ترامب في مأزق .. نائبه يتنصّل منه .. وقيادات حزبه توبّخه

فريق التحرير1 أغسطس 2016آخر تحديث :

n-S-large570

واجه دونالد ترامب الأحد 31 يوليو /تموز 2016 حملة انتقادات واسعة، بسبب سجاله مع والدي جندي أميركي مسلم قتل في العراق وكذلك صرخات من أبناء حزبه ضده بسبب أسلوبه الفج والعنصري مع الزوجين المسلمين.

واعتبر تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن لقاء الزوجين خضر وغزالة خان مع ترامب شكل نقطة محورية في مساره الانتخابي، فلقد تلعثم ترامب في رده على تأنيب الأسرة له، وتهكم عليهما، أولاً بزعمه أن والدة خان منعت من الكلام في مؤتمر الحزب الديمقراطي، ثم بإعلانه أنه لا يحقّ لوالد خان مساءلة ترامب حول معرفته بالدستور الأميركي.

ووفقاً للتقرير فقد فشلت قريحة ترامب هذه المرة في إنقاذه. ولم يستطع أن يكسب تعاطفاً بزعمه أن خان لم يكن منصفاً معه، حيث نشر على حساب تويتر الخاص به صباح الأحد 31 يوليو/تموز 2016 أن خان قد “هاجمه بشراسة”، في حين حاول ترامب ومستشاروه صرف الانتباه عما حدث بالحديث عن الإرهاب لكن دون جدوى.

لقد بدا أن ترامب قد وقع في أكبر أزمة خلال حملته الانتخابية، تفوّقت على الضجة التي حدثت في يونيو/حزيران 2016، بعد أن ألمح إلى أن القاضي جونزالو كوريل غير محايد بسبب جذوره المكسيكية. بهجومه على أسرة الجندي وخوضه في الحديث عن الأعراق، خرق ترامب مرة أخرى ثوابت السياسة الأميركية، مما يضاعف الضغط على زملائه الجمهوريين للاختيار بين الدفاع عن تعليقاته أو التبروء من مرشحهم.

لقد خاطر ترامب بإعادة فتح سجالات عن التسامح الديني والخدمة العسكرية. لقد تسبب رده على أسرة خان في انطلاق موجة جديدة من الانتقادات لاقتراحه بمنع هجرة المسلمين، وكذلك سخريته من أسر السيناتور جون ماكين في فيتنام.

 

هل يتبّرأ منه الجمهوريون؟

 

لقد بدأ قادة الحزب الديمقراطي ومرشحو الكونجرس من الديمقراطيين يطالبون الجمهوريين بالتبروء من ترامب.
أما أشهر الجمهوريين في الكونجرس، بول د. ريان، المتحدث باسم الكونجرس، وميتش مكونل، زعيم المعارضة، فقد أشارا إلى اختلافهما الشديد مع ترامب، لكنهما لم يصرّحا بإدانة أقواله.

قامت هيلاري كلينتون، مرشحة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة، بتوبيخ ترامب بشدة صباح الأحد، فقالت في كنيسة في كليفلاند أنه قابل تضحية أسرة خان بالإساءة وأساء إلى التقاليد الأميركية التي تتبنى التسامح الديني.

وقالت هيلاري “لقد قدمت أسرة خان أكبر تضحية، أليس كذلك؟ وماذا كان رد ترامب؟ لا شيء سوى الإهانة والتعليقات العنصرية ضد المسلمين. إنه يجهل ما الذي جعل بلادنا عظيمة”.

كما قامت هيلاري بتأنيب ترامب مرة أخرى في أشلاند، أوهايو، واصفة تعليقاته بأنها “جزء من نموذج مضطرب”. قالت كلينتون “لقد وصف المكسيكيين بالمغتصبين والمجرمين، وقال أن قاضياً فيدرالياً غير مؤهل لوظيفته بسبب جذوره المكسيكية. كما وصف النساء بالخنازير، وتهكم على صحفي بسبب إعاقته”.

 

لا يصلح رئيساً

 

كما استنكرت أسرة خان بشدة أقوال ترامب يوم الأحد، مؤكدين أن لا شخصيته ولا أخلاقه تصلح لرئيس جمهورية. وقال خضر خان، الذي تحدث أمام مؤتمر الحزب الديمقراطي يوم الخميس، في لقاء أذاعته NBC أن ترامب تحدث لزوجته بفظاظة، واتهمه بأنه يدير حملة من الكراهية والاستهزاء والتفرقة.

وقد دعا خضر خان الناخبين الذين يميلون لاختيار ترامب أن ينبذوا هذا النوع من السياسة، فقال، “أناشد الأميركيين الوطنيين الذين يفكرون في انتخاب ترامب ألا يصوتوا للكراهية وزرع الخوف. صوتوا للوحدة والخير لهذا البلد”.

كما انتقدت غزالة خان ترامب، في مقال رأي نشرته واشنطن بوست، لزعمه أنها منعت من الكلام في مؤتمر الحزب الديمقراطي، وقالت أنها لم تتحدث لأنها شعرت بأنها لن تكون متماسكة أثناء الحديث عن ابنها.

كتبت غزالة خان “كل العالم وكل الأميركيين يشعرون بألمي. كل من رآني تعاطف معي. دونالد ترامب له أبناء ويحبهم. هل كان من الصعب عليه أن يفهم لماذا لم أستطع التحدث؟”

كما اتهمت ترامب بالجهل بالإسلام وانتقدته لوصف مسيرته المهنية بأنها “تضحية” قدمها لوطنه. فقالت “لقد قال ترامب أنه قدم الكثير من التضحيات، ولكنه لا يعلم معنى كلمة تضحية”.

من المبكر التنبوء بكم الضرر الذي سيلحق بحملة ترامب من جراء تلك التعليقات، ولكنه ورط نفسه في مناقشات مدمرة مع المتعاطفين مع أسرة خان، الذين اتهموه بالقسوة. ولكنه أثبت تماسكه، فقد تخطى العديد من السجالات من قبل كانت لتودي بأي مرشح آخر.

 

توبيخ جمهوري

 

أدان العديد من الجمهوريين معاملة ترامب لأسرة خان، ووصفوا سلوكه بأنه خارج عن حدود السياق السياسي. لكن قيادات الكونجرس الجمهوريين تفاعلوا مع تصرفات ترامب بحذر.

فقام ريان وماكونل بإصدار بيان أشادوا فيه بأسرة خان، ووصف ماكونل النقيب هومايون خان بأنه “بطل أميركي”. كما أكد كلاهما أنهما يعارضان منع هجرة المسلمين للولايات المتحدة، ولكنهما تجنبا ذكر اسم ترامب، الذي ترشح بتأييدهما.

وقال ريان “لقد خدم العديد من المسلمين في الجيش الأميركي بشجاعة، وقدموا تضحيات كبيرة. النقيب خان كان أحد هؤلاء. يجب احترام تضحيته وتقديرها، وكذلك تضحية والديه خضر وغزالة خان”.

ربما يتسبب حوار ترامب مع عائلة خان في تقويض أي تقدم حققه في حملته والحشد لحزبه في الانتخابات العامة. لقد حاول التهوين من دعوته لمنع هجرة المسلمين، بالتركيز على منع الهجرة من دول بعينها. ولكنه لم يتخل عن فكرة الاختبار الديني، ولم يعتذر عن تعليقاته الموجّهة لوالدة خان.

لقد تسببت تلك التعليقات في إرباك العديد من قيادات الجمهوريين. فقد أعرب كل من جب بوش، حاكم فلوريدا السابق، وجون كاسيش، حاكم أوهايو، عن استنكارهما لتلك التعليقات.
وقد رفض متحدث باسم الرئيس السابق جورج بوش الابن التعليق على سلوك ترامب مباشرة، ولكنه أشار إلى أن بوش يتبنى رؤية مختلفة.

وقال المتحدث، فردي فورد، “يدين الرئيس بوش بالعرفان العميق لتضحيات أسر الجنود، وهو ما يجب أن يشعر به الجميع. فهو يفكر فيهم ويصلي من أجلهم يومياً”.

وذهب جمهوريون آخرون إلى أبعد من ذلك في توبيخ ترامب. إذ قال السناتور كيلي أيوت، ممثل ولاية نيو هامبشاير، الذي يسعى لإعادة انتخابه، أن أسرة خان تستحق كل التقدير والاحترام، “لقد هالني أن يذمهم دونالد ترامب، وأنه يمتلك من الوقاحة ما يجعله يقارن تضحياته الخاصة بتضحيات تلك العائلة”.

 

تعدٍّ على الجنود

 

وقال السناتور ليندسي غراهام، الجمهوري من ولاية كارولينا الجنوبية، يوم الأحد أن السيد ترامب قد عبر خطاً أحمر آخر.

وقال غراهام أن رد ترامب على أسرة خان غير مقبول، تماماً مثل تعليقاته على القاضي كوريل.
وأضاف، “لقد وصل إلى مرحلة لم يصل إليها أحدٌ من قبل، لقد تعدى على عائلات الجنود الذين ضحوا في الحرب. أقل ما يقال أن هذا غير مقبول”.
وقال مايك كوفمان، نائب كولورادو، الجمهوري الذي خدم في القتال في سلاح مشاة البحرية، وهو الآن نائب عن منطقة حاسمة في ضواحي دنفر، أن ترامب أظهر عدم احترام للجنود الأميركيين.
وأضاف، “بعد أن خدمت في العراق، أشعر بالإهانة العميقة بسبب عدم تقدير دونالد ترامب لتضحيات كل من جنودنا البواسل الذين سقطوا في تلك الحرب”.

من المرجح أن يخف الضغط على ترامب والجمهوريين قريباً، ولكنه حتى الآن تعثر في الرد.

وأشار تقرير صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إلى أن ترامب علق في البداية على والدة خان لأنها لم تتحدث بعد زوجها، في إشارة لأنها منعت من ذلك. وبعد تزايد الانتقادات الموجهة إليه من الديمقراطيين والجمهوريين، أصدر بياناً السبت 30 يوليو/تموز 2016 وصف فيه النقيب خان بأنه بطل، ولكنه أصر على أن والده لا يحق له انتقاده بتلك الطريقة.
كما قام بمحاولة لصرف الانتباه عن انتقادات أسرة خان له بكتابة تعليق على حساب تويتر الخاص به يقول بأن القضية الأهم في تلك الانتخابات هي الإرهاب.

 

نائبه يتنصّل منه

 

يبدو أن مايك بنس، المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس، وحاكم ولاية إنديانا، وجد نفسه في موقف حرج في تلك القضية. فابنه هو أحد جنود مشاة البحرية، وهي حقيقة يذكرها في كثير من الأحيان. ويعتبر هذا أول اختبار صعب لبنس في أثناء الحملة الانتخابية.

فقد لاذ بنس بالصمت أثناء عطلة نهاية الأسبوع، و قام مساعدوه بتوجيه المستفسرين للتعامل مع فريق ترامب، وكان تعليقه الوحيد على تويتر عن حلاقة شعره في إنديانابوليس.

مساء الأحد 31 يوليو /تموز 2016، أصدر بنس بياناً يتنصّل فيه من تصريحات ترامب، وأكد احترامه لتضحيات أسرة خان، ولكنه كرّر دعمه لمنع الهجرة من الدول التي “اخترقها الإرهاب”.

-هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The New York Times الأمريكية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل