ياسر محمد – حرية برس:
بدأت القوات التركية تحركات عسكرية أوحت بجاهزية عالية لبدء معركة شرق الفرات، وتحديداً قبالة منطقة “تل أبيض” بريف الرقة، حيث ردت ميليشيا “قسد” بحشود عسكرية مماثلة على الطرف السوري، واستنجدت بالأمم المتحدة والحلفاء لإقناع تركيا بالعدول عن موقفها، وهو ما يبدو مستبعداً بعد نفاد الصبر التركي على تهديدات الانفصاليين والتسويف الأميركي.
وفي التفاصيل، عززت ميليشيا “قسد” تواجدها في مدينة “تل أبيض” بريف الرقة الشمالي وعلى الشريط الحدودي مع تركيا، اليوم الثلاثاء، وذلك بعد تحركات ميدانية لقوات تركية على الطرف المقابل للمدينة في الطرف التركي.
وقالت مواقع محلية، اليوم الثلاثاء، إن “قسد” استقدمت عشرات العناصر من بقية مناطق الرقة ودير الزور، وسيارات مثبت عليها أسلحة متوسطة، وقامت بتوزيع العناصر والسيارات على الخنادق التي قامت بحفرها سابقاً.
واحترازياً، قام عناصر “قسد” من أبناء المدينة بنقل عائلاتهم إلى مدينة الرقة، فيما يوحي بقرب المعركة.
سياسياً، قالت ما تسمى “الإدارة الذاتية”، اليوم الثلاثاء، إن “تركيا ومن خلال سياساتها الاحتلالية في المنطقة إلى ضرب الاستقرار والأمان الموجود كما فعلت على مدار الأزمة في سوريا ولا تزال”، مناشدة في بيانها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجهات الحقوقية، بأن تبدي مواقفها الواضحة والعلنية، من “الممارسات التركية” في سوريا.
ورفضت الإدارة “التهديدات التركية على مناطق شرق الفرات وإرسال التعزيزات العسكرية إلى الحدود في مناطق تل أبيض/ كري سبي، وكذلك تهديداتها لمنطقة تل رفعت التي تؤوي الآلاف من المهجرين”. وفق البيان.
إلا أن “الإدارة” ذات التوجهات الانفصالية، بدت جانحة للحوار، إذ أشار البيان إلى أن “الحوار هو دائماً السبيل الأسلم للحل ومناقشة وجهات النظر، لكن إلى جانب ذلك لن نقبل بأي شكل من الأشكال التهديدات التركية على مناطقنا”.
وكانت “قسد” قالت منذ أشهر إنها على استعداد لإنشاء “منطقة آمنة” شرقي الفرات بالتعاون مع تركيا، وهو ما رفضه الأتراك جملة وتفصيلاً، مبدين إصرارهم على إبعاد “قسد” عن الحدود وإعادة بعض المدن والقرى إلى سكانها الأصليين (العرب) بعدما هجرتهم “قسد” إبان طرد داعش من المنطقة.
ويوم الأحد الفائت، كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن “خطوات مرتقبة في منطقتي تل أبيض وتل رفعت شمال سوريا” بهدف تحويل ما يسمى بـالحزام الإرهابي إلى منطقة آمنة.
وفي كلمةٍ له أمام رؤساء تحرير مؤسسات إعلامية تركية في إسطنبول، لفت أردوغان إلى أن بلاده “تستعد لتحضيرات سيتم تنفيذها في تل أبيض وتل رفعت”، وقال إنه نقل الموضوع إلى زعماء روسيا والولايات المتحدة وألمانيا خلال مباحثاته معهم مؤخراً.
وبيّن الرئيس التركي أن العرب هم أصحاب منبج، وليست التنظيمات الإرهابية. موضحاً أن العشائر العربية تطالب بتطهير مناطقها من التنظيم الإرهابي “قسد”.
وأوضح: “هدفنا الحالي هو تطهير تلك المنطقة من الإرهاب بأسرع وقت من أجل تسليمها لأصحابها”.
يتزامن الحشد التركي مع احتقان في الداخل التركي تجاه قضية اللاجئين السوريين، مما اضطر حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى التوعد بإجراءات حازمة وحاسمة تجاه السوريين المخالفين، وترى الحكومة التركية في إنشاء منطقة آمنة شرقي الفرات فرصة لعودة نحو مليون سوري، وهو ما يخفف الضغط والاحتقان من جهة، ويثبت أقدام المعارضة والأتراك في المنطقة من جهة أخرى، كما يقطع الطريق على الولايات المتحدة وحلفائها للاستفراد بالقرار فيها، ويقوي موقف الأتراك في أي مفاوضات دولية حول سوريا وكذلك في رسم “الحل السياسي” النهائي للقضية السورية.
جدير بالذكر أن منطقة شرق الفرات التي تضم محافظات (الرقة ودير الزور والحسكة وجزءاً من ريف حلب)، تمثل قرابة 30% من مساحة سوريا، وفيها معظم الثروة النفطية للبلاد، كما تُعتبر خزاناً غذائياً هاماً، وهي تقبع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي تمثل الحليف المحلي للولايات المتحدة، وتخطط لفصل المنطقة عن سوريا وإحداث “إدارة ذاتية” باسم “روجافا” أو إقليم غرب كردستان، وهو ما يحظى بدعم أميركي أوروبي، واعتراض روسي تركي.
Sorry Comments are closed