برز اسم رفعت الأسد في بداية الثمانينات من القرن الماضي، كأحد أبرز المجرمين ضد الإنسانية في سوريا من خلال الحملات الدموية التي قادها مع تشكيلات سرايا الدفاع والوحدات الخاصة التي أسسها في ذلك الوقت لمواجهة معارضي حكم نظام الأسد الأمني الطائفي السفاح الذي استحوذ على حكم سوريا من خلال انقلاب عسكري في بداية سبعينات القرن الماضي.
من هو رفعت الأسد؟
هو رفعت علي سليمان الأسد، الشقيق الأصغر للمجرم النافق حافظ، ولد في 22 / 8 / 1937 في مدينة القرداحة بريف اللاذقية، وتولى منصب نائب رئيس الجمهورية في سوريا، وعضو القيادة القطرية لحزب البعث وهو قائد سرايا الدفاع.
شارك في انقلاب 8 آذار عام 1963 الذي هيمن بموجبه حزب البعث على قيادة سوريا، وكان رفعت على رأس الضباط البعثيين الذين تخرجوا من الكلية الحربية حيث شارك بعد تخرجه في انقلاب 23 شباط 1966.
كما شارك بانقلاب عام 1970 فيما يسمّى بالحركة التصحيحية، وأصبح قائداً للفرقة 569 التي ألحقت فيما بعد بسرايا الدفاع، واتبع دورة أركان حرب عليا مع مجموعة من الخبراء الروس حول العقيدة العسكرية في الاتحاد السوفياتي، وفي عام 1975 تقلد منصب رئيس المحكمة الدستورية العليا في سوريا إضافة لرئاسته لمكتب التعليم العالي
ويُعد رفعت المتهم الأول والمسؤول عن العديد من الجرائم الكبرى والمجازر الجماعية التي حدثت في سوريا في ظل حكم نظام الأسد، منها على سبيل المثال وليس الحصر مجزرة حماة عام 1982 ومجزرة سجن تدمر في 27 حزيران 1980 والتي أودت بحياة ما يقارب 1500 سجين من مختلف المستويات والطبقات الاجتماعية والسياسية والفكرية في سوريا.
فيما قام رفعت الأسد في شباط عام 1982 حينما أطبقت ميلشياته وعصاباته التي كان يطلق عليها اسم “سرايا الدفاع” حصاراً خانقاً على مدينة حماة لمدة 27 يوماً التي كانت شوكة في حلق ذلك النظام الأسدي المجرم الطائفي حيث تم الإجهاز عليها من خلال مذبحة نفذتها مليشيات ما يعرف بسرايا الدفاع والأجهزة الأمنية التي كان يقودها العقيد رفعت الأسد وبأوامر من المجرم الأكبر شقيقه حافظ الأسد.
وانتهت المذبحة بحصيلة كبيرة من القتلى وحسب تقارير من الدول الغربية، بأن من لقوا حتفهم بتلك المجزرة قد تجاوزت أربعين ألف شخص معظمهم من المدنيين. وتم اعتقال ما يقارب ذات العدد وتحولوا فيما بعد لمختفين قسريين تمت تصفية معظمهم في مسلخ تدمر البشري.
وقد وصف الهجوم أنداك من قبل الإعلام الغربي بأنه أحد أكثر الأعمال دموية التي قامت بها حكومة عربية ضد شعبها في التاريخ الحديث للشرق الأوسط.
وهذه الجرائم وغيرها الكثير من الجرائم التي حصلت في سوريا في ذلك الوقت، كان للمجرم رفعت الأسد الدور الأكبر فيها من خلال ميلشياته الطائفية المجرمة المتوحشة التي كان يقودها وتلتزم بأوامره وتوجيهاته والتي ارتكبت انتهاكات وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية كتب عنها في الإعلام الغربي الشيء الكثير في ذلك الوقت حيث كانت مليشيات سرايا الدفاع تطلق على نفسها (أكلة لحوم البشر).
وبعد تعاظم نفوذ المجرم رفعت الأسد سواء على الصعيد العسكري والأمني في سورية عام 1984 وقيامه بمحاولة انقلاب فاشلة على شقيقه النافق حافظ الأسد الذي كان في غيبوبة بإحدى مشافي العاصمة دمشق. تم إبعاد رفعت الأسد إلى خارج سوريا بعد صفقة مالية ضخمة فذهب إلى موسكو ومن ثم إلى باريس حيث مكث فيها لمدة 37 عام محاطاً بحصانة ورعاية الفرنسيين الذي أفشلوا الكثير من محاولات محاكمته عن الجرائم المنسوبة له فيما قدم له الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتيران وسام الفارس الفرنسي في ذلك الوقت وهو وسام مهم في فرنسا لا يمنح إلا للشخصيات المهمة.
إن كل الجرائم الخطيرة المنسوبة لهذا المجرم المتمثلة بقتل عشرات الآلاف والإبادة الجماعية بحق الأبرياء العزل وقيامه بهدم أحياء سكنية فوق رؤوس ساكنيها والتي ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية إضافة لجرائم العنف الجنسي التي ارتكبها وسمح لميليشياته بها بحق الكثير من النساء السوريات
فإن كل تلك الجرائم المنسوبة له وبالأدلة الدامغة على ارتكابه لها فإنها لم تحرك عدالة القانون الفرنسي الصماء.
إلا أن جرم تهرب ضريبي وجمع ثروات بطريقة غير شرعية وتبييض أموال جعلت هذا القضاء والذي كان في فترة سبات لمدة 37 عام تجاه ذلك المجرم ينتفض من سباته لمحاكمته على تلك الجنح التي لا تعادل شسع نعل أحد القتلى الأبرياء الذين قتلوا بأوامره.
ناهيك عن قيام فرنسا بتأمين مغادرة ميمونة وأمنة له ولأفراد أسرته إلى سورية بعد إدانته قضائياً.
وتحت عنوان “منعاً لسجنه في فرنسا” الرئيس الأسد يترفع عما فعله وقاله رفعت الأسد ويسمح له بالعودة إلى سورية، هذا ما عنونته صحيفة الوطن السورية المقربة من نظام عصابات الأسد في الأسبوع الماضي.
حيث كانت محكمة استئناف باريس قد أصدرت حكماً بتاريخ 9/9/2021 والذي يقضي بالسجن أربع سنوات على المجرم رفعت الأسد بجرم جمع أصول بطرق احتيالية تقدر قيمتها بتسعين مليون يورو وغسيل أموال ضمن عصابة منظمة إضافة للتهرب الضريبي بين عامي 1996 و 2016 وقد عرج الحكم الصادر أيضاً على مصادرة أملاك رفعت الأسد سواء المنقولة منها أو غير المنقولة في فرنسا.
وفقاً لهذا الشكل فإن نظام الأسد هو ليس إلا عبارة عن مليشيات إجرامية لا تحكمها قوانين ولا دولة ولا وطن.
فمن أين لرئيس جمهورية وفق الدستور والقوانين في الأنظمة التي تحترم القوانين أن يسمح لمجرم بدخول البلاد أو بعدم دخولها أليس ذلك هو من مهام القضاء ؟
ولكن في سوريا، فإن رئيس الجمهورية والذي هو عبارة عن رئيس عصابة مافيوية ليس إلا فإن له كل الحق بذلك.
ألا يوجد الكثير من السوريين المهددين بالسجن في دول الاغتراب واللجوء؟
هل يترفع رئيس العصابة الأسدية في سورية عما فعلوه وقالوه ويسمح لهم بالعودة إلى أراضيهم وديارهم بأمان وسلام أم أن هذا الأمر هو حكر على عائلة الأسد؟.
إن رئيس العصابة الأسدية في سورية لو لم يعتبر وبشكل واضح بأن سورية بجغرافيتها وقوانينها وقضائها وشعبها وجنودها وهوائها ومائها هي ملك شخصي له لما أقدم على تلك الخطوة والتي دعس من خلالها على كل قيم الدولة والقضاء.
لأن الانتماء إلى عائلة الأسد يغفر ويشفع الأقوال والأفعال وأنها حصانة من الأحكام وحماية من القضاء الفرنسي والأوربي الذي يتبجح بالعدالة وحقوق الإنسان.
إن كل ما ينتج عن خلافات ضمن دائرة العائلة الأسدية فإنه يمكن حله بالترفع والصفح والعفو.
أما خلافات هذه العائلة مع الشعب السوري فلا يمكن حلها إلا بالقمع من خلال فوهات المدافع والدبابات وصواريخ الطائرات والبراميل المتفجرة وعمليات التهجير القسري والتغيير الديموغرافي.
ولما كان المجرم رفعت الأسد الذي غادر سورية منذ 37 عام هو من الدعائم المؤسسة لتلك الثقافة والمبادئ المشار إليها أنفاً وأحد الأركان المهمة التي ساهمت في استقرار حكم أخيه المقبور حافظ الأسد بدءاً من حصار قواته لمكتب الأمن القومي الذي كان يرأسه عبد الكريم الجندي والذي قضى انتحاراً.
تلك الخطوة التي مهدت للإطاحة بمجموعة صلاح جديد وانتهت بإعلان بداية الحقبة الأسدية في سورية في 16 تشرين الثاني من عام 1970 وحتى الآن.
حيث كان للمجرم رفعت من خلال قيادته لمليشيات سرايا الدفاع التي كان هو من أسسها وقادها وأشرف عليها الدور الأكبر في قمع كل التحركات السياسية والمجتمعية والمسلحة التي ناهضت حكم أل الأسد في سورية والتي تسببت بقتل وتهجير مئات الألوف من السوريين على مساحة الجغرافيا السورية.
تلك الثقافة والمنهج التي سار عليها نظام الأسد في عام 2011 والتي اسس لها المجرم رفعت الأسد، حيث تم اعتماد مجزرة حماة 1982 أساس في التعامل مع حركة التحرر التي قام بها الشعب السوري ضد نظام الأسد الطائفي المجرم في عام ٢٠١١. وتبقى النقطة الهامة الذي سوف تكون عار على جبين العدالة والقضاء الأوربي والفرنسي الذي يتشدق بالعدالة ومبادئها ومواثيق حقوق الإنسان، الذي حاكم المجرم رفعت الأسد على قضايا مالية بينها تشغيل خادمات بشكل غير قانوني وتجاهل جرائمه التي يندى لها جبين العدالة والإنسانية ثم سمح له بعودة أمنة وميمونة إلى حيث أجرم
ختاماً: هل هروب المجرم رفعت الأسد من حكم فرنسي صادر بحقه ومن ثم عودته لسورية هي الحقيقة .. أم أن إعادته لها سيكون لها سيناريو جديد على الملف السوري سيما وأنه من خلال مصادر موثوقة بأن صفقة عودة رفعت كانت من خلال اتفاق فرنسي روسي تكللت بالموافقة الإيرانية بعد تدخل المجرم ماهر الأسد الذي تربطه علاقات وطيدة مع أبناء عمه رفعت والذي يقود الأن مفاوضات مهمة لتأمين عودة رامي مخلوف إلى كنف عائلة الأسد المجرمة.
فهل هنالك سيناريو يحاك في سورية من قبل الفرنسيين والروس وإيران لإحداث تغيير ما في سورية من خلال هؤلاء المجرمين ؟ أم أن الأمر هو هروب من السجن الفرنسي ليس إلا.
Sorry Comments are closed