ثماني سنوات مرت في ثورة لا يمكن أن نصفها بكلمات قليلة أو جمل معسولة، وأقل ما يمكن أن نقوله عنها أنها ثورة العظماء وثورة الأساطير وثورة الدورس العظام، حيث كانت الثورة السورية وما زالت أم الثورات العربية.
تعلم الشعب السوري من الثورة كثيراً، تعلم معنى مقارعة الحديد بأجساد عارية، إذ انتصر الجسد على حمم القذائف ولهيب نارها، دروس كثيرة لا تعد ولا تحصى على مدى أعوام ثمانية، ومن أهم تلك الدروس هي أن الأرض تقاتل مع أبنائها، والأمثلة كثيرة في معارك سابقة وفي مناطق عدة من الجغرافية السورية.
ففي حمص عاصمة الثورة السورية، حاول النظام في مناطق عدة التقدم عبر معارك كثيرة لم يدخر فيها جهداً للسيطرة على المدينة، لكن محاولاته باءت بالفشل، وتيقن النظام أنه لن يستطيع التقدم شبراً واحداً ؛فما يحصل مع جنوده في محاولاته المتكررة شيء لا يصدق، وهذا على لسان ضباطه وجنوده الذين كانوا يلاقون صعوبة في التقدم، وكانوا يتوهمون بوجود آلاف يواجهونهم على أحد المحاور في حين لا يوجد أكثر من خمسين ثائراً.
نعم هي الأرض حين تقف مع أبنائها وتحارب معهم، رغم صلابة وقوة النظام، واستخدامه أنواع الأسلحة كافة، حيث وصل إلى استخدام الكيماوي، لكنه لم يستطع التقدم، وفي هذه الحالة اضطر النظام إلى اتباع سياسة التجويع والحصار في حمص، وبعد نجاح الفكرة عممها على مناطق أخرى في سوريا، وفي التكتيك العسكري دائماً المهاجم هو الخاسر ليس لأنه مهاجم إنما لأن المدافع في الحروب أغلبها هو صاحب أرض، يعلم دهاليزها ويتمسك بها حتى الموت، والأرض تقابله بالمثل فهي تتمسك بمن تربى فوقها، وأكل من خيرها وعاش أجل لحظات حياته عليها.
وما زالت الأمثلة مستمرة ومازالت الأرض تقاتل مع أبنائها حتى في المناطق التي شهدت عمليات تسوية، إلا أن ضمائر شبابها الثائر لم تمت، ففي درعا تستهدف حواجز النظام بشكل شبه يومي والنظام حائر في كيفية حدوث ذلك؛ متناسياً أن صاحب الأرض يبقى متسيداً ويبقى عاشقاً لها، والأرض تسانده في كل خطوة يخطوها.
عذراً التعليقات مغلقة