يوميات مستشفى ميداني -9- رجال صديقهم الموت

فريق التحرير29 يوليو 2016آخر تحديث :
يوميات مستشفى ميداني -9- رجال صديقهم الموت

feras.allawi* فراس علاوي
قد نقرأ في كتب التاريخ كثيراً من القصص بعضها نصدقه وأخرى نجد فيها من المبالغة الشيء الكثير لكن عندما نعيش قصص قريبة منها ندرك كم هي واقعية تلك القصص!
ماحدث أقرب لقصص التاريخ في ثورة سيذكرها التاريخ طويلاً وربما إلى الأبد.. رجالها صنعوا تاريخاً من الشجاعة والانسانية.
الجميع يعرفه رجلا مقاتلاً وقائداً شجاعاً خاض الكثير من المعارك .. ورابط كثيراً وعلى جبهات كثيرة .
كان دوره في المناوبة على جبهة مطار دير الزور العسكري، المجموعة التي معه لا تشكل العدد المطلوب لصد أي تقدم لقوات النظام.
قذيفة غادرة تصيب تجمعهم لتصيب أحد المقاتلين في صدره، ترك أبو محمد قائد المجموعة بعضاً من المقاتلين وأصطحب معه شخصاً لمساعدته في إسعاف أخيه، أبو محمد قائد المجموعة ووالدهم وعمهم.
وصل المصاب إلى المستشفى شهيدا، فقد كانت إصابته قاتله، أخوه الذي كان يحمله ويضمه إلى صدره، كان يجود بأنفاسه الأخيرة بين ذراعيه.
أخبره المناوب في المشفى أن الشاب قد أستشهد.
فماذا كانت ردة فعله ؟
طلب من كادر المشفى تجهيز أخيه حتى يأخذه لأهله حيث يدفن ،ريثما يعود من مناوبته التي عاد ليكملها هو ومن معه!
ترك أخوه شهيداً ليعود إلى رفاقه، ثلاثة أيام، بعدها كان أبو محمد يعود ورفاق أخيه لمكانهم في قطاعات المطار يناوبون لمنع تقدم الجيش الذي دفع صديقهم وأخيهم روحه في سبيل ذلك.
ذات القصة تتكرر ..
أبو زياد الرجل الستيني الذي خسر ولديه في الحرب وكسبهم شهداء .. كان في كل مرة يسمع بوجود إصابات يأتي إلى المستشفى عله يستطيع تقديم شيء رغم عمره الكبير وصحته المعتلة، نراه دوماً في المستشفى، يساعد أحياناً ويهدأ النفوس أحياناً أخرى.
الوقت كان صباحاً عندما بدأت قذائف الحقد تصب جام غضبها على المرابطين على جبهة المطار. حين بدأت الأخبار تتوالى عن إصابات في صفوفهم نتيجة غزارة الغارات وكثافة القصف ..قناصة النظام كانوا يستهدفون كل شيء يتحرك.
بدأت الإصابات تصل .. كان أول الواصلين مروان، الذي وصل شهيداً بطلقة قناص على الأغلب أو شظية في الرأس، مروان هو إبن عم الشهيدين الذين كان والدهما أول الواصلين للمشفى، كانت دموعه تنهمر بصمت وهو يحمل جثته وكأنه يوصيه سلاماً لولديه، دموع مكتومة صامتة تنزل على استحياء.
بقي أبو زياد ينتظر وصول الإصابات لتكون الإصابة التالية إبن أخيه .. مصاباً إصابة بالغة في الفك.
رافقه عمه إلى مستشفى آخر لتلقي العلاج تاركاً جثة في انتظار من يدفنها.
واستمر أبو زياد في عادته تلك بالحضور كلما سمع صوت سيارة الاسعاف مدوياً.
أي قلوب يحملون!! أي عاطفة تلك التي تجيش في صدورهم!! ماهي طاقة إحتمالهم؟! هم رجال صنعتهم المواقف.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل