يواصل رجل الأعمال السوري سامر الفوز نشاطاته التجارية والاستثمارية بالرغم من العقوبات الأميركية التي شملته منذ فترة، وخاصة فيما يخص مشاريع الإعمار التي تتم في محيط العاصمة دمشق، وسط تساؤلات عن مدى جدوى تلك العقوبات للحد من النشاط الاقتصادي لنظام بشار الأسد.
فقد استغل الفوز علاقاته المتشعبة في بناء أسس إمبراطورته المالية والتي يختلف حولها مراقبون بخصوص الجهة التي يمثلها، إذا كانت نظام الأسد أو روسيا أو حتى إيران، بعد قدرته المتسارعة للظهور على الساحة السورية وتوسيع سيطرته على حساب العديد من رجال الأعمال المقربين من نظام الأسد وعلى رأسهم رامي مخلوف.
وظهر الفوز على الساحة منذ عدة سنوات بعد تورطه بصفقة قمح فاسدة تلتها جريمة قتل في تركيا، اعتقل على إثرها هناك قبل أن يطلق سراحه، ليعود إلى سوريا لمعاودة نشاطه وسط شكوك حول ظروف خروجه من السجن رغم اعترافه.
المهندس محمد الشربجي ناشط بحقوق الملكيات والإسكان في سوريا قال للجزيرة نت “الفوز كغيره من المتنفذين في نظام الأسد له علاقات مع الدول الداعمة للنظام ومنها الإمارات، ويمثل واجهة لاستثمارات هذه الدول وحل مكان رامي مخلوف الذي أصبح مكشوفا، ومهمته (الفوز) استقطاب مستثمرين وهميين مرتبطين مع دول كالإمارات أو غيرها للدخول بمشاريع إعادة الإعمار، ولكن النظام وسع ساحته وضخم اسمه تحضيرا لإدخاله الساحة الدولية”.
السلب والتهجير
على الصعيد الداخلي، ظهر اسم الفوز بقوة فيما يخص عمليات إعادة الإعمار التي يقوم بها نظام الأسد في محيط دمشق، حيث استحوذت شركاته على معظم تلك المشاريع، ليتمكن من استقطاب عدد من المستثمرين من الصين وغيرها من الدول الداعمة للنظام، قبل أن يتوقفوا جميعهم بعد العقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية على النظام السوري وكافة الكيانات المتعاملة معه.
وتركز نشاطات الفوز بالمناطق التي شهدت اتفاقيات التهجير في ريف دمشق، مثل داريا والقابون وكفرسوسة والقدم وبساتين الرازي وحرستا وجوبر، والتي عمد نظام الأسد فيها إلى عمليات تدمير شامل لمنازل المدنيين بشكل كامل، إذ تمتاز تلك المناطق بالأهمية أكثر من غيرها في حمص وريفها ودرعا وريفها، كونها ضمن الحدود الإدارية لمحافظة دمشق وريفها، وكانت بداية عمليات التهجير بدمشق وريفها بمدينة داريا وانتهاءً بالقلمون الشرقي.
ومع إصدار القانون رقم 10 الذي يتيح للنظام سلب المعارضين والمهجرين أملاكهم، بدأت تبرز في الواجهة أحاديث عن مشاريع بناء كبيرة، كانت شركات الفوز صاحبة اليد العليا فيها، حيث عمدت قوات النظام على تنفيذ عمليات هدم منهجي بحجة وجود الأنفاق في العديد من المناطق منها القابون وجوبر، تم خلالها هدم كامل المناطق السكنية، وإعادة إنشاء ودراسة مخططات تنظيمية جديدة ولكن لم يتم الاتفاق على من سيتسلم ملف الحي بعد.
نشاطات الفوز
يتعدد النشاط التجاري لشركات الفوز في عدة اتجاهات تركز مؤخرا في المشاريع التي تخص إعادة الإعمار من خلال مشاريع منها “ماروتا ستي” التي تدير مشروعا من المزمع إنشاؤه في منطقة بساتين الرازي، ولكن ما زال في مراحله الأولي من حفر الأساسات، والتي توقف عندها، ليعاود العمل فيه بعد مضي أكثر من شهر على العقوبات الأميركية.
وكان أعلن عن المشروع عام 2012 من قبل رئيس النظام باسم تنظيم شرقي المزة، وبدأ العمل الفعلي عليه منتصف 2017 من قبل محافظة دمشق وشركة دمشق الشام القابضة، ولكن النظام عندما أجبر الأهالي على إخلائه عام 2012 خصص لعدد من الأهالي مبالغ مالية بدلات للإيجار وتعويضاً عن إجبارهم على إخلاء منازلهم، ولكن هذه التعويضات توقف صرفها منذ ثلاثة أعوام ونصف العام.
أما المشروع الثاني فهو “باسيلا ستي” وأعلن عن مخططه التنظيمي في 26 مارس/آذار 2018، المعد إنشاؤه في مثلث كفر سوسة وداريا والممتدة إلى القدم والعسالي وشارع الثلاثين التي كانت في وقتها تحت سيطرة تنظيم الدولة جنوبي دمشق وهي ضمن المرسوم الرئاسي 66 لعام 2012.
ويتابع الشربجي في حديثه للجزيرة “تظهر قوة الفوز وتغلغله في نظام الأسد من خلال عزل النظام المحافظ بشر الصبان الذي شغل المنصب 12 عاما وكان على خلاف مع الفوز، وتعيين عادل العلبي بديلاً عنه ليتوافق مع الفوز وشركاته، كما أن الأخير لم يقتصر عمل شركاته على مشاريع البناء بل امتدت إلى مجال النفط والتجارة وغيرها، وأصبح شريكا رسميا للدولة مهمته استقطاب المستثمرين بالدرجة الأولى من الصين وفنزويلا والبرازيل وغيرها من الدول الحليفة للنظام”.
العقوبات الاقتصادية
وبالرغم من العقوبات المشددة التي دفعت كافة المستثمرين الأجانب للانسحاب من شراكاتهم مع الفوز وإيقاف مشاريعهم المشتركة، استمر في نشاطاته التجارية والاستثمارية دون أي آثار واضحة لتلك العقوبات مما يرجح تمكنه من الالتفاف عليها عبر شركاء غير معلنين.
ويقول الشربجي حول العقوبات الأميركية إنها جعلت من كل الشركات والشركاء الذين كانوا يعملون مع الفوز ينسحبون خوفا من إدراج أسمائهم على قوائم الإرهاب الاقتصادي وخسارة أموالهم، وكانت الصينيون أول المنسحبين وأوقفت كل نشاطاتهم، حتى أن الشركاء اللبنانيين الذين كانوا ينوون الاستثمار بسوريا انسحبوا ولم تعد هناك أي شركة لهم وهو ما شكل ضربة كبيرة للنظام.
عذراً التعليقات مغلقة