تقدم محامون بوثيقة قانونية تطلب من المحكمة الجنائية الدولية النظر في قضية تتهم الاتحاد الأوروبي باعتراض طريق أكثر من 40 ألف شخص في البحر المتوسط، ونقلهم إلى معسكرات اعتقال ودور تعذيب على مدار السنوات الثلاث الماضية بموجب سياسة الهجرة الأوروبية، محملين دول الاتحاد المسؤولية عن وقوع جرائم ضد الإنسانية بحق هؤلاء الأشخاص.
وقد أعد الوثيقة المذكورة مجموعة من المحامين الدوليين، وأشارت الوثيقة في محتواها إلى وثائق عامة صادرة عن الاتحاد الأوروبي، وبيانات من الجانب الفرنسي والألماني ومسؤولين كبار في الاتحاد الأوروبي.
وطالب المحامون فيها بمقاضاة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي لعبت دوراً بارزاً في ما يسمى بأزمة اللاجئين، وتحديداً إيطاليا وألمانيا وفرنسا، جراء مقتل الآلاف من المهاجرين الذين غرقوا في البحر المتوسط انطلاقاً من ليبيا.
وتوجّه لائحة الاتهام اللوم إلى سياسة الهجرة الأوروبية والتي تسببت -بحسب المحامين- في تعرض المهاجرين لعمليات اغتصاب وتعذيب على نطاق واسع على أيدي خفر السواحل الليبي الذي يمول ويدرب من أموال دافعي الضرائب الأوروبيين.
ولا يذكر التقرير أي مسؤول أو سياسي بالاسم، ولكنه يستشهد بتحقيق مستمر تجريه المحكمة الجنائية الدولية في مصير المهاجرين في ليبيا انطلق بناء على طلب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في أثناء الحملة الدموية التي قام بها الديكتاتور “معمر القذافي” ضد الاحتجاجات الشعبية في عام 2011 التي أطاحت بنظامه وأدت في النهاية إلى موته.
ونشرت منظمة “ستيت ووتش” الحقوقية المعنية بالحريات المدنية في الاتحاد الاوروبي، تحقيقاً أنجزه القائمون على مدونة القانون الدولي بشأن الانتهاكات التي وقعت للمهاجرين القادمين من ليبيا، إذ كانت إحدى الجرائم، وفقاً للوثيقة، هي قرار إنهاء عملية إنقاذ “ماري نوستروم” التي أطلقتها الحكومة الإيطالية في أكتوبر/تشرين الأول 2013 وتوقفت في نهاية عام 2014، إذ ساهمت العملية في إنقاذ حوالي 150 ألف مهاجر من البحر المتوسط، وكلفت العملية أكثر من تسعة ملايين يورو شهرياً، تحملتها إيطاليا وحدها تقريباً.
بعد ذلك استبدلت علمية “ماري نوستروم” بعملية تسمى “تريتون” بتمويل من جميع دول الاتحاد الأوروبي الـ 28 بتكلفة منخفضة، ولكن على عكس العملية السابقة، لم تقم سفن “تريتون” بدوريات إنقاذ مباشرة قبالة الساحل الليبي، منطلق معظم قوارب التهريب الضعيفة والمتهالكة المتجهة إلى أوروبا.
لتشهد بعد ذلك ارتفاع حالات الغرق في البحر الأبيض المتوسط ، ففي عام 2014، توفي حوالي 3200 مهاجر في البحر الأبيض المتوسط، وفي العام التالي 2015، ارتفع العدد إلى أكثر من 4000 شخص، وفي عام 2016 بلغ الرقم ذروته بأكثر من 5100 حالة وفاة واختفاء، وفقاً لأرقام المنظمة الدولية للهجرة.
وبحسب ما ورد في التقرير فإن”الهدف من هذه السياسة الجديدة هو التضحية بأرواح الكثيرين من أجل التأثير على قرار الهجرة الذي قد يتخذه آخرون”.
وقال “دوف جاكوبس”، محامي الدفاع في المحكمة الجنائية الدولية: “كلما كانت الوقائع والأحداث متصلة ومترابطة وأكثر تفصيلاً، كلما زاد احتمال أن يأخذ المدعي العام الشكوى على محمل الجد”، فيما صرح برانكو المحامي المشارك في كتابة التقرير، إنه يعتقد أن التفاصيل الواردة في التقرير ستترك للمحكمة القليل من الخيارات، وتابع:” تظاهر المسؤولون الأوروبيون بأن ما حدث كان مأساة لا يمكن القيام بشيء حيالها وليس لديهم دور فيها، لكننا أثبتنا بشدة أن الأمر على عكس ما يقولون، وأنهم تسببوا في هذه المأساة”.
من الجدير بالذكر أن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي/هولندا تعد الملاذ الأخير للتعامل مع قضايا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، عندما تكون الدول غير راغبة أو غير قادرة على مقاضاة المتسببين في هذه الجرائم.
Sorry Comments are closed