تعيش محافظة درعا، جنوبي سوريا، حالة من الترقب مع استمرار قوات الأسد في فرض الحصار على درعا البلد منذ ليلة الخامس والعشرين من الشهر الماضي، في الوقت الذي علّق فيه الجانب الروسي المفاوضات بين الطرفين بعد رفض اللجنة المركزية الممثلة للأهالي طلب النظام تسليم السلاح الخفيف.
توقف المفاوضات
وكانت قوات الأسد قد بدأت الأسبوع الماضي تطبيق حصار كامل على درعا البلد، بعد إغلاق الطرق الرئيسية المؤدية إلى مركز مدينة درعا، مع التهديد باقتحام المنطقة، لإجبار السكان على تسليم سلاحهم الشخصي، الأمر الذي رفضته اللجنة المركزية.
وأبلغ مصدر في اللجنة المركزية “المدن”، أن المفاوضات ما زالت متوقفة منذ أربعة أيام مع استمرار النظام بتوجيه رسائل التهديد، في وقت يستمر فيه غياب أي موقف من الجانب الروسي الذي يُعتبر الطرف الضامن لاتفاقية التسوية.
وكان قائد القوات الروسية في جنوب سوريا الجنرال أسد الله، المعين حديثاً، قد طلب من ممثلي اللجنة المركزية اقناع الأهالي بتسليم مئتي قطعة سلاح على الأقل تجنباً للتصعيد من طرف قوات النظام، لكن أهالي درعا البلد رفضوا هذا الطلب، مؤكدين أن السلاح الذي بحوزتهم هو للحماية الشخصية، في ظل الفلتان الأمني الذي تتسبب به المجموعات التابعة للجان الشعبية (الشبيحة) في المنطقة.
أحد أعضاء اللجنة المركزية، فضل عدم الكشف عن اسمه، أكد أن مسألة السلاح هي حجة النظام للتصعيد في درعا البلد، أما الهدف الحقيقي فهو الانتقام من سكان المنطقة وعموم محافظة درعا “بسبب موقفهم من مسرحية الانتخابات الرئيسية التي جرت نهاية أيار/مايو الماضي”.
وأضاف “قلنا للجانب الروسي ولوسطاء مع النظام قبل أسبوع إن السلاح الفردي خط أحمر لا يمكن التفاوض حوله، وهذا السلاح ملك للناس، وإرادة الناس أنه لا يمكن أن يُسلم ونحن نمثل أرادة أهلنا ولن نفرط به”.
مظاهرات تضامن
وتوقع العديد من أعضاء اللجنة المركزية ممن تواصلت معهم “المدن” التصعيد من جانب قوات النظام من أجل مزيد من الضغط، مطالبين مدن حوران وبقية المناطق السورية بمواصلة التظاهر والحراك الشعبي المندد بحصار درعا البلد والتهديدات التي يوجهها النظام للمنطقة.
وشهدت العديد من المدن والبلدات في ريف درعا مظاهرات واعتصامات، عبّر المشاركون فيها عن تضامنهم مع درعا البلد، وامتدت هذه الاحتجاجات إلى مناطق أخرى في الشمال.
الحراك هذا أكد عضو هيئة التفاوض السورية المعارضة إبراهيم جباوي على أهميته في دعم موقف أبناء درعا البلد، مشيراً إلى أن المعارضة تتواصل مع المجتمع الدولي من أجل مواجهة تهديدات النظام وروسيا لأهالي المنطقة.
ويتفق جباوي في تصريح لـ”المدن”، مع التقديرات التي تعتبر أن التصعيد الأخير للنظام في درعا سببه التحدي الذي واجه به أبناء المحافظة الانتخابات الرئاسية، وأن “الهدف من هذا التصعيد هو تركيع أهالي حوران الذين واصلوا التشبث بموقفهم الثوري المعارض رغم مرور ثلاث سنوات على اتفاقية التسوية”.
وأضاف أن “المطالبة بتسليم السلاح ليست سوى ذريعة من أجل فرض المزيد من الضغط على درعا تمهيداً لاستعادة السيطرة الكاملة عليها من جانب النظام في ظل الانحياز الروسي الفاضح إلى جانبه رغم أنه طرف ضامن لاتفاقية التسوية”.
وقال: “هذا الموقف الروسي معروف للجميع، وبالتالي فإن التعويل هو على صمود أبناء درعا الذي عبروا عنه بالرفض القاطع لتسليم أي قطعة سلاح”.
وتابع: “لم يجد النظام سوى تعليق التفاوض وفي الوقت نفسه تجنب أي تصعيد إضافي خشية أن ينفجر الموقف مجدداً في درعا التي انطلقت منها الثورة السورية، وهو ما يخشاه النظام وروسيا”.
يتمسك أهالي درعا البلد بموقفهم الرافض لتسليم السلاح الفردي، ويؤكدون أن هذا السلاح هو ضمانتهم الحقيقية في ظل الانفلات الأمني من جهة، والتهديدات المستمرة من جانب قوات النظام باقتحام المنطقة من جهة أخرى، الأمر الذي يواجهه النظام بمواصلة الحصار المفروض عليها في ظل تجاهل روسي لتطورات الوضع هناك.
عذراً التعليقات مغلقة