إدلب.. سيناريوهات التصعيد

فراس علاوي4 سبتمبر 2019آخر تحديث :
إدلب.. سيناريوهات التصعيد

يوماً بعد يوم تتقلص المساحة الجغرافية المشتعلة بقذائف الطيران وحمم المدفعية في الشمال السوري، وهو الشيء الوحيد الذي يتراجع بينما تزداد أعداد القتلى والنازحين.

نجحت روسيا إلى حد ما في استكمال سياستها التي اتبعتها منذ اليوم الأول لتواجدها في سوريا المعتمدة على القضم التدريجي وتفتيت المناطق ومن ثم السيطرة عليها واحدة تلو الاخرى، لتبقى إدلب العقدة الأخيرة في وجه منشار التسويات ما قبل الحل السياسي، فوجود مايقارب أربع ملايين سوري لاجئ هم البيئة الخصبة التي احتضنت الثورة منذ ولادتها، والرافضة للبقاء تحت سيطرة نظام الأسد، مما يجعلها قنبلة ديموعرافية قد تتشظى ليصل وقع إنفجارها إلى أوروبا مروراً بتركيا، وبالتالي أحد المعضلات التي تجعل من إدلب بوابة الحل السوري.

كذلك تجمع عدد من الفصائل على مختلف مرجعياتها وخلفياتها الإيديولوجية وتبعياتها الإقليمية والدولية، وصعوبة السيطرة على ذلك الخليط القابل أيضاً للإنفجار في أي لحظة، مما ينذر باقتتال محلي فصائلي غير معروف العواقب.

وجود هيئة تحرير الشام بخلفيتها القاعدية “جبهة النصرة”، هو سبب آخر لعدم التوصل لحلول توافقية بين الأطراف الإقليمية، خاصة المنتظمة في مسار آستانا، ويبدو أن السيطرة على الهيئة يزداد تعقيدا يوما بعد يوم مع وجود فصائل أخرى أقل تأثيرا، لكنها تلعب دورا في خلط الاوراق، كفصيل حراس الدين.

ترويض جبهة النصرة هو المفتاح الحقيقي للوصول لتوافق كامل في إدلب، حيث اشتملت مخرجات آستانا على خارطة التوافقات الجغرافية والسيطرة العسكرية وكيفية توزعها، وتفعيل طريقي التجارة m4 و m5 وربط المناطق ببعضها البعض، خاصة بعد السيطرة على خان شيخون وريف حماة، والتقدم في ريف إدلب باتجاه معرة النعمان.

الحراك السياسي المتمثل باللقاءات الروسية التركية أو الثلاثية بانضمام إيران لها تدل على عدم الوصول إلى صيغة نهائية للحل في إدلب، في ظل وجود ثلاث سيناريوهات محتملة للتوصل للحل:

الأول، وهو الأقرب للواقع، بالسيطرة على إدلب بواسطة الفصائل المحلية المدعومة تركياً وذلك بعد تفكيك الهيئة وتقسيمها إلى تيار مدجن وآخر مارق متشدد وتحويلها لفصيل سياسي، وهو ما بدا واضحاً في الحراك الشعبي الأخير، والذي استشعر خطر وجود الهيئة، كذلك فلابد من وجود من يقدر خطورة الوضع ضمن صفوفها، وبالتالي العمل على إمتصاص محاولات تفجير الأوضاع في إدلب، مع الإبقاء على الجانب الخدمي والسياسي التابع لها ودمجه ضمن مؤسسات المعارضة بموافقة تركية.

السيناريو الثاني، يتمثل بصراع مسلح بين الفصائل المدعومة تركياً والهيئة وهو مفتوح على جميع الإحتمالات، بما فيها الدخول للعمق التركي من قبل عناصر الهيئة الأكثر تشدداً، وهو سيناريو كارثي لجميع الأطراف، خاصة للأتراك والمدنيين في المنطقة، وهو ما يفسر تصاعد وتيرة التصريحات المعادية للهيئة من قبل قادة تلك الفصائل ووجوهها الإعلامية.

السيناريو الثالث، هو عملية عسكرية مشتركة تركية روسية ضد الهيئة، وهذا السيناريو سيحرج الفصائل التابعة لتركيا بتصويرها تقاتل إلى جانب الروس ضد من كانوا معهم بنفس الخندق قبل أشهر قليلة، وبالتالي ستكون أفضل بروباغندا يمكن استثمارها من قبل عناصر الهيئة ضد جميع خصومها، وقد تتسبب بانشقاقات داخل تلك الفصائل، وهو أيضاً سيناريو ذو نتائج كارثية على المنطقة.

لعل التعامل الأكثر واقعية فيما يبدو لتركيا والفصائل التابعة لها ولروسيا والنظام أيضاً هو ما سيتم العمل عليه غالباً من عملية تذويب الهيئة ضمن مؤسسات جديدة خدمية وسياسية وأمنية يكون للهيئة الكلمة العليا فيها في إدلب ومحيطها، وللفصائل التابعة لتركيا الكلمة العليا في مناطق درع الفرات ومن ثم تفريغ طاقاتها العسكرية في معارك ضد مليشيات “قوات سوريا الديموقراطية” ومليشيا “pkk” وبالتالي تحويل الزخم العسكري إلى جهات أخرى، من أجل التفرغ للخطوة الثانية من توافقات آستانا والمتعلقة باللاجئين والحل السياسي واللجنة الدستورية.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل