حثت منظمة العفو الدولية في تقرير أصدرته اليوم الأربعاء الحكومة اللبنانية الجديدة على وضع حد لنظام الكفالة، وتحسين ظروف العمل بالنسبة إلى العاملات المستقدمات من الخارج كونه يتضمن قوانين تتغاضى عن شروط العمل الجبري والإتجار بالبشر.
ويسلِّط التقرير المعنون بـ”بيتهم سجني: استغلال عاملات المنازل المهاجرات في لبنان”، الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يتعرض لها العديد من عمال المنازل المهاجرين، ومعظمهم من النساء، على أيدي أصحاب العمل.
وقد وثق التقرير ثماني حالات من حالات العمل الجبري والاتجار بالبشر، وفي جميع هذه الحالات لم تستطع النساء اللائي قابلتْهن منظمة العفو الدولية ترك وظائفهن وكنَّ مضطرات للقيام بالعمل لأنهن كنّ يخشين عواقب تركه.
ولفت التقرير إلى أن بعض النساء اللائي كنّ عرضة لسوء المعاملة طلبنَ من أصحاب العمل إعادتهن إلى مكاتب الاستقدام أو إلى بلدانهن الأصلية، ولكن أصحاب العمل رفضوا الموافقة على طلباتهن، وقالت نساء أخريات لمنظمة العفو الدولية إنهن عندما طلبنَ ترك عملهن، طلب منهن أصحاب العمل تسديد الأموال التي كانوا قد دفعوها مقابل استقدامهن.
وعلى الرغم من مطالبة مجتمع حقوق الإنسان على مدى سنوات بوضع حد لنظام الكفالة، فإن الحكومات اللبنانية السابقة فشلت في التصدي الحقيقي لتلك الانتهاكات أو في الإنصاف الفعال للضحايا.
وقالت “هبة مرايف” مديرة البحوث للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية: “إن من المثير للغضب أن تتجاهل الحكومات اللبنانية المتعاقبة مجموعة الانتهاكات التي تتعرض لها عاملات المنازل المهاجرات في أماكن عملهن. وفي ظل نظام الكفالة تحوَّلت تلك المنازل الخاصة في العديد من الحالات إلى أكثر من سجون للعاملات اللائي تجرى معاملتهن بازدراء صادم أو بقسوة بالغة”.
مضيفة أن وزير العمل في الحكومة اللبنانية الجديدة أعلن التزامه باتخاذ تدابير ملموسة لحماية حقوق العاملات، ودعا منظمة العفو الدولية إلى الانضمام إلى فريق العمل المزمع إنشاؤه من أجل إصلاح نظام الكفالة، كما طلب تزويد الوزارة بقائمة من الانتهاكات حتى تتمكن من اتخاذ إجراءات فورية.
وأجرتْ منظمة العفو الدولية مقابلات مع 32 عاملة من عاملات المنازل المهاجرات، إلى جانب مسؤولين دبلوماسيين وأصحاب عمل ومكاتب استقدام وناشطات مهاجرات ومنظمات غير حكومية،مركزة على حقوق العاملات المهاجرات في لبنان.
وتأتي عاملات المنازل المهاجرات إلى لبنان من بلدان أفريقية وآسيوية، من بينها إثيوبيا وبنغلاديش وسري لنكا والفلبين وكينيا، للعيش والعمل في منازل خاصة في لبنان.
ولكن جميع هؤلاء العاملات لا يشملهن قانون العمل اللبناني، وبدلاً من ذلك ينظِّم شؤونَهن نظامُ الكفالة الذي يربط الإقامة القانونية للعاملة بعلاقة تعاقدية مع صاحب العمل.
وإذا رفضت عاملة منزل مثل تلك الشروط وقررت مغادرة منزل صاحب العمل بدون موافقته، فإن العاملة تخاطر بفقدان صفة الإقامة، ونتيجةً لذلك تواجه خطر الاعتقال والترحيل في أي وقت.
وفي أشد حالات استغلال العاملات الموثَّقة في هذا التقرير خطورةً، وجدتْ منظمة العفو الدولية أدلة على وقوع أربع عاملات ضحايا لعمليات الاتجار بالبشر.
بيد أن النساء اللائي قابلتهن منظمة العفو الدولية لم يُبلغْن السلطات بما فعله أصحاب العمل، ولم يقدِّمن دعاوى قانونية ضدهم إلى المحاكم، وذلك خوفاً من الاعتقال أو غيره من أشكال الانتقام، الأمر الذي يسلِّط الضوء على العوائق الحالية التي تعترض سبيل عاملات المنازل المهاجرات للحصول على العدالة في لبنان والحاجة الماسَّة إلى أن تكفل السلطات توفير الحماية لهن بموجب القانون.
ودعت المنظمة السلطات اللبنانية في ختام تقريرها إلى وضع حد لنظام الكفالة وتوسيع نطاق الحماية القانونية للعمال بحيث يشمل عاملات المنازل المهاجرات، وإلى اتخاذ تدابير فورية، من قبيل مراجعة عقد العمل الموحد الحالي بُغية التصدي لأشكال عدم المساواة بين العاملة وصاحب العمل.
Sorry Comments are closed