ياسر محمد- حرية برس:
يدخل شهر رمضان المبارك غداً الجمعة على معظم الدول الإسلامية، وسط إجراءات عزل وحجر صحي وإغلاق للمساجد وتقييد حركة، من جراء تفشي فيروس “كورونا” المستجد في جميع أنحاء العالم.
ويعدُّ رمضان هذا العام استثنائياً، إذ إن العالم لم يشهد له مثيلاً من قبل، ففي الجوائح القديمة كان الإغلاق جزئياً يشمل دولة أو عدة دول، ولم يسبق أن شمل الإغلاق العالم بأسره، ولم يمر علينا رمضان بمساجد مغلقة بما فيها المسجد النبوي والمسجد الحرام والمسجد الأقصى.
معظم الدول الإسلامية أعلنت استمرار غلق المساجد ومنع إقامة صلوات الجماعة والجمعة والتراويح في شهر رمضان المبارك، ما أثار موجة حزن وتأثر في أوساط الشعوب الإسلامية في العالم بأسره.
وفي خطوة استثنائية، قررت السلطات السعودية إقامة صلاة التراويح بالحرمين الشريفين مع استمرار تعليق حضور المصلين، وتخفيف قيود حظر التجوال المُقرر لمواجهة فيروس كورونا خلال أيام شهر رمضان الفضيل.
وقالت رئاسة شؤون الحرمين، في بيان أمس اليوم الأربعاء، إنه تقرر إقامة صلاة التراويح بالحرمين الشريفين وتخفيفها إلى 10 ركعات مع استمرار تعليق حضور المصلين.
فيما أعلنت معظم الدول الإسلامية استمرار تعليق الصلوات وكذلك صلاة التراويح في المساجد، مع التوصية بإقامة الصلوات جميعها في البيوت.
رئيس دولة ومشايخ ومثقفون يدعون لإفطار رمضان!
وفي خطوات وتصريحات أثارت كثيراً من الجدل والغضب في الشارع الإسلامي، دعا مشايخ ومثقفون إلى الإفطار في رمضان، بحجة أن الصيام يؤثر سلباً على الناس في وجود الجوائح والأوبئة.
وفي هذا الصدد، دعا رئيس طاجيكستان، إمام علي رحمن، المزارعين في بلاده إلى الإفطار في شهر رمضان ثم قضاء الصوم في فترة لاحقة، بدعوى الحفاظ على صحتهم وإنتاجيتهم أثناء تفشي وباء كورونا، وفق ما نقل موقع “الجزيرة نت”.
وفي خطاب ألقاه اليوم الخميس، قال الرئيس علي رحمن: “أدعو كل من يعملون في الحقول.. باسم صحتهم وعائلاتهم، ولضمان مصلحة أسرهم، إلى استغلال هذه الرخصة الشرعية وقضاء الصوم في وقت أكثر ملاءمة”.
ولم تسجل طاجيكستان أي إصابات بفيروس كورونا، لكنها أغلقت الحدود واتخذت إجراءات أخرى لمنع انتشار الفيروس، منها إغلاق المساجد.
وفي الأيام الأخيرة أبدى ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي سخطهم على تصريحات للروائي وأستاذ الفلسفة الإسلامية، يوسف زيدان، قال فيها إن “الأطباء والعلماء أجمعوا على إفطار رمضان في وقت الأوبئة”، ولم يذكر أسماء هؤلاء العلماء والأطباء، إلا “الرازي”.
من جهته، قال الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، رداً على سؤال بشأن صيام رمضان هذا العام في ظل تفشي الوباء، أن التخوف من الإصابة بفيروس كورونا يبيح الإفطار، ما دفع علماء آخرين للرد عليه ومناقشة فتواه.
وفي الإطار ذاته، أفتى المرجع الشيعي الأعلى بالعراق، علي السيستاني، بأنه “إذا حلّ شهر رمضان القادم على مسلم وخاف من أن يصاب بالكورونا إن صام ولو اتخذ كافة الإجراءات الاحتياطية سقط عنه وجوبه بالنسبة إلى كل يوم يخشى إن صامه أن يصاب بالمرض”.
إلا أن هذه الفتاوى قوبلت بردود فعل غاضبة من الشارع، وفتاوى مضادة من مؤسسات دينية عريقة، على رأسها “جامع الزيتونة” في تونس، الذي أصدر علماؤه فتوى قالوا فيها: “حكم الصّوم ثابت بالنصّ القطعيّ، ومعلوم من الدّين بالضّرورة، وهو واجب على كلّ مكلّف مقيم صحيح خال من الموانع الشّرعيّة. فلا يجوز الفطر إلّا لأصحاب الأعذار من المرضى والمسافرين وكبار السنّ ونحوهم. ويجوز للمصاب بوباء كورونا الفطر في رمضان بناء على توجيهات الأطباء المباشرين لحالته”.
وأضاف البيان أن الحديث عن التأثير على المناعة “يعدّ من التقدير الفاسد والاحتياط المُتوهّم. وعليه فإنّنا نهيب بكلّ مسلم ألا يلتفت إلى هذه الادعاءات المتهافتة”.
منظمة الصحة ودول أوروبية توجه نصائح لصائمي رمضان
وقبل بدء شهر الصوم، وجهت منظمة الصحة العالمية نصائح طبية واحترازية للمسلمين، وأكدت التوصيات أن معدلات تعرق الجسم تزيد مع ارتفاع درجات الحرارة، لذلك من الضروري شرب السوائل لتعويض ما يفقده الجسم خلال ساعات النهار، أي ما لا يقل عن 10 أكواب.
وأشارت التوصيات إلى ضرورة تجنب تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين مثل القهوة، والشاي، والمشروبات الغازية.
كما نصحت المنظمة بتناول الأطعمة الغنية بالمياه، مثل الحساء أو سلطة الخضروات الطازجة، والتواجد في أماكن مُظلله ذات تهوية، وتجنب التعرض لأشعة الشمس خلال ساعات الظهيرة.
وأكد البيان أن الإفطار على 3 حبات تمر مفيد للغاية، كون التمر غني بالألياف، كما أكد على أن يحتوي طعام الفطور والسحور على الفيتامينات والبروتين، وأن يكون متوازناً.
وكانت المنظمة أشارت في وقت سابق إلى غياب أي دراسات تكشف عن العلاقة بين الصوم وخطر الإصابة بـ”كوفيد-19″، مؤكدة على ضرورة منح المواطنين الأصحاء فرصة ليصوموا هذا العام كالعادة رغم تفشي الفيروس.
وفي الدنمارك، وجّه وزير الهجرة والدمج الدنماركي، ماتياس تيسفايا، نداءً لمسلمي بلده البالغ عددهم نحو 320 ألفاً بمناسبة حلول شهر رمضان، داعياً إياهم إلى الانتباه لعدم الوصول إلى انفجار في حالات العدوى بفيروس كورونا.
وعرض التلفزيون الدنماركي، دي آر، اليوم الخميس، مجموعة إرشادات حول رمضان مقدمة من إدارة الصحة الدنماركية في أوقات كورونا بالطلب من الصائمين ألا يفطروا “إلا مع من يعيشون معهم، وأن يقيموا صلاة التراويح والطقوس الأخرى، كالاعتكاف، في البيوت، وفقط مع من يعيشون معهم”. وأضافت القناة نقلاً عن الصحة: “تجنبوا أن تكونوا أكثر من 10 أشخاص، وهو ما ينطبق على تواجدكم في الحدائق وفي الطبيعة، مع أخذ مسافة مترين بين الأشخاص وتجنب الاتصال الجسدي، مثل المصافحة والتقبيل والعناق، ولا تحتفلوا بالعيد إلا مع من تعيشون معهم”.
Sorry Comments are closed