ياسر محمد- حرية برس
تتسارع التطورات السياسية والميدانية محلياً وإقليمياً ودولياً، قبل القمة المزمعة بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، في الخامس من آذار الجاري، والتي يمكن أن تسفر عن اتفاق جديد في إدلب التي تستقطب انظار العالم هذه الأيام.
فبينما لا يزال الحديث جارياً عن اشتباكات عنيفة بين قوات المعارضة وقوات النظام والميليشيات الداعمة لها في مدينة سراقب الاستراتيجية، والتي تستميت روسيا لإعادة احتلالها قبل قمة موسكو الخميس القادم، قالت وزارة الدفاع الروسية إنها نشرت وحدات من “الشرطة العسكرية” الروسية في المدينة عند الساعة الخامسة من مساء اليوم الإثنين، وهو ما تبغي منه قطع الطريق على تركيا في تقديم أي دعم عسكري لقوات المعارضة المدافعة عن سراقب، إذ كان للدعم التركي دور كبير في استعادة المدينة قبل أيام، ومن ثم صد هجومين لقوات النظام عليها.
وأعلن ما يسمى “مركز المصالحة” الروسي في سوريا، أن الشرطة العسكرية الروسية قامت بنشر وحدات في مدينة سراقب “لضمان الأمن”.
وجاء في بيان المركز: “نظراً لأهمية ضمان سلامة وحركة المركبات والمدنيين دون عائق على طول الطريقين السريعين (إم-4 و إم-5)، فقد تم إدخال وحدات من الشرطة العسكرية الروسية إلى مدينة سراقب، بدءاً من الساعة 17:00 من عصر اليوم 2 آذار/ مارس”.
إلا أن مصادر عسكرية ميدانية، أكدت مساء اليوم أن جزءاً كبيراً من مدينة سراقب ما زالت بقبضة قوات المعارضة، وأنه تم تكبيد قوات النظام خسائر فادحة فاقت 70 قتيلاً، وقتل قائد الحملة.
ويشتد الصراع على سراقب قبل قمة أردوغان بوتين كونها عقدة ربط الطريقين الدوليين (إم4، إم5) والسيطرة عليها تعني قطع أو فتح الطريقين الأهم في سوريا.
إلى ذلك، تواصلت ردود الأفعال الغربية حول موضوع إدلب، بعد فتح تركيا حدودها للاجئين، ووصول أكثر من 100 ألف لاجئ إلى الحدود اليونانية خلال أول يومين فقط.
وفي موقف طال انتظاره، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، اليوم الإثنين، إن هناك حاجة لإنشاء منطقة آمنة للسوريين.
وأعلنت ميركل تفهمها لما أسمته “توقع” الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالحصول على قدر أكبر من العون الأوروبي للتعامل مع أزمة اللاجئين.
واستدركت ميركل في حديث للصحفيين اليوم: “على أردوغان ألا يستغل اللاجئين لإبداء استيائه”، مشيرة في الوقت ذاته إلى أننا “بحاجة لمنطقة آمنة، من أجل مئات الآلاف من النازحين السوريين الموجودين على حدود تركيا”.
ومن شأن هذا التصريح أن يدعم موقف أردوغان في لقائه مع بوتين، إذ تشكل المنطقة الآمنة مطلباً رئيساً للأتراك، وفي حال إقراره فإن مفاوضات صعبة أمام الأطراف لتحديد عمق ومساحة وإدارة تلك المنطقة.
وفي السياق نفسه، يزور وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، تركيا غداً الثلاثاء، لإظهار الدعم لجهود أنقرة للتفاوض على التوصل لوقف دائم لإطلاق النار في سوريا وذلك حسبما قال مكتبه.
وقال راب في بيان إن “تركيا في مقدمة بعض من أصعب وأخطر التحديات التي نواجهها مع مواصلة النظام السوري والقوات الروسية تصعيد العنف على حدودها”.
وتابع: “كنا واضحين في تنديدنا بأفعال النظام السوري في إدلب وسنواصل إبداء القلق بشأن انتهاكاته الصارخة للقانون الدولي”. وفق ما نقلت وكالة رويترز.
وتزامناً مع زيارة الوزير البريطاني، تجري مندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة كيلي كرافت، غداً، زيارة إلى تركيا، تستمر يومين، لبحث الأوضاع الإنسانية في مناطق شمال غربي سوريا، وتقديم الدعم للموقف التركي.
وذكر بيان للبعثة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، أن الممثل الخاص للولايات المتحدة لدى سوريا السفير جيمس جيفري، سيرافق كرافت في زيارتها التي “تأتي وسط تنامي القلق من تصاعد العنف في سوريا”.
وقال البيان: “قوات نظام بشار الأسد، المدعومة من روسيا وإيران، أطلقت حملة عسكرية وحشية في إدلب، مما أسفر عن مقتل مئات المدنيين وإجبار ما يقرب من مليون شخص على الفرار، وهم يشكلون أكبر عدد من النازحين منذ بدء الحرب السورية قبل 9 سنوات”.
وأشار البيان إلى أن السفيرة كرافت “ستشدد خلال زيارتها على الحاجة الماسة للوصول الإنساني العابر للحدود، الذي تأذن به الأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية الضرورية إلى المجتمعات السورية والمشردين الذين يكافحون دون إمدادات أو مأوى ملائم في درجات الحرارة المتجمدة”.
وتحتشد أوروبا مرغمة مع تركيا في الموقف ضد نظام الأسد وروسيا لوقف المجازر الوحشية في إدلب، وإنشاء مناطق آمنة لملايين النازحين والمهجرين قسرياً. وذلك خوفاً من طرق ملايين اللاجئين أبواب أوروبا مجدداً، وكذلك من تفرد روسيا وإيران في الملف السوري وتوطيد احتلال جديد في المنطقة يطيل الصراع لسنوات ولا يمكن التنبؤ بما قد ينتج عنه.
عذراً التعليقات مغلقة