بدأت خلال الأسابيع القليلة الماضية تلوح بالأفق ملامح تقارب تركي سعودي وبدأت تظهر معالمه وتزداد يوما بعد يوم بعد ظهور مؤشرات إيجابية من الطرفين لإعادة تطبيع العلاقات بينهما، وبالرغم من أن الموضوع ما زال في طور التصريحات المتبادلة بين الجانبين والتي تتصمن نية البلدين إزالة عوامل التوتر والخلاف والبدء بمرحلة جديدة عنوانها التعاون، إلا أن الأهمية السياسية لهذا الموضوع وانعكاساته على المستوى الإقليمي جعله مادة إعلامية دسمة لا بد من التطرق لها ..
إن المؤشرات “الإيجابية” والتي بينت ملامح التقارب كثيرة أولها، مطلع الشهر الماضي، عندما قام العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز بتقديم التعزية بضحايا زلزال ولاية إزمير التركية، إضافة للإعلان عن مساعدات للمنكوبين في الزلزال، بتوجيهات منه.
تبع ذلك اتصال بين الملك السعودي والرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، قبل يوم من قمة العشرين التي استضافتها السعودية، في تطورٍ جاءت أهميته من كونه الوحيد الذي يجريه سلمان بن عبد العزيز مع رئيس دولة مشاركة في القمة ثم بعد ذلك لقاء ودي جمع وزيري خارجية السعودية، وتركيا، الأمر الذي أعطى صورة أكثر وضوحا لوجهة نظر الطرفين، لا سيما مع إشارة الأخير إلى أن بلاده تولي أهمية لعلاقاتها مع السعودية، معتبرا أن “الشراكة القوية بين تركيا والسعودية ليست لصالح البلدين فحسب، بل للمنطقة بأكملها”.
انعكاس التقارب على الثورة السورية
لقد عانت الثورة السورية وعلى مر السنوات السابقة من تداعيات التجاذبات والخلافات في سياسات الدول الداعمة لها وكان تأثير ذلك مباشرا على جغرافيا الثورة السورية التي كانت الخاسر الأكبر من جراء ذلك، وبالتأكيد إن أكثر تلك الخلافات الإقليمية كان تأثيرا هو عدم اتفاق السياستين السعودية والتركية الذي انعكس بصورة سلبية على الثورة السورية بشكل جعلها مفتتة جغرافيا، فالسعودية دولة لها ثقلها العربي الكبير وتركيا كذلك الأمر على المستوى الإقليمي، ولهذا فإن أي تقارب سعودي تركي بالنسبة للثورة السورية من شأنه أن ينعكس بشكل ايجابي مباشر على الأرض بما يخدم مصالح الثورة على كافة المستويات وبالأخص المستوى السياسي حيث سيتم اتخاذ موقف حازم وموحد إقليميا ضد النظام السوري، أما على الصعيد الداخلي فإن الاتفاق من شأنه أن يوحد جميع مكونات الثورة لتحقيق الهدف الذي قام الشعب السوري من أجله في اسقاط النظام المجرم، فالسعودية ستبتعد خطوة عن الإمارات -التي أعادت علاقتها مع الأخير- وربما أكثر وهذا يحدده حجم التعاون المستقبلي مع تركيا، وبالتالي عودة السعودية إلى المعسكر الرافض للنظام السوري وهذا سيؤثر على مواقف عدة دول تنوي إعادة علاقاتها مع رأس النظام وبالتالي إضعاف الحلف العسكري للأخير والدول الداعمة له ماديا، وكما أن من أهم نتائج التقارب السعودي التركي هو قطع السعودية الدعم عن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي اتجهت لدعمها خلال العامين المنصرمين، رغم ارتكاب قسد انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية بحق أبناء الجزيرة السورية.
لقد عانت الثورة السورية كثيرا من ويلات الخلافات والتوترات بين الدول الداعمة لها، و قد أثبت التجارب أن الاتفاق والتحالف بين الدول الداعمة لها سيساهم بشكل كبير في دعم الثورة و تقريب نهاية النظام السوري من خلال الضغط المؤثر عليه وإجباره على الرضوخ للقرارات الأممية وعدم فتح أي ثغرة له للمناورة والالتفاف عليها.
عذراً التعليقات مغلقة