“الطّلاق” كابوس جديد يلاحق السوريين في بلاد المهجر

فريق التحرير2 فبراير 2020آخر تحديث :
Photo: pixabay/geralt

هدى بلال- حرية برس:

يُعتبر الطّلاق من أكثر المشاكلِ انتشاراً في وقتنا الحالي، فهو يشكل خطراً كبيراً يؤدي إلى تفكك الأسرة، وضياع الأطفال. ويقع الطّلاق بعد الخصامِ الشّديد بين الزّوجين، واستحالةِ الحياةِ الزّوجيةِ. وقد انتشرت ظاهرةُ طّلاق السوريين في وقتنا الحالي بشكلٍ كبير، وخاصة أولئك الذين ركبوا الزوارق المطاطية على أمل النجاة والعيش الرغيد فكان الطلاق الضريبة الباهظة.

تقول السيدة “نجلا” 35 عامًا المقيمة في هولندا لـ “حرية برس”، “لقد انقلبت حياتي رأسًا على عقب بعد مرور أكثر من شهر على وصولنا إلى هنا، فلقد تغيرت طباع زوجي وأصبحت حادّة ومزاجية لدرجة أنه كان يضربني أمام أطفالي بدون سبب، وتطور اساليبه في الضرب، لدرجة أنه كان يهددني بالقتل شاهرًا سكينة حادة بوجهي، وسط صراخ أطفالي مما اضطرني لطلب الأمن ورفع دعوة قضائية، حصلت من خلالها على الطلاق”.

من جانبه “عبدالرحمن” 28 عامًا المقيم في ألمانيا ، “لم تتقبل زوجتي أن أرسل المال لأهلي في سوريا، وخاصة بعد حصولي على عمل يكفيني عن حاجة عائلتي، وكانت أصواتنا ترتفع وفي كل مرة كانت زوجتي تهددني بالشرطة وتقول أن المال من حق أطفالنا فلم أعد أتحمل تسلطها فتمّ الطلاق”.

أما “ماريّا” 36 عام المقيمة في ألمانيا، تقول “لقد عانيت الأمرين قبل طلاقي من زوجي، فرغم أنه هادئ ولطيف إلا أنه تبدل فجأةً، ولم يعد يقترب مني لشهور طويلة لأكتشف فيما بعد أن ميوله الجنسية تحولت للمثليّة وحاولت كثيرًا مساعدته من التخلص من هذا الميول ولكن جهودي ذهبت سدىً فوقع الطلاق”.

ويقول أحمد 27 عامًا لـ “حرية برس” لقد انتظرت طويلًا وتعذبت كثيرًا للم شمل زوجتي، وخاصة انها كانت تنتظرني في إحدى الجزر اليونانية، لأكتشف فيما بعد أن زوجتي تركت اليونان وذهبت بصحبة شاب إلى السويد، وكانت ذريعتها أن الشاب أراد مساعدتها وتسهيل وصولها الي وبعد عدة شهور عدت إلى منزلي فاكتشفت أنها قد هربت للسويد إلى حبيبها مما أجبرني على الطلاق”.

أما نادية ابنة الـ 22 عامًا كانت تجربتها مختلفة، “منذ أن جئت للسويد وأنا أحاول التأقلم والاندماج في هذا المجتمع وخاصة بعدتفوقي في اللغةالسويدية، ولأنني أصبحت أحيا في مجتمع جديد قررت أن أخلع الحجاب وأعيش بمطلق الحريّة لا رقابة للمجتمع علي ولن تلوكني الألسن، إلا أن هذا الأمر لم يرق لزوجي وخاصة أنه ينتمي لعائلة متدينة، وبعد مشادة طويلة وتدخل الاقارب وإصراري على خلع الحجاب وقع الطلاق”.

أما “سعاد” 46 عامًا المقيمة في ألمانيا، تقول “لم تتغير حياتي الزوجية منذ عشرين يوم إلى اليوم، فعائلة زوجي هي من كانت تتحكم بأدق التفاصيل وزوجي دائما يلوذ بالصبر لقد حاولت كثيرا وكثيرا أن أغير كل شيء ولكنني لم أفلح بذلك فآثرت الطلاق على البقاء”.

“علياء” 35 عامًا المقيمة في تركيا قالت لـ “حرية برس” لم يكن يعكر حياتي قبل اعتقالي بسبب نشاطي السلمي في الثورة اي شيء فأنا وزوجي تزوجنا بعد قصة حب لكنني بعد خروجي من المعتقل لاحظت فرقاً كبيراً في معاملة زوجي لم يعد يقترب مني ولم يعد يأتي للبيت وكان يصرخ “هل لمسك احد في المعتقل؟ هل آذاك أحد؟ هل أنت حامل؟”
شهور طويلة وأنا أعاني من سوء تصرفات زوجي وعائلته ولم يشفع لي تحملي وصمتي لذلك الظلم الكبير إلى أن فاجئني بجمع حقائبي قائلا “انت طالق لا تلزمني امرأة خريجة حبوس”.

وعن الأسباب الأخرى للطلاق يقول المحامي “منعم هيلانة” متحدثاً عن رأيه في أسباب الطلاق، إن من أهم أسباب الطلاق اختلاف الزمان والمكان والشرائع والعادات والتقاليد فمعظم الأشخاص يخشون فكرة الطلاق قديمًا ضمن مخاوف اجتماعية لا تمس بالقانون، وخاصة أن المجتمع السوري لم يكن ينصف المرأة المطلقة اجتماعيًا، ومع انتقال الأسرة السورية إلى دول الاتحاد الأوربي لم يستطع الأزواج تحمل فكرة أن القانون هو الحامي الوحيد لحقوق الأسرة.

وأضاف “هيلانة” أنّ “النزعة السلطوية الذكورية هي سيدة الموقف، ولطالما كانت هذه السلطة هي الجلاد الذي كان يهدم الغالبية من العلاقات الزوجية السورية، في الوقت الذي اكتشفت المرأة السورية أن لها حقوقا وأن لها دورًا في بناء أسرتها، وأن تكون فردًا فعالًا مؤثرًا في حياته وحياة المجتمع، بعدما عانت في ظل العادات والتقاليد البالية التهميش القسري، خاصة بعدما علمت أن القانون الاوروبي كفل لها الرعاية الاجتماعية والاقتصادية وحارب كل من يقف ضدها”.

أما عن الأسباب التي تؤدي إلى تجنب الطلاق تقول الكاتبة والصحفية “سهير الأومري” أن “نحاول اختيار الشريك بشكل صحيح، وأن نبتعد عن الافكار المثالية، فلا يوجد شخص مثالي بل علينا أن نطور أنفسنا ونواكب الحياة، ونخلق حالة تجديد فالإنسان لايبقى على حاله لكي يواكب تغيرات الحياة، لكيلا تحدث ثغرات أوفجوات في الحياة الأسرية، وعلى الطرفين خلق الشغف وخلق الأسباب لتبادل الأحاديث والمشاريع الأسرية، كزيارة الأقارب سوية أومعرضًا للكتاب، وأن يكون أحد الازواج على الأقل يسعى لبث الشغف وتجديد أسلوب الحياة، والابتعاد عن الروتين الذي يخلق البرود والملل وبالتالي ابتعاد الزوجين عن بعضهم تمهيدا للطلاق.

وعن التعامل مع نتائج الطلاق بيّنت “الأومري” إن “على كلا الطرفين التعامل بأسلوب ودي وسلمي، وخاصة إذا كان لديهم أولاد، فالعداوة ستخلق عقدة نفسية تؤثر على حياتهم وتخلق شقاق ما في علاقتهم مع ذويهم، خاصة أن البعض سواء كان رجل أو امرأة يقوم بتأليب أطفالهم على ذويهم ويغرس في أذهانهم أفكارا مغلوطة تؤدي للنفور والابتعاد، وعلى الوالد أن يقنع أولاده أن والدته لها الحق في الرعاية والاهتمام والتقدير وكذلك الأم وأن الطلاق أمرا” عاديا” وليس شيئا”بالغ السوء والخطورة وعليه”.

الجدير بالذكر أن تكاليف الزواج ارتفعت كثيرًا في السنوات الأخيرة في أوربا، فمعظم الشبان السوريين لم يعد بإمكانهم تأمين المهر المطلوب للعروس، حيث يتراوح مهر العروس السوريّة بين 12 – 20 ألف دولار أمريكي، ما أدى لعزوف الكثير منهم عن هذه الفكرة.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل