لجين المليحان – حرية برس:
يعيش الجنوب السوري حالة من الغليان الشعبي ضد نظام الأسد وميليشياته الإيرانية، حيث تتصاعد في الآونة الأخيرة أصوات المتظاهر المنادين بالإفراج عن المعتقلين وطرد الميليشيات الإيرانية، ناهيك عن ارتفاع وتيرة عمليات الاغتيال، فهل يعيش الجنوب إرهاصات بداية جديدة؟ وهل هذه المظاهرات حراك شعبي أم لنظام ضلع فيه؟ وماهي مخططات إيران بعدفرض سيطرتها على الجنوب؟ أسئلة نطرحها على ضيفي “حرية برس” الدكتور فايز الدويري والعميد أسعد الزعبي.
*ما هي أسباب ودوافع عودة المظاهرات والكتابات المناهضة لنظام الأسد وإيران والعمليات العسكرية الصغيرة التي تشهدها المنطقة الجنوبية في الآونة الأخيرة؟ وماذا فعل النظام بالمقابل من احتياطات لمنع حدوث هذه الأمور؟
يرى الدكتور فايز الدويري إن “عودة المظاهرات والاغتيالات والكتابات في الجنوب السوري أمر متوقع وظاهرة طبيعية جدا لها جملة أسباب أهمها فشل عمليات المصالحات بعد معارك منطقة خفض التصعيد، واستمرار الاغتيالات والتغلغل الايراني ومحاولة نشر التشيع، قد يكون للنظام دور ولكنه محدود جدا هي عملية انفلات أمني في ظل سيطرة وهيمنة الميليشيات الشيعية التابعة لإيران وهذا أمر متوقع”.
ويرى العميد أسعد الزعبي إن “هذه المظاهرات هي ردة فعل لأن الأهالي لاتستطيع أن تنفذ ردة فعل أكثر من ذلك، وهي نتيجة ممارسات النظام القمعية وهذه حقيقته لم تتغير لا بالسابق ولا باللاحق، فاليوم النظام أصبح أكثر دموية وأكثر عنف وظلم يريد التخلص من البقية. لذلك الناس لاتملك أي وسيلة للتعبير عن ذلك، وتدرك تماما أن الكتابات لايستطيع أحد أن يكشف من يكتبها، رغم أن هناك بعض المندسين لاشك حولنا تنفيذ كتابات بحيث أنه يظهر وكأنه نوع من الإستفزاز أو توفير الذريعة للنظام لارتكاب المزيد من العنف بحق الناس”.
ويضيف الزعبي قائلا: “فيما يتعلق بتصرفات النظام أو اجراءاته حيال الشعارات ، لايمكن القول إن النظام يقبل بهذه إلا إذا كان هناك نوع من التخطيط لأن يعطي صورة أنه نظام ديمقراطي وحرية لمن يريد أن ينتقد ولا أعتقد ذلك لأن النظام لايعرف هذه المصطلحات فهو لايعرف مصطلح الحرية لايعرف مصطلح الانسانية وبالتالي هذه جاءت بالتأكيد رغم أنفه ومن أجل عملية انتقادات ومازال هناك كما يقال للروس حضوة يعلمون أن النظام مستبد أن النظام ظالم ويعلمون أن إجراءاته تعسفية قمعية وأيضا هم ضد هذه التصرفات أو ضد القسم الأكبر منها ضد التصعيد في هذه الاجراءات لذلك هذا يعطي نوع من الضوء الأخضر لأهل حوران أو نوع من الأريحية في الكتابات وبشكل عام الكتابات تكون سرية لا أحد يعلم من يقوم بها”.
*ما أسباب ارتفاع وتصاعد وتيرة الاغتيالات في درعا؟ وماهي الدوافع ورائها؟ هل هذه الأحداث هي صنيعة النظام أم هي حراك شعبي جديد بسبب سياسات النظام القمعية وعدم تنفيذ طلبات اتفاقية التسوية؟
يقول العميد الزعبي إن ما يجري في حوران لا يمكن وصفه بأنه صنيعة النظام كما لا يمكن القول إنها ليست صنيعة النظام، فهناك قسمان للمقاومة الثورية الشعبية وهم مجموعة من الخلايا مرتبطة فقط القادة حتى لايعرف أحد الآخر يعملون بصمت هدفهم الأول إزالة إيران وعملائها والنظام، عملياتهم نوعية وفردية وجزئية محدودة لأنهم لايملكون تلك القدرة الكبيرة التي تمكنهم وحتى طريقة العمليات الفردية تحيط بها السرية يستطيعون أن ينفذوا العمليات دون أن يتم كشفها وقد أثبتت فعاليتها ونجاحها في تنفيذ المهمة الموكلة أفضل من العمليات الكبيرة لكن النظام فورا شكلَ مايسمى المقاومة الشعبية وهي عبارة عن عملاء له وقسم من المصالحات من أجل ضرب ثلاث عصافير بحجر واحد، العصفور الأول: أنه عندما يقتل أي إنسان بدرعا وهو من قبل النظام، من يقتل عناصر المصالحات الوجهاء وكل من يقتل من أهل حوران فهو يقتل بيد النظام وعملاء النظام فهذا زرع للفتنة مابين الطرفين، العصفور الثاني: النظام يريد التخلص من الطرفين من صالح ومن لم يصالح فهو يعلم أنه لديهم خبرة عسكرية يخشاها اليوم وغدا وحتى روسيا تخشاهم ولذلك يحاول بشتى الوسائل ضمهم الى صفوف عناصره للتخلص منهم بساحات القتال أو بشكل آخر وعاجلا أم أجلا من صالح النظام وموجود معه ولم يقتل الى الآن هذا لايعني أن النظام راض بل عنه سيتخلص منه في الأيام القادمة، والعصفور الثالث الذي يستخدمه النظام هو إطلاق سراح عناصر “داعش” لعله يستفيد منهم، الجميع يظن أن “الداعشيين” حاقدون على النظام وقد أخذوا مهام بالمناسبة من أجل الاغتيالات من أجل العمليات ووضعها باسم “داعش” ليعطي للعالم صورة أن “داعش” مازالت موجودة وبالتالي يوفر الحجة من أجل استمرار العمليات داخل المنطقة الجنوبية.
*إيران تسيطر على الجنوب السوري بالتشارك مع الروس، ماهي أطماع إيران وماهي مخططاتها بعد هذه السيطرة، هل سيكون الجنوب بوابة جديد لأطماع إقليمية أم أنها تريد استنساخ ضاحية جديدة في الجنوب السوري؟
يرى العميد الزعبي أن إيران تطمح أن يكون تواجدها في كل سورية لكن أصبح تواجدها في الجنوب وبالمنطقة الشرقية بحكم الواقع تريد الاقتراب من الحدود الإسرائيلية لتقول لإسرائيل ما كلفتم به أنتم بمهمة لتمزيق وتدمير هذه المنطقة فشلتم وها أنا استطعت أن أمزق المنطقة من حدود العراق الشرقية ووصولا لحدودكم في الجولان، كما أنها تريد نشر أفكارها الشيعية في المنطقة وتريد الضغط على الأردن فتقترب من الأردن وبالتالي تقترب من الحدود السعودية وتقول لأهل الخليج إنني وعدتكم أني سأصل إلى مكة والمدينة فها أنا بعد أن أتممت هذا الهلال الشيعي سأنتقل الى الجنوب فهي اصبحت على المشارف فهي عندما تسيطر على الجنوب هي تبعد عن الحدود السعودية من جهة عمان ليس أكثر من 160 كم الى 200 كم ومن الجهة الأخرى من جهة التنف ليس أكثر من 100 كم فهي ترسل رسالة للخليج.
ويرى اللواء الدويري أن هناك أطماعا وجدت منذ وصول الخميني للسلطة والحديث عن نصرة المظلومين إلى غير ذلك ولكن كانت غطاء للأطماع التوسعية الإيرانية، والذي حدد هذا الإطار الإستراتيجي هو (لاريجاني) بكتابه نظرية أم القرى عندما تحدث عن ضرورة سيطرة إيران وارتفاع العلم الإيراني على كل البقاع التي تتواجد فيها أتباع الديانة الإسلامية ولكنها تنفذ على مراحل، المرحلة الأولى منطقة ما يسمى آسيا العربية وهي المنطقة التي تقع شرق البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط أي بمعنى آخر الجزيرة العربية والهلال الخصيب ولكن حتى هذه المرحلة الأولى يجب أن تنفذ على عدة مراحل بدأت بالهلال الشيعي الشمالي ثم الهلال الشيعي الجنوبي ثم ما أطلق سابقا مصطلح البدر الشيعي للسيطرة على هذه المنطقة تتلوه السيطرة على بقية الدول العربية حتى حدود مراكش ومن ثم الالتفاف شمالا باتجاه تركيا والجمهوريات الاسلامية المستقلة وشرقا أفغانستان باكستان حتى اندونيسيا، قد يبدو هذا غريبا جدا على أي إنسان عاقل لأنه ليس لدى إيران هذه القدرة ولكن هذا هو التخطيط واطار التفكير الاستراتيجي لأنهم في النهاية يعتبروا أن خميني هو ظل الله في الأرض وشمس الحرية وأن العلم الإيراني يجب أن يرتفع على كل هذه المناطق.
ويردف قائلا: إذا تحدثنا بخصوصية عن سورية التغلغل الإيراني بأبعاده السياسية والإقتصادية والاجتماعية والمذهبية والعسكرية والأمنية فهو موجود ولكنه يختلف من منطقة لأخرى حسب خصوصية المنطقة؛ في منطقة بادية الجزيرة والمناطق المحيطة في الميادين والبوكمال هناك محاولة لنشر التشيع لدى القبائل العربية السنية وتم بناء قاعدة الإمام علي، في جنوب دمشق هناك حاضنة السيدة زينب وكان هناك حديث قبل عامين ولكن لم يترجم إلى أرض الواقع عن محاولة عمل هذه المنطقة على أنها الضاحية الجنوبية لدمشق على غرار الضاحية الجنوبية لبيروت ولكن يبدو أن الرياح لم تأتي كما تشتهي السفن فلم يتم تطوير ذلك يضاف إلى ذلك السيطرة على غرب ريف دمشق الغربي من المزة وبالاتجاه حتى تصل منطقة سعسع ومدينة البعث، المنطقة الجنوبية لها خصوصية بسبب قربها من خط وقف إطلاق النار في “إسرائيل” وقربها من الحدود السياسية مع الأردن ولذلك تحاول إيران من خلال ميليشياتها بسط سيطرتها وهذا يأتي ضمن المخطط العام لتطبيق نظرية أم القرى.
عذراً التعليقات مغلقة