أنهى باحثون سوريون استعدادتهم لإطلاق أضخم مشروع علمي هو الأول من نوعه لتأريخ الثورة وأرشفة أحداثها ووثائقها، بإشراف المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
واستغرق العمل على المشروع عدة سنوات، وقامت عليه لجنة علمية متعددة الاختصاصات والخبرات.
وقال مدير المشروع الدكتور عبد الرحمن الحاج لتلفزيون سوريا إن المشروع كان مبادرة سورية احتضنها المركز العربي، ويمثل انجازاً للسوريين.
وأضاف الحاج أن “الثورة السورية توفر لها في التوثيق ما لم يتوفر لغيرها، ومع ذلك كان ثمة قلق يراود الجميع من احتمال ضياع ما تم توثيقه مع الوقت، وكان السؤال دائماً من سيقوم بهذا المشروع؟”
مشروع شامل يعتمد قواعد البحث العلمي
وثمّن الدكتور عبد الرحمن الحاج المبادرات الفردية العديدة لتوثيق الثورة السورية “والتي ما كان ليتم أي عمل توثيقي من دون هذه الجهود، ولكن عملاً كبيراً ومهماً مثل هذا لا ينبغي أن يبقى فردياً، لأنه مسؤولية وطنية بقدر ما هي مسؤولية علمية، وبالتالي يجب على مثل هذا العمل أن يكون عملاً مؤسسياً وعلمياً، وأن يخضع لقواعد البحث العلمي التأريخي في الأرشفة والفحص والضبط والتصنيف والاسترجاع، وهذا ما حاولنا تحقيقه في مشروع الذاكرة السورية”.
وللتمييز بين أهداف وطبيعة العمل التوثيقي في المشروع عما سبقه من أعمال مشابهة، أوضح الحاج أن المبادرات المعمول بها والمهمة لتوثيق أحداث السنوات العشر للثورة السورية، اعتنت بجوانب معينة كتلك الفنية، أو اختصت بالتسجيلات المصورة أو المتعلقة بوثائق النظام المتصلة بالمسؤولية الجرمية، وبالتالي بقيت جزئية تعنى بجوانب محددة، أما مشروع مؤسسة الذاكرة السورية فهو أول مشروع شامل يعتمد قواعد البحث العلمي.
ويهدف المشروع لتقديم مرجع علمي موثوق عن الأحداث والوثائق بأنواعها المختلفة، ويتجاوز ما هو موثق ومسجل إلى ما هو غير مسجل، وفي سياق التاريخ الشفهي سجّل المشروع عشرات الشهادات، وهو بصدد إتاحة هذا التسجيل لجميع السوريين، بحسب ما ذكره الدكتور عبد الرحمن الحاج.
ما هي منجزات المشروع وكيف ستعرض؟
وأوضح الباحثون في المشروع أنه سيظهر أولاً على شكل بوابة إلكترونية تتضمن عدة منصات تعرض تاريخ الأحداث، وستكون مؤهلة لتقدم مادة توثيقة مرجعية للباحثين المتخصصين والمؤسسات العلمية والمنظمات الدولية المعنية بمصدر موثوق عن أحداث الثورة السورية، “لكنه أولاً وأخيراً موجه للسوريين ليحمي الحقيقة التي عاشوها من الضياع، ويبقي الذاكرة الوطنية حية”، بحسب وصفهم.
ويتضمن المشروع عشرات الآلاف من الوثائق بأنواعها المختلفة المكتوبة والمرئية والمسموعة، كما أنه يعتمد على مئات المصادر المفتوحة وغير المفتوحة، وعشرات الشهادات لأشخاص شاركوا في الأحداث أو كانوا شهوداً على جزء منها.
إطلاق المشروع على مراحل والنسخة الأولى قريباً
ويقول مدير المشروع الحاج إنه سيتم إطلاق النسخة الأولى من المشروع قريباً وعلى مراحل، ففي المرحلة سيتم اختبار نقاط الضعف لتطوير المشروع.
وأشار إلى أنه لا يوجد مشروع مثالي يخلو من الأخطاء، لكن المهم هو العمل المستمر لتلافيها، مؤكداً أن المشروع مستمر لمواكبة أحداث الثورة السورية يوماً بيوم.
وختم الحاج قائلاً: “نشأت فكرة الأرشيف الوطني بعد الثورة الفرنسية من أجل حفظ الذاكرة الوطنية، وهذا صار يحدث في الثورات والأحداث الكبرى والفظائع، وكلما تقدمت التكنولوجيا وفرت مزيدا من الإمكانات، لكن هذه أول مرة يتم توثيق أحداث سنوات بهذا القدر من الدقة، وما كان هذا ممكنا لولا التطور الهائل الحاصل في التكنولوجيا الرقمية مع اندلاع الأحداث.
عذراً التعليقات مغلقة