إحراق نفايات “رودكو” يثير قلق أهالي القامشلي

فريق التحرير22 يوليو 2019آخر تحديث :
إحراق النفايات في مكب رودكو قرب القامشلي يسبب مصدر قلق لدى الأهالي – حرية برس©

سامية لاوند – حرية برس:

آلافُ الأطنانِ من النفايات تتراكم في منطقة رودكو التي تبعد عن مدينة القامشلي نحو 12 كم فقط، وتراكمها يعود إلى ما قبل الثورة السورية وقبل سيطرة “الإدارة الذاتية” على محافظة الحسكة، والتي باتت تشكل خطراً على أهالي المدينة بعد قيام البعض بإحراقها بغية التخلص منها.

وبات استمرار إحراق النفايات بشكلٍ شبه يومي مصدر إزعاجٍ لأهالي المدينة، الذين يزيد عددهم عن 88 ألف نسمة، لا سيما الذين يسكنون بالقرب منها ويستنشقون يومياً الغازات المنبعثة من مكب النفايات مثل غازي الميثان وثاني أكسيد الكربون وإلى ما هنالك من اختلاط المواد العضوية بالمواد الكيماوية مُشَكِلةً بذلك الغازات السامة، ما دفع ناشطين إلى الدعوة لإطلاق هاشتاغ على مواقع التواصل الاجتماعي لعلّ أذناً صاغية تستجيب وتجد الحلول لهذه المشكلة العسيرة التي أنهكتهم.

ووسط استمرار المشكلة الكامنة في رائحة إحراق النفايات في منطقة رودكو في ظل غياب لقاء بين الأهالي المتذمرين من الوضع القائم وبين بلدية المدينة بشكلٍ رسمي، كان الأجدر فتح باب تحقيق صحفي لتناول المشكلة وأسبابها بشكل واقعي من خلال الوقوف على آراء الأهالي والبلدية.

مكب نفايات قديم

يعود مكب النفايات في منطقة رودكو إلى أكثر من 15 عاماً، وتنقل إليه جميع نفايات المدينة بشكلٍ يومي وبات المكب يحتوي الآلاف من الأطنان من المواد المختلفة.

يقول عبد الأحد إسحاق رئيس بلدية القامشلي، إن “المكب يقع على بعد 12كم غربي المدينة، وهو مكب قديم يعود إلى أيام الدولة ويوجد فيه آلاف الأطنان من النفايات القديمة والحديثة، كما أن النفايات التي تكب فيها يومياً تقدر ب 220 إلى 240 طن “.

تأمين لقمة العيش

عندما تسود الحرب في أي بلاد، ترافقها حالة من الجوع والفقر بين الفقراء والنازحين من المناطق الساخنة، الأمر الذي يجبرهم إلى جمع قوت يومهم من مكب النفايات وبيع ما يمكن بيعه، ومن ثم إحراق النفايات كي يسهل عليهم الحرق عملية البحث وسط التراكم خلال الأيام المقبلة.

“أم محمد” من نازحي ديرالزور التي فضلت نعتها بهذه الكنية كي تتجنب المشاكل في محيطها وتبعد عنها عيون الشفقة، تقول والحزن يلف عينيها :”نحن بالتأكيد لا نريد أن نضر أحد أو أن نتسبب بخلق مشكلةٍ للأهالي، ولكن والله يعلم فضلت البحثَ في القمامة عن لقمة عيشي كي أتجنب الشحاذة ومد يدي للناس، كنا نحرقها كي يتسنى لنا العثور على بعض الأشياء المرمية التي من الممكن أن نبيعها ونستفيد من حقها لشراء الطعام وحاجاتنا البسيطة، ولكن وجه لنا إنذار بعدم الحرق”.

على ما يبدو فإن ما قالته “أم محمد” جزء من الواقع المرير، وتعقيباً على قولها يؤكد عبد الأحد رئيس البلدية :”هناك أسباب لظهور مشاكل الرائحة، منها أن هناك عائلات فقيرة من عدة مناطق من القامشلي أو خارجها ممن جاؤوا من دير الزور وإدلب، يقومون بجمع النفايات التي من الممكن أن تُباع ليقتاتوا ويعيشوا منها، فيقومون بحرق بعض النفايات كأسلاك النحاس والمعادن المغلفة بالبلاستيك، وهو ما يسبب اشتعال المواد العضوية مما يؤدي إلى ازدياد الدخان والروائح الكريهة وبالتالي إزعاج الجوار”.

شكاوى

استمرار مشكلة إحراق النفايات واستنشاق الروائح الكريهة دفعت الأهالي إلى مطالبة “الإدارة الذاتية” بإيجاد حلول لإنهاء المشكلة، ونتيجة لعدم الاستجابة بشكلٍ رسمي، قام بعض النشطاء من أهالي المدينة بإطلاق هاشتاغ على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بأن نفايات رودكو تقتلهم.

“سامر أحمد” أحد سكان حي الهلالية التي تصل إليها رائحة الدخان والنفايات، وممن أطلقوا الهاشتاغ، أشار إلى أن المنطقة تبعد عن المدينة بضعة أمتار فحسب، وأضاف: “تقع على أطراف المنطقة آبار المياه الصالحة للشرب، وفي السنة الماضية قامت بلدية قامشلو بإلغاء بعض الآبار بسبب التلوث، كما يصل دخانها حتى إلى الحي الغربي للمدينة، ندعوا الإدارة الذاتية بحل مشكلة النفايات وإبعادها عن المدينة وخاصة عن آبار المياه”.

من جهته أكد رئيس بلدية قامشلي على كلام الأهالي، منوهاً إلى أن الأمر ليس بشكلٍ يومي إنما بحسب حجم الحريق، قائلا :” إن كان هناك حرائق عديدة بشكل كبير من الممكن أن يجتمع الدخان، وإذا كان هناك هواء ذو سرعة متوسطة قد يصل الدخان إلى معظم المدينة”.

تصاعد الدخان نتيجة إحراق النفايات بشكل عشوائي في مكب رودكو قرب القامشلي – حرية برس©

حريق دائم

بحسب رئيس بلدية القامشلي؛ فإن “الحريق لا يمكن القضاء عليه، لأن هناك مواد كيماوية ودرجات الحرارة اللازمة لها للاشتعال تتفاوت بين 40 و60 و70 درجة، أي أنها تحتاج لحرارة عالية تساعد على الاحتراق السريع، لأن حرارة المادة العضوية مع إلقاء السيجارة تؤدي إلى اشتعال الحرائق أيضاً”.

مشروع استراتيجي

التخلص من آلاف الأطنان من النفايات تحتاج بحوثاً علمية وخططاً استراتيجية، وليست بالأمر السهل ولعلّ إنجازها يحتاج لأشهر.

رئيس بلدية القامشلي، في إطار مناقشة الحلول المقترحة للتخلص من هذه المشكلة، أشار إلى أن “هناك مشروع استراتيجي لهذا المكب لكب النفايات بشكل علمي وإعادة تدوير البقايا البلاستيكية والكرتون والزجاج وإلى ما هنالك وطمر النفايات العضوية في مكبات أو حفر كبيرة بطريقةٍ علمية، وهو مُوَقع باتفاقية مع المهندس طوني إلياس وبين هيئة البلديات والمشروع قيد الإنشاء والتحضير “.

وأضاف :”قمنا بعدة اجتماعات وقدمتُ عدة مقترحات للقضاء على هذه الظاهرة، حيث قمنا بتعيين تسعة حراس على مدار 24 ساعة، وعليهم مراقب وكل وردية مؤلفة من ثلاثة أشخاص مزودة بإطفائية ظهرية، وتم تأمين صهريج مركب عليه دينامو للحرائق الكبيرة”.

وفي ذات الصدد تابع قائلاً :” قمنا بتأمين آليات عن طريق الإجار وآلياتنا بالإضافة إلى آليات البلدية لفتح الطريق المؤدي إلى نهاية المكب وإبعاده عن أقرب نقطة للسكان لأنه وإن حدث حريق سيكون بعيداً”.

موقع غير مناسب

في جولة سريعة حول أماكن إقامة المصانع وإحراق النفايات في معظم دول العالم، تجد قيامها على أساس مجرى الرياح كي تبعد عن نفسها مشاكل الرائحة وأضرارها.

يقول عبدالأحد :” موقع مكب النفايات بالأصل خطأ، مثل هذه المكبات في دول البحر المتوسط تكون في شرق المدينة وليس في غربها، لأن رياحنا دائماً غربية حتى إن لم يكن هناك أي حريق فرائحة النفايات تتجه باتجاه مدينة القامشلي، لأن الرياح غربية في فصل الصيف “.

أضرار صحية

تحتوي النفايات على مواد عديدة ومتنوعة، منها الطعام، الأدوية، معادن، بلاستيك، بطاريات السيارات والحيوانات المذبوحة إحراقها يؤدي إلى تشكيل مواد كيماوية ضارة وحيوانات غريبة تسبب الكثير من الأمراض التنفسية والجلدية؛ والتي تكون ذات خطورة أكبر على الأطفال.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل