عفرين ورأس العين، تسببت العبوات الناسفة المحمولة على السيارات في قتل وتشويه المدنيين، فيما ازداد القصف العشوائي هذا الصيف”.
واتّهم التقرير فصائل “الجيش الوطني السوري” المعارض، بأنها “تستمر في حرمان المدنيين من حريتهم، وتعذيبهم أحياناً في أثناء الاحتجاز”.
وفي شمال شرقي سوريا، تحدث التقرير عن “ازدياد الهجمات من قبل داعش، وعمليات قتل استهدفت زعماء القبائل، وشعور بالاستياء أدى إلى احتجاجات قُتل خلالها العديد من المتظاهرين برصاص عناصر من قوات سوريا الديمقراطية”.
أكبر مصادر الألم للسوريين
من جهة أخرى، وصف التقرير مصير المعتقلين السوريين بأنه “أحد أكبر مصادر الألم التي يواجهها السوريون”، مذكّراً الأمم المتحدة بمئات الآلاف من السوريين “الذين يستيقظون كل صباح قلقين بشأن مصير ومكان وجود أحبائهم المفقودين”.
وأكد رئيس اللجنة أن “على سلطات النظام السماح للمعتقلين بالاتصال بأسرهم وتلقي زيارات من مراقبين مستقلين، والإفراج عن السجناء المرضى أو العجزة أو المسنين”.
وأوضح عضو اللجنة، المفوض هاني مجلي، أنه “يمثّل عشرات الآلاف من المختفين والمفقودين صدمة وطنية”، مشيراً إلى أن “أسر المفقودين من جميع الأطراف في سوريا اجتمعوا معاً وحثوا المجتمع الدولي على مساعدتهم وتسهيل مبادرة مستقلة ذات تفويض دولي لتنسيق المعلومات المتعلقة بالمفقودين وتوحيدها”.
وتوجّه رئيس اللجنة بالسؤال إلى الأمم المتحدة “هل سنبقيهم منتظرين أم أن الدول الأعضاء ستتصرف الآن استجابة لندائهم؟”.
محنة أطفال مخيم الهول
ولفت تقرير اللجنة “الانتباه إلى محنة ما يصل إلى 40 ألف طفل في مخيم الهول، وغيره من مخيمات النزوح التي تحولت إلى مراكز احتجاز في شمال شرقي سوريا، حيث حُرموا بشكل غير قانوني من حريتهم لعدة سنوات”.
وقال بينيرو إن “معظمهم تحت سن 12 سنة، وما يقارب نصفهم عراقيون، وهناك 7800 نازح من حوالي 60 دولة أخرى”، متسائلاً أنه “كم مرة سيتعين علينا دعوة الدول الأعضاء والسلطات المحلية لإعادة أطفالهم إلى بلادهم؟”.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن “هؤلاء الأطفال هم ضحايا أولاً وأخيراً، إنهم بحاجة إلى الحماية والتعليم وطفولة حقيقية، ولا يمكن تبرير معاقبة الأطفال على جرائم آبائهم”.
Sorry Comments are closed