زميلي الصحفي مجدي شندي …
استيقظت صباحاً على كلمات رسالتك التي كتبتها عبر حسابك الشخصي إلى ابنك..
الدموع انهمرت من عيني حزناً على خوفك على ابنك، وحرصك عليه، رغم أنّ حضرتك أحد أذرع النظام المصري المجرم..
شعرت بخوفك الشديد على ابنك وهو يقضي ليلته الأولى داخل حبسه على يد قاتل مجرم سفاح، ينتهك كل معايير الحقوق الآدمية للمعتقل المصري ويتسلى بأوجاع فريسته.
زميلي أ. مجدي شندي.. دعني وأنا في غمرة تعاطفي معك أوجه إليه بعض الأسئلة:
ألم تكن تعرف شيئاً عن شعور الألم والتألم والتعاطف مع المتألمين حينما كنت تكتب مادحاً النظام خلال بعض مقالاتك التي كنت اتصفحها يومياً؟
ألم تكن تعرف الوجع والتوجع أوتتوجع وتبكي على ما حدث من مظالم ومجازر وظلم خلال أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة؟
ألم تكن تعرف التعاطف والعطف على الأمهات وهن يستغثن من هول ما يحدث لأبنائهن وأزواجهن وأشقائهن من تعذيب وقتل وتشريد ومطاردة؟!
ألم يداهمك ولو مرة.. شعور الوجع – زميلي أ.مجدي شندي – من هول فجائع التصفيات الجسدية للملاحقين والمعتقلين في مصر السيسي؟ وما قولك اليوم فيما كان يكتبه شبابك – موظفو صحيفتك- من ألفاظ واتهامات مختلقة ومغرضة وعارية عن الصحة والمصداقية بحق المعارضين؟!
ألم يخطر في بالك – زميلي أ. مجدي – أن تتحرى المصداقية يوماً وتبحث بشكل جدي إن كان هؤلاء الشباب الملاحقون مظلومين، ولم يحمل أحدٌ منهم سلاحاً في وجه أحد، وأن كل ذنبهم أنهم أحرار أرادوا تحقيق أحلاهم الثورية بالوسائل السلمية، ولايزالون يتمسكون بها؟
أخبرني – زميلي مجدي – كيف هو وضعك وما هو شعورك الآن وانت تحُرم من ابنك (ضناك) وتستغيث من أجله وهو في يومه الاول داخل زنزانته؟ هل اختبرت الآن ذات شعور آلاف العائلات التي يعتقل أفراد منها في سجون نظام مستبد؟
هل تراك تحس بي وأنا أتألم لفراق أبي منذ 6 سنوات ويزيد؟ أبي الذي يقبع في ظلمات الاعتقال ظُلماً، ولم أره مطلقاً منذ سنوات طويلة نظراً لظروف أعجز عن وصفها؟
وهل بوسعك الإحساس الآن بوجعي من حرماني من أبي لسنوات سابقة، وسنوات قادمة لا يعلم عددها إلا الله، داخل سجون العسكر؟
كيف بوسعك أن تشكي همك من فقدان ابنك في محبسه، وهل صرت الآن تدرك عجزي عن وصف حالي وحال أمي وأخي المطارد منذ سنوات خوفاً من قبضة نظام السيسي، وهل لك أن تتخيل شعوري تجاه فجيعتك وأنا من كنت أشاهدك على قنوات التلفزة مادحاً للنظام الذي حرمني من أبي وأخي؟!
عذراً زميلي مجدي.. لن نتوافق سوياً فكرياً ولكن بحكم آداب وأخلاق مهنتنا المشتركة، الصحافة، التي تربينا عليها، سأكون معك في وجعك وآلامك، وسأكتب عنك وعن معاناتك وعن ابنك رغم أنك تخليت عنا وعن أوجاع أبي السجين، وكل معتقل مثله، ورغم أنك لم تكن مع هؤلاء المظلومين حينما كان أبي يعاني من الأمراض والإهمال الطبي ويستغيث بالضمائر الحية والمنظمات الحقوقية هو وغيره من اخوانه المعتقلين ظلماً.
صدقني – زميلي مجدي – للأسف ستتوجع كثيراً، ومرتين، وهذا مصير محتوم، لأنك تفتقد ابنك، ولأنك أيضاً ساندت طويلاً رجلاً مجرماً يسفك الدماء، ونأمل ألا ينتقم منك بإخفاء ابنك قسرياً ولمدة طويلة بعدما يحصل على براءته.. إن حصل عليها.
سامحني زميلي أ. مجدي، إن كنت آلمتك بالحديث عن أوجاع كل بيت مقهور لفقدانه شهيداً أو مطارداً أو سجيناً من أفراده، وسامحني إن قلبت عليك المواجع بالحديث عن أم تريد زوجها أن يكون بجوارها الآن، أو تحدثت في حضرة حزنك عن أبناء أصبحوا مضطربين نفسياً ومقهورين ويعيشون صعوبات تأمين أساسيات عيشهم وعدم قدرتهم على الإنفاق على مستلزمات حياتهم بعد فقد من يعيلهم. وسامحني إن أيقظت بقايا ضميرك بالتألم على آلاف البشر الذين كنت قد تخليت عن أبسط مسؤولياتك كصحفي في رصد أوجاعهم والمطالبة بحقوقهم وإنصافهم.
وأخيراً زميلي مجدي.. صدقني.. وهو وعد المنطق والحق.. “لن يزول قهر هذا الإنقلاب حتى يتجرع عذابَه كل مؤيديه”!!
عذراً التعليقات مغلقة