العقيد حسن الحمادة: قرار الانشقاق بطائرتي لم يكن سهلاً

فريق التحرير22 يونيو 2019آخر تحديث :
طائرة حربية من طراز “ميغ 21” تربض في مطار خلخلة العسكري حيث انشق العقيد الطيار حسن مرعي الحمادة قبل سبع سنوات

حوار: لجين المليحان – حرية برس:

شهدت الثورة السورية الكثير من حالات انشقاق ضباط وعناصر عن صفوف قوات الأسد، وانضمامهم إلى الجيش السوري الحر والشعب السوري ليعلنوا بذلك رفضهم لإجرام نظام الأسد ضاربين بأوامره عرض الحائط، ولكن هناك حادثة فارقة لم تتكرر تمثلت بانشقاق الطيار “حسن الحمادة” بطائرته الحربية عن النظام ليوجه بذلك ضربة موجعة إلى الأسد وجيشه.

انشق الضابط الطيّار حسن مرعي الحمادة بطائرته (ميغ 21) عن سلاح الجو في قوات الأسد في 21 حزيران/يونيو من العام 2012، عن (الفرقة 20، اللواء 73) بمطار خلخلة العسكري في السويداء، وهو قائد سرب البحوث العلمية في مطار خلخلة.

وكان الحمادة من الطيارين أصحاب الخبرة والمهارة والشجاعة المتميزة، انشق بعد رفضه تنفيذ أوامر قوات الأسد بقصف محافظة درعا، ليتوجه بعدها إلى الأردن، وقد شكل خبر انشقاقه بطائرته حالة فرح عارمة لدى الشعب السوري لكونها أول حادثة انشقاق لطيار بطائرته، وللأسف كانت الأخيرة بسبب تشديد القبضة الأمنية على رفاق سلاحه وتخاذل البعض الآخر.

وفي حديث “حرية برس” مع الطيار الحمادة في ذكرى انشقاقه، قال: في بداية الثورة كنا ننتظر بترقب ونراقب ماذا سيحل بسوريا من خلال الأحداث التي بدأت بدرعا وانتشار المظاهرات عبر بقية المحافظات، وكثرت نقاط المراقبة والتحقت سوريا بالربيع العربي، بعد ذلك كشف النظام عن وجهه الحقيقي الإجرامي وباشر من خلال أجهزته المخابراتية الاعتقالات والقمع وإطلاق الرصاص على المظاهرات، فضلاً عن اختلاق الأكاذيب التي كان يدعيها عن حمل المتظاهرين للسلاح حتى يبرر قتله.

وأضاف: كانت المظاهرات سلمية حتى باعترافه لمدة 6 أشهر، وعقب إقحام الجيش بهذا الأمر كان من الطبيعي أن تحدث انشقاقات وانقسامات، حيث حدثت حالة من الغليان لدى كثير من الضباط بغض النظر عن انتماءاتهم، فبشكل عام هذا تصرف خاطئ وأمر لايمكن السكوت عنه، لكن النظام فضل الكشف عن وجهه الحقيقي والإجرامي تجاه هذا الشعب وحصل ماحصل.

وتابع؛ عندها قررت ترتيب أموري للانشقاق بالطائرة وإعداد العدة بدون علم أي أحد لأن هذا الأمر فيه خطورة كبيرة على حياتي، عندما حان الوقت المناسب للانشقاق بالطائرة أرسلت عائلتي إلى الشمال السوري ووضعتهم في مكان آمن وبعدها قمت بالانشقاق.

وأوضح “القرار لم يكن سهلاً بالنسبة لي وكان هناك تخوف من الدفاعات الجوية للنظام، وأيضا التخوف من الدفاعات الجوية بالجهة المقابلة في الأردن وهنا أشير إلى حيثية يعرفها الطيارون بشكل عام، وهي تفادي الدفاعات الجوية بالطيران على ارتفاع منخفض جدا وبسرعة عالية؛ فقد حلقت على ارتفاع بين 100 إلى 50 متر وسرعة تقارب 1000 كم بالساعة، في حال كان هناك دفاعات جوية تريد استهدافي هذا الأمر أفضل حالة لاجتياز الدفاع الجوي حيث يصبح هناك صعوبة بإسقاط طائرتي.

وتابع: النقطة الثانية التي كانت تشغل تفكيري هي مصيري بعد الهبوط، حيث كان هناك تخوف كبير من هذا الأمر والحمد لله كانت الأمور جيدة وتم استقبالي بشكل رائع من قبل الحكومة الأردنية وبسرعة تم الاجتماع ومنحي اللجوء السياسي وهو صك حماية لي، كانت المعاملة في الأردن جيدة وبقيت فيها ما يقارب الشهرين، وقد طلبت منذ أول يوم لي أن أغادر إلى تركيا ومنها أردت الدخول إلى سوريا لأقوم بالدفاع عن أهلي في الداخل السوري، وكان لي ما أردت.

تابع الحمادة مسيرته بالعمل الميداني في الداخل السوري وذلك “رفضاً لمنهج القمع والإجرام الذي قابل الثورة، وكان لتوجيه رسائل للداخل دعماً لثورة الشعب السوري، وللخارج بأنه فعلا ما يحدث في سوريا هو ثورة وأن هناك ضباط أعطوا شرعية للثورة بغض النظر عن أكاذيب النظام الإعلامية واتهام الثوار بانتمائهم لتنظيمات متطرفة أو ما شابه، رغم أنهم من المؤسسة العسكرية حيث المنشق بعرض الهوية لإثبات عكس”.

وعلى الصعيد الداخلي رأى الحمادة في انشقاقه “تشجيعاً للضباط على الانشقاق، فمنذ الشهر السادس وحتى الشهر العاشر من العام 2018 حصلت أعلى نسبة انشقاق من الضباط حيث وصل عدد الضباط المنشقين إلى قرابة 5 آلاف ضابط منشق من جميع الرتب، وانعكس ذلك في عمليات نوعية خلال الانشقاقات على الحواجز وبأسلحة مختلفة؛ دبابات وعربات وغيرها من الأسلحة المتوسطة والخفيفة”.

وكان انشقاقه إضافة لتشجيع الضباط رفع معنويات الثوار بالداخل السوري في ذاك الوقت، صفعة قوية للأجهزة الأمنية وقيادة النظام.

وعلل الحمادة عدم حدوث انشقاقات أخرى في صفوف الطيارين بأن النظام أخذ احتياطاته بكل تأكيد هناك الكثير من النقاط عمل عليها النظام لعدم تكرار هذه الانشقاقات، مشيراً إلى أن أغلب عائلات الطيارين احتجزت من قبل أجهزة النظام بمساكن عسكرية ومنعوا من المغادرة بشكل كامل واذا أرادوا المغادرة يسمح لنصف العائلة فقط بالمغادرة والعودة لاحقاً.

وفي السؤال عن عمله بعد الانشقاق، قال: عند دخولي إلى سوريا بدأنا بتشكيل لواء يوسف العظمة، بعدها شاركت بتشكيل الأركان في نهاية سنة 2012، ثم عملت نائب مدير الاستخبارات بهيئة الأركان، بعدها قمت بتشكيل الفرقة 101 مشاة حتى العام 2016، حالياً أعمل نائب وزير الدفاع بالحكومة المؤقتة.

وعن رأيه حول الطيران الروسي الذي يقصف مناطق إدلب، قال: فيما يخص الطيران الروسي الذي يقصف إدلب حالياً ويقصف الشعب السوري منذ بداية الحملة الروسية في الشهر التاسع من العام 2015 فإن أولى الأهداف التي استهدفها هي مواقع للجيش الحر. حيث لم يقصف داعش ولم يقصف النصرة، وكانت جميع عملياته ضد الجيش الحر حيث يعتبرهم إرهابيين ويعمل بنفس سياسة النظام. فالنظام السوري صورة مصغرة عن النظام الروسي بالتالي الجيش الروسي يتبع سياسة الأرض المحروقة ولا يعنيه وجود أطفال ونساء مدنين وعجز، هذا بات معروفاً عالميا.

وتابع: إنه يحمي نفسه بالمنظومة الدولية وروسيا العظمة والفيتو، بالتالي الطيران الروسي يقوم بحرق المنطقة تماما لتقوم بعدها القوات البرية بالتقدم. والنظام لم يجلب الإيراني والروسي فقط بل بدأ ببيع المطارات والموانئ السورية ووقع عقود طويلة الأمد للحفاظ على كرسيه، فالمعاناة التي يعانيها الشعب السوري سببها هذا النظام المجرم، فصل الشتاء الماضي عانى الشعب السوري الموجود تحت سيطرة النظام من عدم توفر الكهرباء والغاز والمحروقات وأبسط مقومات الحياة لم تكن موجودة فنحن ندعوهم ليقفوا ضد النظام الذي لا يأبه إلا بذاته.

ووجه الحمادة رسالة لأبناء الشعب السوري بمختلف أطيافهم، ودعاهم لأن يكونوا يد واحدة ونبذ الخلافات بينهم وأن يقوموا بتنظيم أنفسهم وانتخاب قيادة حقيقية تراتبية من أصحاب الاختصاص وضمان مشاركة فاعلة للضباط لأن لديهم كفاءة وخبرة أوسع وأشمل.

وطالب الحمادة المقاتلين في الجيش الحر بالحفاظ على بنادقهم لأنها الحامية لأرضهم وعرضهم وشرفهم من هذا النظام المجرم ومن الاحتلالين الروسي والإيراني، مضيفاً: أما لشعبنا الذي عانى من هذا النظام؛ الشعب الحر الموجود بالمناطق المحررة والمهجرون على دول الجوار وبالداخل السوري أدعو الله أن يكون النصر قريب والعودة قريبة.

كما وجه رسالة للشعب السوري الموجود تحت سيطرة النظام قائلاً: لقد رأيتم ماذا فعل هذا النظام بسوريا والشعب السوري من قتل وتدمير للبشر والشجر والحجر جلب المحتلين من روسيا وإيران وباع لهم المنطقة واذا لم يتعاون جميع مكونات الشعب السوري لإصلاح الامر حتى تعود سورية قوية وأناشدهم أن يقفوا بوجه الأسد لمصلحة سوريا ومصلحة البلد.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل