تشهد محافظتا درعا والسويداء جنوبي سوريا حراكاً شعبياً في محاولة من الأهالي منع نظام الأسد من استكمال عملية الاقتراع للانتخابات الرئاسية المزمع عقدها يوم غدٍ الأربعاء.
وأكدت فعاليات مدنية في الجنوب السوري عبر بيان لها مقاطعة انتخابات النظام” اللا شرعية”، وطالبت المدنيين بعدم المشاركة، معلنةً يوم 26 أيار/مايو يوم “حزن وحداد”، وذلك لأنَّها تجري في مناخ استبدادي، وتعدُّ حلقة في سلسلة الهيمنة الإيرانية على قرارات الدولة السورية.
نقيب المحامين الأحرار في درعا المحامي سليمان القرفان، أوضح لشبكة “آرام” أنَّ هذه الفعاليات تعتبر صاحبة الصوت الأعلى المسموع حالياً في درعا، وسيكون لهذا البيان أكبر الأثر في مقاطعة الانتخابات في المحافظة.
وتوقّع المحامي أنَّ غالبية قرى وبلدات ومدن محافظة درعا لن تشارك في الانتخابات، ولن يكون فيها مراكز انتخابية، معتقداً بأنَّ المراكز ستقتصر على المناطق التي يوجد فيها مساكن لضباط وصف ضباط الجيش، مثل: “درعا المحطة والصنمين وإزرع”، وهي مناطق لم يتم تحريرها سابقاً.
وفيما يتعلّق بتأثير المقاطعة للانتخابات في محافظة درعا ذكر “القرفان” أنَّه سيكون لها أثر كبير وحجية على هزلية الانتخابات، ورفض المواطنين البعيدين عن قبضة النظام الأمنية، لافتاً إلى أنَّ المظاهرات بكلّ تأكيد ستلعب دوراً في مقاطعة الانتخابات.
مظاهرات وإضرابات
عضو “تجمع أحرار حوران” الإعلامي محمد عساكرة قال لـ”آرام”: إنَّ هناك رفض شعبي قاطع لإقامة الانتخابات في مناطق درعا، ووصلت تهديدات للقائمين على الانتخابات بأنَّه سيتم استهداف بعض المراكز حال تم تفعيلها، ومنها تعليق منشورات ورقية على جدران بلدة السهوة (شرق)، تحذّر الأهالي من المشاركة فيها.
وأفاد بأنَّ مدن الحراك (شرق) ونوى وطفس (غرب) شهدت إضراباً عاماً احتجاجاً على الانتخابات الرئاسية التي اعتبرها الأهالي “مسرحية هزلية”، فيما شهدت بلدة بصر الحرير (شرق) استنفاراً أمنياً بعد منع الأهالي نظام الأسد من إنشاء مركز للانتخابات في البلدة.
وأشار “عساكرة” إلى نقل مركز الانتخابات المعتمد وضعه في مبنى شعبة الحزب بمدينة نوى إلى مركز الناحية وسط المربع الأمني في المدينة، وذلك بعد فرار معظم الأعضاء العاملين في شعبة الحزب مع عائلاتهم إلى العاصمة دمشق، خوفاً من استهدافهم، ومن ضمنهم المدعو “فريد العمارين” وعضو مجلس الشعب السابق “فوزي الشرع”.
وعصر اليوم الثلاثاء، تظاهر أبناء درعا البلد في ساحة المسجد العمري بمدينة درعا، رفضاً لمسرحية الانتخابات الرئاسية، ورفع خلالها المتظاهرون أعلام الثورة السورية، ولافتة كبيرة كُتب عليها: “لا مستقبل للسوريين مع القاتل”، إضافة إلى مظاهرة في مدينة طفس (غرب) وأخرى في بلدة بصر الحرير (شرق).
ضغوطات من النظام
أكد “عساكرة” أنَّ نظام الأسد يمارس الضغط على الموظفين في الدوائر الحكومية عبر الانتخاب مقابل حصولهم على الراتب الشهري، ولا سيما في درعا المحطة بالمدينة، وأمس الاثنين، أخرج نظام الأسد حشداً من طلاب جامعة دمشق – فرع درعا في مسيرة موالية له، في منطقة البانوراما بالمدينة مع تهديدهم بالفصل من الجامعة.
فيما تحدث عن إفراج النظام عن ثلاث دفعات من المعتقلين كانت أولاها خمسين معتقلاً والثانية أربعين آخرين، وذلك من باب استقطاب الناخبين له، لكن معظم المفرج عنهم محكومين بتهم جنائية أو مخدرات وقلائل من معتقلي الثورة. وفق “عساكرة”.
أوضاع السويداء
قام مجهولون في مدينة السويداء بتمزيق وإزالة صور المرشحين “الشكليين” للانتخابات الرئاسية المرتقبة، وذلك قبل يومين من موعد الانتخابات، التي يصفها البعثيون بـ”العرس الديمقراطي”، بينما يعتبرها المعارضون للنظام والمجتمع الدولي “غير شرعية”.
وبحسب شبكة “السويداء 24” فإنَّ مجهولين شوهوا العديد من صور الإعلانات الانتخابية في مدينة السويداء، لـ”بشار الأسد”، وسارع أعضاء حزب البعث إلى تبديل الصور، فيما التقى وفد حكومي يضم رئيس مجلس الوزراء، حسين عرنوس، وعدد من الوزراء، مع مسؤولي المحافظة والجهات المعنية فيها، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ سنوات.
وقال مصدر حقوقي من مدينة السويداء (فضل عدم ذكر اسمه لضرورات أمنية) لـ”آرام”: إنَّ هذه الزيارة للسويداء تأتي في سياق “الرّشاوى الانتخابيّة التي يقدمها النظام للسويداء بعد أن كانت انهارت صورته إلى الحضيض”.
وأكد الحقوقي أنَّ المعارضة في السويداء بجميع أطيافها مقاطعة للانتخابات، وبشكل علني أغلبها، لكن لا يُوجد حراك شعبي ضد الانتخابات، فالواقع الأمني لا يسمح بذلك إطلاقاً، بل يُوجد بعض الحالات الخجولة والآراء والمُحاولات، ولكن لا ترقى لأن تكون “رفضاً شعبياً”.
وأيضاً لا يُوجد مناطق مُقاطعة للانتخابات ضمن السويداء، فالنظام حرص على زرع خيمه، وبالتالي صناديق الاقتراع في كلّ مكان، لكن هناك استياء من النفاق والمظاهر الماجنة لأجواء الانتخابات.
كما يوجد حذر وتخوُّف من الإفصاح عن الرأي حيال الانتخابات بشكل علني، وبحسب الحقوقي فإنَّ “الناس في بيوتها شيء، وفي حياتها العامة شيء مختلف تماماً”، إنَّها سطوة الاستبداد للأسف”.
ونوّه الحقوقي إلى أنَّ قانون الانتخابات العامة رقم 5 لعام 2014 قد عاقب في المواد 113 و114 على من يقوم بتهديد أيّ شخص للذهاب والانتخاب قسراً، لأنَّ ذلك الفعل يُعتبر مؤثراً في نتائج العملية الانتخابية.
وأشار إلى أنَّ الكلّ يعرف كما جميع السوريين أنَّها “مسرحيّة سمجة تتكرّر منذ نصف قرن”، موضحاً أنَّ نسبة المُشاركة بالحملة الانتخابيّة هي بمعظمها مُتكوّنة من الموظفين والبعثيين أينما كانوا في الوظائف العامة أم في النقابات والاتحادات (عمال فلاحين رياضيين حرفيين …الخ) إضافة لما يُسمّون وجهاء وزعماء تقليديين، ومشايخ السلطة.
وأردف الحقوقي: “أستطيع أن أجزم أنَّ نسبة المشاركة الطّوعيّة هي مُتدنيّة للغاية”، وباختصار ما يحصل هي انتخابات الأمر الواقع لسلطة الأمر الواقع، ومأساة سوريّة ستستمرّ بظلّها، سوريا لا تحتاج شيء بقدر احتياجها للحلّ السياسي وفق ما نصّ عليه القرار الأممي 2254.
وبالتالي، فإنَّ الانتخابات في السويداء كغيرها من المحافظات، حيث يتمّ توظيف رجال الدين المحسوبين على السلطة، والزعماء التقليديين، والنقابات جميعها، والتربية والجامعات (…) إضافة للبعثيين وكتائب البعث الذين هم زنبرك التّنظيم للحملة الانتخابيّة، مشيراً إلى أنَّ الحالة الفصائلية في السويداء هي “بمعظمها جذرها أمني ويتم توظيفها طبعا لصالح الأمن”.
ومن دون شك يتمّ استخدام الضّغط النّاعم الذي يحمل رسائل تهديدية لمن لم يشارك، حتّى أنَّ بعض القضاة كانوا من روّاد خيمة الانتخابات، علماً أنَّ قانون السلطة القضائية، ولاسيّما المادة 81 يحظر على القضاة إبداء الآراء والميول السياسيّة والاشتغال بالسياسة.
وأمام الفراغ السياسي وانعدام تشكّل البديل السياسي عن النظام، وأمام التّرهيب الأمني، والاستهفاف الدّولي، وتهافت المعارضة، يؤدي ذلك بالمجتمع إلى المشاركة بالانتخابات، لا لاقتناعها بجدواها وأثرها الإيجابي، بل لمخاطر عدم المشاركة، والوقوع في فخّ الاصطياد الأمني للذي لم يشارك. حسب الحقوقي من السويداء.
Sorry Comments are closed