ثلاثةُ أعوامٍ مضتْ على مجزرة مدينة “خان شيخون” جنوب إدلب، بكيماوي نظام الأسد، التي ذهب ضحيتها ما لا يقل عن مئة ضحية جلّهم نساء وأطفال ومئات المصابين، حيث قضت على عائلات بأكملها، وعامان على مُضي آخر مجزرة كيماوي في مدينة “دوما” بغوطة دمشق الشرقية حيث قُتل نحو خمسين شخصًا واختنق مئاتٌ آخرون.
اليوم ونحن نستذكر تلك الصور في مجزرة خان شيخون وتلتها مجزرة دوما اللتين لا تزال نظرات ضحايا أطفالهما تُلاحقنا تُساؤلنا لماذا نذبح، لماذا نخنق، لماذا نموت بصمت، ويبقى المجرم طليق اليدين اللتين يُواصل بهما قتل الشعب السوري بكافة أنواعه سواء بالقصف، أو الاعتقال، أو خنقه اقتصاديًا عبر حرمانه من أبسط مقومات الحياة تحت ذريعة أنَّه مُعاقبٌ دوليًا!.
مراقبو انتهاكات القانون الدولي الإنساني، سجَّلوا في تلك المجزرتين انتهاكًا صارخًا، سبقه وتلاه جرائم كبرى لم يُحاسب عليها نظام الأسد، إذ فشلت الأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها في إنقاذ الشعب السوري من جرائم نظام الأسد وانتهاكاته.
واستخدمت روسيا حقَّ النقض “الفيتو” 12 مرَّةً، لمنع صدور قرارات عن مجلس الأمن بخصوص سوريا، منذ اندلاع الثورة السورية في العام 2011 من بينها ستة قرارات ذات علاقة باستخدام السلاح الكيماوي كان آخرها في 11 نيسان/أبريل 2018، لإسقاط مشروع أميركي يهدف إلى التحقق من استخدام الكيماوي في “دوما”.
الهجوم بالسارين والكلور في دوما في نيسان/أبريل 2018 جعل هجمات النظام بالسلاح الكيماوي تصل إلى نحو 300 هجمة معظمها بغازات الكلور والسارين سقط ضحيتها من الشعب السوري أكثر من 2000 شهيد وآلاف المصابين، كان آخرها هجوم الكبانة شمال اللاذقية، في 19 أيار/مايو 2019 ، خلال المعارك الدائرة هناك سقط نتيجته أربعة مصابين.
الضربات الأمريكية
كان حدثًا غير اعتياديًا، بعد مجزرة خان شيخون بثلاثة أيام، وأدخل السرور والبهجة لمعظم الشعب السوري من كبيره لصغيره وبعث الأمل في قلوب الحيارى وخفّف لساعات قليلة بعضًا من الألم.
أنا شخصيًا سُررت بخبر خروج مطار الشعيرات عن الخدمة، فهذا أمر عظيم جدًا لأنّ من ذاق طعم الغارات التي تشنّها طائرات السيخوي بالمناطق المحرَّرة في حمص وحماة وإدلب وحلب واللاذقية يعرفون تماماً ما معنى هذا الحدث.
خاصة أنّ المطار له أهمية كبيرة كونه يُعد من أكثر القواعد العسكرية والتدريبية فعالية في المنطقة الوسطى، ويضمُّ الفرقة 22 اللواء 50 جوي مختلط، وتقدر نسبته بـ 25 في المئة من قدرة سلاح الجو السوري.
لم يكد يمرّ هذا الحدث الذي نال الكم الهائل من التصريحات الدولية والعربية والمحلية بشتّى المجالات السياسية والعسكرية والإعلامية، بل وعقدت لأجله جلسة طارئة في مجلس الأمن، حتّى عاد مطار الشعيرات من جديد للعمل بعد ساعات من إعلان خروجه عن الخدمة.
وذلك بعد إعادة الحربيات التي تم تخبئتها بطلب روسي، وإخلائه من العناصر قبل الهجوم الأميركي بالصواريخ المجنحة، كما نُشِرَت عدة صور من داخل المطار تُظهر مئات حاويات الغازات السامة التي استخدمها النظام مجددًا.
وبعد يوم من مجزرة دوما، تعرّض مطار التيفور العسكري شرق حمص لقصف جوي أمريكي، وجاء الردّ الأقوى من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي غرّد على حسابه على تويتر واصفًا نظيره السوري بشار الأسد بـ”الحيوان”، واجتمع ترامب بكبار القادة العسكريين، وأعلن أنَّه سيتم اتخاذ “قرار قوي” للردِّ على هجوم دوما، مؤكدًا أنَّ بلاده لديها “خيارات عسكرية كثيرة”. فيما لم نرَ من مجلس الأمن الدولي يوم 9 أبريل/نيسان 2018 لبحث الهجوم على دوما، سوى سجالًا كلاميًا بين مندوبي واشنطن وموسكو.
الشعب السوري بعد تسع سنوات من القتل والتهجير والتنكيل بالسجناء، والدمار الذي لا يعدّ ولا يُحصى والمآسي التي تحتاج روايتها سنوات عدة، ما يزال يعاني وحده لا أحد يشاطره حزنه، وما أقوال الغرب والعرب والأمريكان (…) إلا ادعاءات واهية لحفظ ماء الوجه، والكلّ ينظر لمأساة السوريين من جانب مصلحته الخاصة.
وإلّا لكان لزامًا عليهم سحق هذا المجرم الذليل، وما انتصاراته المزعومة على الثوار سوى من دعم جويّ وبرّي روسي – إيراني وبقية الميليشيات الطائفية التي تُقاتل إلى جانبه عن عقيدتها من جهة، وبمباركة دولية وبإمرة إسرائيلية من جهة أخرى، وما تلك التصريحات الدولية إلّا إبر مخدر وتُرَّهات يضحكون بها على هذا الشعب المسكين المستمر بثورته اليتيمة حتى الرمق الأخير.
Sorry Comments are closed