حرية برس- ترجمة زينة الحمصي:
ناقش الكاتب الصحفي “آدم تايلور” في مقاله في صحيفة “واشنطن بوست مسألة الصراع الامريكي_الإيراني موضحاً النقاط السلبية في هذا الصراع، منطلقاً مما توحي به المظاهر حيث نجد أنّ الولايات المتحدة وإيران على شفير حرب، حيث تمّ الهجوم على ناقلتي نفط سعودية وسفينة نرويجية في الخليج الفارسي هذا الأسبوع، تزامناً مع إرسال الولايات المتحدة سفناً حربية وقاذفات قنابل إلى الشرق الأوسط لردع ما اعتبرته تهديدات إيرانية.
ويرى “تايلور” المهتم بالشؤون الخارجية، أنّ النزاع بين إدارة أمريكية يقودها رئيس جمهوري متشدّد وقوة شرق أوسطية معادية، قد ذكّر العديد من المراقبين بالفترة التي سبقت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة ضد العراق في العام 2003، وهي الخطوة التي تمّ إدانتها على نطاق واسع في السنوات التي تلتها على أنّها كانت كارثية لجميع المعنيين، حتى أنّ الشخصيات الحالية تُذكرنا بتلك الشخصيات التي كانت أثناء غزو العراق، مثل مستشار الأمن القومي “جون بولتون” الذي عادت عليه تصرفاته بلقب “المتهور”، حيث بدا وزير الخارجية الإيراني “محمد جواد ظريف” وكأنّه يُلمّح إليه يوم الثلاثاء في حديثه للصحفيين قائلاً: “الأفراد المتطرفون في الحكومة الأمريكية يحاولون إلقاء اللوم زوراً على إيران في الحوادث التي وقعت في الخليج”.
ويستطرد “تايلور” في شرح النقاط التي تجعل الحرب مع إيران أسوأ من الحرب مع العراق قائلاً: “إنّ إيران في الوقت الحاضر بلد يختلف كثيراً مقارنة مع العراق في العام 2003، كما أنّ الطريقة التي ستخوض إيران فيها الحرب مختلفة كثيراً أيضاً، حيث أنّ إيران ببساطة هي بلد أكبر من العراق قبل الغزو في العام 2003، ففي ذلك الوقت كان عدد سكان العراق حوالي 25 مليون نسمة، فيما يُقدّر عدد سكان إيران اليوم بأكثر من 82 مليون نسمة، وتمتد إيران على 591.000 ميل مربع، مقارنة مع 168.000 ميل مربع للعراق. واقترحت أحد التقديرات في العام 2005 أنّ عدد الجيش العراقي يبلغ أقل من 450.000 جندياً عندما بدأ الغزو، فيما تُشير التقديرات الأخيرة على أنّ إيران تمتلك 523.000 عسكرياً من العاملين، فضلاً عن 250.000 جندياً احتياطياً.
ويوضح تايلور أن موقع إيران يعتبر مهماً على عكس العراق، حيث أنّ إيران قوة بحرية يحدّها بحر قزوين من الشمال، والخليج العربي وخليج عمان من الجنوب، كما تشترك في الحدود البرية مع العديد من حلفاء الولايات المتحدة المضطربين، بما في ذلك أفغانستان، باكستان، تركيا، والعراق، فضلاً عن أهمية موقعها التجاري في وسط أوراسيا، حيث يمر حوالي ثلث حركة ناقلات النفط في العالم عبر مضيق هرمز، الذي تحده إيران وسلطنة عمان، ويكون طريق الشحن هذا أقل بقليل من ميلين في أضيق نقطة، وقد يؤدي إغلاق هذا الممر إلى انخفاض شحنات صادرات النفط العالمية اليومية بما يقدر بنحو 30%.”
ويتابع “تايلور في شرح القوة العسكرية التقليدية لإيران، مشيراً إلى أنّ إيران أضعف بكثير من الولايات المتحدة، لكن البلاد اتبعت منذ فترة طويلة استراتيجيات غير متماثلة قد تسمح لها بإلحاق أضرار جسيمة بمصالح الولايات المتحدة في المنطقة، فإيران – وفق تايلور – تمتلك فيلق الحرس الثوري الإيراني، الذي يُعد قوة موالية للزعيم الإيراني الأعلى “آية الله علي خامنئي” وهو منفصل عن الجيش النظامي، ولديه ذراع عمليات خاصة خارجية معروفة باسم “فيلق القدس” التي ساعدت في بناء قوات بالوكالة في أماكن مثل العراق ولبنان وسوريا، كما أنّه يموّل الميليشيات مثل حزب الله، الذي يتمتع بقوة قوية في حد ذاته، وكانت إيران قد استخدمت هذا النوع من الجماعات لاستهداف الأمريكيين من قبل، وفي وقت سابق من هذا العام، وجد تقدير منقّح للبنتاغون أنّ قوات الوكلاء الإيرانيين قتلت ما لا يقل عن 608 من القوات الأمريكية في العراق بين عامي 2003 و2011، ويمكن أن يسبب الوكلاء الإيرانيون الفوضى في العراق وأفغانستان مرة أخرى.
كما تتمتع البحرية الإيرانية بميزة حقيقية ليست في مصلحة الولايات المتحدة أيضاً، فهي لا تحتاج إلى سفن كبيرة أو قوة نيران لإغلاق مضيق هرمز، على سبيل المثال، ولكنها قد تستخدم الألغام أو الغواصات لإيقاف التجارة.
ويوضح تايلور: أشارت المناورات الحربية الأمريكية إلى أن الهجمات الانتحارية بالقوارب السريعة والصواريخ يمكن أن تكون فعّالة بشكل مدهش ضد الجيش الأمريكي، وقد وجد تقرير صادر عن مكتب الاستخبارات البحرية في العام 2017 أن البحرية التابعة للحرس الثوري، والتي تتميّز عن البحرية الإيرانية المعتادة، وتركّز على سفن أصغر وأسرع ولكن لا تزال مدججة بالسلاح، قد تلقت المزيد من المسؤوليات لحماية الخليج.
كما أنّ هناك برنامج الصواريخ البالستية الإيراني، والذي يصفه مشروع تهديد الصواريخ في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بأنه “الترسانة الصاروخية الأكبر والأكثر تنوعاً في الشرق الأوسط”، ويمتد تهديد تكنولوجيا الصواريخ الإيرانية إلى ما وراء حدود البلاد، كما يُعتقد أنّ حزب الله لديه ترسانة قوامها 130.000 صاروخ.
وخلص “تايلور” إلى أنّ الولايات ربما ستحتاج إلى قوة عاملة كبيرة في حال انخراطها في صراع ضد إيران، وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” يوم الاثنين أنّ “باتريك شاناهان” وزير دفاع ترامب، قد وضع خططا لنشر 120.000 جندي أمريكي في المنطقة إذا هاجمت إيران القوات الأمريكية أو أعادت تشغيل برنامجها النووي،و كان هذا قائماً على سيناريو لا ينطوي على غزو، وهو ما يتطلب المزيد من القوات، حيث شارك في غزو العراق 150.000 جندي أمريكي، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الدول المتحالفة معها، وتم ربط التكلفة المالية لحرب العراق بأكثر من 2 تريليون دولار في عام 2013، مع ما يقدر بنحو 400.000 شخص قد قتلوا في الفترة بين عامي 2003 و2011.
واختتم “تايلور” مقاله بالقول: “يعرف المخططون العسكريون الأمريكيون كل هذا، ومع ذلك، لا تستطيع الحكومة الأمريكية أن تقول أنّه لا توجد خيارات جيدة لمواجهة إيران عسكرياً، لأنّ القيام بذلك سيؤدي إلى تهديد العمل العسكري عن الطاولة وتقليل الضغط الذي تأمل في استمراره ضد طهران، إنّها إستراتيجية محفوفة بالمخاطر أثارت قلق بعض أقرب حلفاء أمريكا”.
Sorry Comments are closed