بسم الله الرحمن الرحيم
بعد انتباهةِ عينيكِ
ما لونُ ذكرياتكِ في المرايا
ودموعكِ على رحيل الياسمينْ …؟!
وهذا العمر الساكنُ أرجاءَ المنافي
أين يمضي ..؟
أسيرُ رمشينِ أنا ..!
رمشانِ يعلِّمان نخل العراقُ احتراف الشموخِ
ومعجزةَ الرُّطبْ …
وجهكِ يُحيلني إلى أُمي
حين كنتُ صغيراً في أوَّلِ المشيِ
وكانت خطواتي المرتبكة تزغردُ على الأرضِ
لأخبَّ سريعاً إليها …
فهل أنتِ أمي
التي كانتْ توشّحُ لي الخطوات بالبسملةِ
وتخشى على شعري حتى مِنْ هبوب النسيمِ؟!
وهل أنا ذاكَ الطفلُ الذي كنتُهُ؟
ليتَ أني …
وليتني نسيتُني ولو رفَّة رمشينِ لأنام على نمارقِ يديكِ ..
لكنِّي كبرتُ كثيراً في الجرح يا أمي ..!
يداكِ بحيرتانِ بعشر بجعاتٍ يطفن على ماء السكينةِ
ما خُلقتا إلاّ لتفيقَ القصيدةُ على رنَّةِ أساورهما …
فهاكِ القصيدةَ مكتوبةً بحبر الروحِ أَرسلتُها مع هدهدي
خذيها واقرئيها …
“فإنّها مِنْ سليمانَ وإنها بسم اللّه الرحمن الرحيم”
تيهي يا بلقيسُ بخلخالكِ
وعلِّمي الغصونَ أنوثة التَّمايسِ على كتف النهرِ ..
علِّمي الحبارى رقصة العشق والموتِ …
العاصي … سأربطه عقداً حول جِيدكِ
وأسحقُ حروفي كحلاً
فليس غير الحروفِ
تليقُ كحلاً بهذا الرمش النَّبيلِ ..
عيناك الخرافةُ
يا لعينيكِ: البحارُ السبعةُ والسمواتُ
فكيفَ استطعتِ احتضانَ القارات الخمس فيهما؟
وكيف قدرتِ أن تروِّضي الوعول البريةِ في مجاهل أفريقيا على يديكِ؟
فصارتْ تأكلُ العشبَ من يديكِ
وتشربُ من يديكِ
وتنامُ على يديكِ
وهذي الطيور
كيف ابتكرتْ هذا الخريفَ هجرةً استثنائيةً إليكِ؟
فصارت تبني أعشاشها في خطوط يديكِ ..
بل وكيف تمكَّنتِ بحنكة أنثى
أن تجعلي مصابَّ الأنهار في نهديكِ؟
هل قلتُ تراخت بين نهديكِ دلتا مصر
والسند
والغانج؟
هل قلتُ أينعتْ كرومٌ ونضجتْ سنابلُ؟
فوزَّعتِ كربَّاتِ الخصبِ
القمحَ والأعناب والخمور والبركاتِ على الفقراءِ
فأجهشوا إليك بالصلاة …
سلاماً يا سيدة الأنهارِ
وإليكِ مني السلامْ
يا للدواري: كيفَ خالَفتْ نواميس الكونِ
وخلعتْ عليك وحدكِ طبعها في الزقزقة
يا للبحار: كيفَ أهدتكِ عن طيب موجٍ
الموانئ والمناراتِ والجزر والخلجان
***
منذ زمانْ
منذ زمانٍ لم ترتعشْ قصيدتي برذاذ شفاه أُنثى
آختْ غرائر الغيمِ
شفاهٌ تشرحٌ مزايا النبيذ المكنونِ في الخوابي ..
منذ زمانٍ
لم تنم قصيدتي إلاَّ على
وسائد محشوةً بشوكِ الأرقْ
فليتَك تُتقنين حبري
ولو لقصيدةٍ
لأُعلَّمَكِ فن العشق بعد الأربعين
ولأدلَّكِ كيف يُقطفُ الحبقْ
أنا رسولُ الهوى
وخاتمُ العاشقينَ
أيوبُ الانتظارِ أنا ..
وأنتِ الرسولة والرسالةُ والوحيُ الأمينْ ..
فكلُّ ما فيكِ قابلٌ للقصيدةِ
وكلُّ ما فيكِ قابلٌ للذكرى
سيدةَ الاحتمالاتِ والمستحيلاتِ والمعجزاتِ
كلُّ شيء قابلٌ للصمتِ
سواها قصيدتي
بعد انتباهة عينيكِ
تأبى أنْ تصمتَ
أو تنامْ …
سليمان محمد نحيلي
23 آذار 2011
عذراً التعليقات مغلقة