مسيرة ملالي إيران .. خبث فجريمة فغرور فسقوط

عبد الحميد الشدة19 نوفمبر 2019آخر تحديث :
مسيرة ملالي إيران .. خبث فجريمة فغرور فسقوط

استنتجنا خلال العقود الفائتة أن مخطط الملالي الشيعة الإيرانيين الذين أقاموا الحكم الثيوقراطي الديني قد تبنى التعصب الديني الشيعي. وكان من خصائص هذا الحكم أنه اعتمد سياسة طموح التوسع الخارجي ونشر نفوذه في بلاد ثانية، وكان من خصائص هذا النفوذ أنه كان يستهدف البلاد العربية تحديدا، حيث أننا لم نرَ توجها ظاهرا لبسط نفوذ هذا النظام في بلاد مثل تركيا والباكستان وبلاد القوقاز المجاورة ولم نسمع عن محاولات تبشيرية دينية هامة في بلاد قريبة جغرافيا مثل روسيا والهند. بل على العكس، كانت علاقات هذا النظام جيدة علاقات احترام وتعاونية مع كل هذه الدول، بعكس العلاقة مع البلاد والشعوب العربية.

ولتنفيذ المخططات التوسعية المتجهة نحو بلاد عربية استعمل نظام الملالي محرِّكين فعَّالين وحسَّاسين ونجح نجاحا باهرا في استغلالهما. المُحَرِّك الأول عام وهو القضية الفلسطينية والقدس والصراع مع إسرائيل، والثاني خاص وهو المظلومية الشيعية بوجوهها الدينية والتاريخية والإجتماعية.

المسألة الأولى التي أخذت في العقل العربي طابعا مقدسا وعاطفيا وأولوية مطلقة جعلته “سهل النفاذ” والانقياد حتى بمجرد سماع شعارات ومظاهر وخطابات. هذا الإختراق السهل جربه زعماء وأنظمة عربية لتمرير استبدادهم ونجحوا أيضا في هذا.

ليس فقط تيارات سياسية إسلامية تعاطفت مع إيران ومشاريعها، لكن أيضا قوميون ويساريون وعلمانيون وإلحاديون عرب أعلنوا تضامنهم مع نظام الملالي، وكثير منهم انحاز مع إيران ضد الثورة السورية.

أما المسألة الثانية وهي مظلومية الشيعة فقد كانت وسيلة لكسب الشيعة العرب ومحاولة استخدامهم كطابور خامس في هذا المشروع التوسعي الإيراني. وكان نجاحا باهرا في لبنان حيث سيطرت إيران على لبنان عن طريق حزب الله الذي استحوذت عليه وعلى الطائفة الشيعية في لبنان التي وجدت في إيران الأخ الأكبر المنقذ الذي ساعدها للتقوي مقابل الطوائف الأخرى. سقوط نظام صدام حسين، عدو إيران الأول، على يد الأمريكان كان فرصة تاريخية لشيعة العراق لاستلام الحكم الذي كانوا محرومين منه خلال قرون حسب ما يعتقدون، فقامت القوى السياسية والشيعية التابعة مباشرة لإيران باستلام السلطة وقامت بحرب تطهير طائفية لتحجيم السنة واضطهادهم وتهجيرهم وتم تدمير حواضر كثيرة مثل الفلوجة والموصل. المظلومية الشيعية كانت عاملا هاما لتجييش الشيعة العرب في العراق ولبنان وسورية والبحرين واليمن والسعودية ومن ثم ربطهم بإيران. في المقابل لعب التيار السلفي الوهابي والتكفيري دورا في هذا التجييش الطائفي وكان مساعدا للمشروع الإيراني في هذا الفرز. فمثلا في الوقت الذي كان يتسلم الإيرانيون كل مفاصل السلطة في العراق عن طريق الأئمة والأحزاب والشخصيات والميليشيات التي كلها تتبع لإيران بالمطلق، كان المواطن الشيعي العراقي العادي يعتقد أنه ضحية الوهابية والإرهاب السني، بسبب الإعلام وأيضا التفجيرات.

هذا الامتداد السريع جدا للسلطة الدينية السياسية الشيعية الإيرانية خلق نوعا من الغرور لدى المنتصرين الجدد لم يعودوا يخفونه ولم يتمالك فظهر زعماء سياسيون وملالي ليفتخروا بأن هذا عصر الشيعة وبأن إيران تسيطر على أربع عواصم عربية أي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.

غرور أحمق. لأن المعنيين نسوا أنه لولا الإرادة الأمريكية الغربية بخلق أقطاب متناحرة في المنطقة ومنها القطبين الشيعي السني وأنه لولا تسليم أمريكا العراق للطائفيين من القوى الشيعية ولولا التسامح الغربي والإسرائيلي مع حزب الله في لبنان، لما قامت لإيران قائمة.

وغرور أحمق لأنه تجاهل التاريخ والجغرافية والاقتصاد. الشعوب والسياسة لاتتحرك فقط بالعواطف ولاتوجد في هذا المجال ثوابت. إيران الملالي حاولت شراء الشيعة ببعض المساعدات ورمت بعض القنبز للجمهور الشيعي بدغدغة عواطفه وببعض الدعم المادي، لكن تبين لهذه الشعوب أن إيران كانت تسرق خيرات العراق لمصالحها الأنانية وأنه “طلع نقرها على حجر” حيث لم يجنوا من هذا الأخ الكبير سوى إنتشار الفساد والفقر والجهل والتخلف مع حق إقامة اللطميات والتفنن بها.

خدعة تحرير القدس لم تعد تنطلي على المواطن العربي وحركات شعبية واسعة في العراق خاصة بات مطلبها الأول هو طرد إيران من العراق ونبذ الطائفية لتقلب الطاولة في وجه نظام الملالي الإيراني.

الاحتجاجات الداخلية في إيران قد تشكل الضربة القاضية على هذا السرطان المتغول، أو على الأقل على مشروعه الشيطاني.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل