ياسر محمد- حرية برس:
تكثفت اليوم الاتصالات السياسية بين القوى الإقليمية والدولية الفاعلة على الساحة السورية، ولكن ليس لجهة إيجاد حلول أو مخارج لـ”الأزمة” المستعصية، وإنما لمناقشة تفاصيل تخص مصالح تلك الأطراف وتزيد إحباط السوريين وتهدد وحدة بلدهم، في ظل غياب كامل للنظام والمعارضة عن الصورة.
فقد أعلنت الخارجية الروسية، اليوم الأربعاء، أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بحث مع نظيره الأمريكي مايك بومبيو في اتصال هاتفي الوضع في سوريا، وعلى وجه الخصوص، الوضع في مخيمات النازحين “الركبان” (في البادية) و”الهول” (في الجزيرة).
وأعرب الجانب الروسي عن الرغبة في عودة اللاجئين في أقرب وقت إلى أماكن إقامتهم الدائمة، والتي هيأ نظام الأسد الظروف اللازمة من أجلها، وفق زعمهم، متهمين الولايات المتحدة بعرقلة عودة هؤلاء واستخدامهم كدروع بشرية، وهو ما نفاه مراراً الناطقون باسم نازحي “الركبان”، إذ اتهموا الروس والنظام بمحاولة إعادتهم قسراً إلى مناطق سيطرة النظام في حين يطلبون المرور إلى مناطق المعارضة في الشمال السوري.
وتريد روسيا إنهاء ملفات مخيمات النازحين في كامل المناطق الخارجة عن سيطرة المعارضة، للترويج سياسياً لإعادة الإعمار وترسخ “الأمن” وتحس الظروف المعيشية في تلك المناطق.
وفي أنقرة، بحث المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، والمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، اليوم الأربعاء، مستجدات الأوضاع بالملف السوري، بما في ذلك سبل تعزيز الحل السياسي، وهزيمة تنظيم “داعش”، والمخاوف التركية في مناطق شمال سوريا.
وقالت مصادر في الرئاسة التركية لوكالة “الأناضول” إن الطرفين أكدا على أهمية إنشاء “المنطقة الآمنة” المزمع إقامتها بسوريا، في إنهاء المخاوف الأمنية التركية، كما بحثا آلية تطبيق خارطة الطريق حول منبج والحفاظ على اتفاق “خفض التصعيد” بإدلب.
وأمس كشف جيفري، خلال لقاء مع قناة “سكاي نيوز” عن وجود محادثات عسكرية وسياسية لإنشاء “قوة تحالف” في شمال شرق سوريا، مؤكداً وجود محادثات عسكرية جارية وسياسية موازية، لإنشاء قوة تحالف في المنطقة، قائلًا: “لا نزال في منتصف العملية، ولا يمكنني التطرق في التفاصيل، لكن أعتقد وجود التحالف سيكون أكبر في المستقبل مقارنة مع الماضي في شرق سوريا”.
يذكر أن الولايات المتحدة تعمل على إنشاء “تحالف دولي” يعبئ الفراغ الذي سيخلفه انسحابها من مناطق شرق الفرات، وتأمل أن تشارك فيه تركيا التي تصر من جهتها على أن تقوم وحدها بإنشاء المنطقة الآمنة المزمعة في المنطقة حمايةً لأمنها القومي من عدوها التاريخي “حزب العمال الكردستاني”.
وفي الجزيرة السورية، تسعى روسيا لتمكين سيطرتها من خلال تشكيل ميليشيا محلية جديدة تتبع لها تحت ستار قوات الأسد، إذ افتتحت الشرطة العسكرية الروسية بالتنسيق مع فرع الشرطة العسكرية التابع للنظام في محافظة الحسكة، مركزاً لتجنيد الراغبين بالتطوع في صفوف قوات النظام.
وكشف موقع “بروكار برس” أن الشرطة العسكرية الروسية، افتتحت مركزاً لتجنيد المتطوعين، ممن هم في سن أداء “الخدمة العسكرية”، ضمن صفوف قوات جديد تابعة للنظام وتحت إشراف روسي مباشر.
وقالت مصادر الموقع التي نقل عنها إن مركز التجنيد يقع في المربع الأمني بمدينة القامشلي بريف الحسكة، وأضافت أن المتطوعين سيحصلون على راتب شهري يتراوح بين 300 و400 دولار أمريكي، وهو ما يؤكد تبعيتهم لروسيا أو شركاتها الأمنية الخاصة، إذ إن هذا الراتب يعادل رواتب عدة ضباط عاملين في قوات الأسد.
وفي خطوة عربية تشكل دعماً سياسياً لنظام الأسد بلبوس اقتصادي- إنساني، تعتزم دولة الإمارات العربية المتحدة تنفيذ مشاريع مساعدات غذائية لمصلحة نظام الأسد في المناطق التي يسيطر عليها في العاصمة السورية دمشق، حسبما أفات وكالة “سبوتنيك” الروسية.
ونقلت الوكالة عن مصدر في وزارة خارجية النظام، لم تسمّه، قوله إن سفارة الإمارات في دمشق أبلغت وزارة الخارجية والمغتربين التابعة للنظام، أنها ستنفذ برنامج مساعدات غذائية خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان المبارك.
وكانت دولة الإمارات قد أعادت فتح سفارتها في العاصمة السورية دمشق في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2018، وقادت حملة دبلوماسية على مدى أشهر لإعادة نظام الأسد إلى الجامعة العربية، لكن مساعيها اصطدمت بجدار سعودي قطري مغربي، لأسباب خاصة بكل طرف، إلا أنها أدت بالنتيجة إلى استمرار تجميد عضوية النظام في الجامعة العربية ومؤسساتها.
عذراً التعليقات مغلقة