ياسر محمد- حرية برس:
ليس جديداً القول إن “هيئة تحرير الشام” المسيطرة بشكل كبير على إدلب أو ما تبقى منها، تعتمد اقتصادياً بشكل كبير على إيرادات “المعابر” مع تركيا من جهة، ومع نظام الأسد من جهة أخرى، ضاربة عرض الحائط بالانتقادات الشعبية التي تصاعدت يوم أمس واليوم ضد مشروع جديد للهيئة يقضي بافتتاح معبر مع مناطق سيطرة النظام من جهة سراقب التي احتلها نظام الأسد في حملته الأخيرة.
ويعتبر سياسيون وناشطون أن افتتاح المعبر المزمع الذي أعلنت عنه الهيئة، يأخذ بعداً سياسياً، إذ يثبت سيطرة الأطراف ويرسم الحدود، وهذا يعني تنازلاً وإقراراً باحتلال سراقب ومعرة النعمان وخان شيخون ومئات القرى التي احتلها النظام وحلفاؤه في الأشهر الأولى من عام 2020.
ومؤخراً، أعلن مسؤول العاقات العامة في “هيئة تحرير الشام”، عماد الدين مجاهد، أن “الهيئة” تنوي افتتاح معبر تجاري مع قوات النظام، ما بين سراقب وسرمين، الأمر الذي استدعى اعتراضاً شعبياً كبيراً، وتوجه ناشطون إلى سراقب للتعبير عن الرفض ومحاولة إفشال المشروع في حال الشروع به.
وصدرت عدة بيانات رافضة لفتح المعبر، معظمها عبر عن التخوف من انتقال فيروس كورونا من مناطق سيطرة النظام إلى مناطق سيطرة المعارضة، وهو ما دفع “نقابة أطباء الشمال المحرر” للتحذير من افتتاحه، معتبرة أنه خطر على الأمن الصحي في المنطقة.
كما صدر بيان عن “أهالي معرة النعمان وفعالياتها المدنية”، جاء فيه أن “افتتاح معبر مع قوات النظام سيكون طعنة لثورتنا المباركة وخيانة لدماء شهدائنا”، كما أنّه “طوق نجاة لنظام يترنح تحت أزمته الاقتصادية وربما يكون هذا المعبر البوابة التي يصل بها وباء كورونا للمناطق المحررة”.
في حين دعا بيان لـ”أهالي سهل الغاب” بريف حماة الغربي، إلى الوقوف في وجه “كل من تسول له نفسه الدعس على كرامة أهلنا عبر التطبيع مع النظام المجرم والوقوف معه وإنعاشه”.
وكانت “تحرير الشام” بررت قرارها بتراجع الحركة التجارية في محافظة إدلب بعد الحملة العسكرية الأخيرة على مناطق شمال غربي سوريا، و”فقد عشرات الآلاف من الناس أعمالهم وأرزاقهم وأراضيهم”.
وأضافت الهيئة أن العديد من التجار طلبوا إعادة فتح المعبر التجاري عبر منطقة سرمين- سراقب، “فالكتلة السكانية الكبيرة في محافظة إدلب لا تعيش في جزيرة منقطعة عن سبل الحياه واحتياجاتها”، وفق بيان “الهيئة”.
واعتبرت “الهيئة” الأسباب السابقة عاملاً ملحاً لدراسة الاعتبارات والتعامل معها، إلا “أن أصل الثورة هي المفاصلة الكاملة مع النظام المجرم وعدم مناقشة ذلك إلا في حالات الإكراه وما ألجأت إليه الضرورة في ذلك، ومنوط ذلك اجتهادي بعيداً عن القطعية في الأحكام في أمور التبادل التجاري بما تعود منفعته على المناطق المحررة”.
إلا أن تبريرات “الهيئة” لم تجد أذناً مصغية عند عموم سكان المحرر الذين واصلوا هجومهم على خطوة الهيئة وعدوه خيانة وتنازلاً عن الأرض.
وعلى خلفية الاحتجاجات الشعبية، ربما ترجئ “الهيئة” افتتاح المعبر أو تغير مكانه، وفق ما نقل الإعلامي الميداني أحمد رحال، الذي كتب في تغريدة على تويتر، اليوم السبت:
“نقلا عن العلاقات الإعلامية لتحرير الشام: بعد مراجعة وجهات نظر الناس حول افتتاح معبر مع مناطق العدو.
كان القرار بعدم فتح المعبر حتى انتهاء أزمة كورونا أو تغير الخريطة الجغرافية إيجابا أو منطقة أخرى يمكن أن يفتح بها منفس تجاري للمنطقة بعد إنتهاء كورونا”.
وكان رحال نقل عن المصدر نفسه، أمس الجمعة، خبر افتتاح المعبر، فكتب على صفحته في تويتر: “بحسب تأكيد من العلاقات الإعلامية لتحرير الشام: اعتبارا من الغد سيتم افتتاح معبر بين سراقب وسرمين للحركة التجارية فقط، وبعد وصول السيارة من طرف ميليشيات الاحتلالين الإيراني والروسي لساحة المعبر يتم تعقيم السيارة والبضائع من قبل فريق مختص ويعود السائق باتجاه مناطق سيطرة العدو”.
يذكر “الإدارة العامة للمعابر” التابعة لـ”حكومة الإنقاذ” الذراع التنفيذي لـ”تحرير الشام”، أعادت فتح جميع المعابر في مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام” وفق آليات جديدة، وذلك بعد إغلاق دام نحو أسبوعين.
وكانت “حكومة الإنقاذ” قد أغلقت معبري “دير بلوط” و”الغزاوية” بين حلب وإدلب، بداية شهر نيسان الجاري، قائلة إن القرار يأتي “حرصاً على سلامة المدنيين في المناطق المحررة مِن الإصابة بفيروس كورونا المستجد”.
Sorry Comments are closed