حرية برس:
أثارت زيارة مبعوث الأمم المتحدة، “غير بيدرسون”، إلى حي “بابا عمرو” في مدينة حمص سخطاً واسعاً بين نشطاء الثورة السورية، واعتبروها تصب في مصلحة نظام الأسد وتعبر عن الانحياز له على حساب المعارضة، لاسيما أنه لم يسبق لأي مبعوث أممي أن زار مخيمات النزوح العشوائية المنتشرة شمالي سوريا، أو مخيمات اللجوء في الدولة المجاورة.
والتقى المبعوث الأممي محافظ حمص التابع لنظام الأسد، “طلال البرازي”، ونشر صوراً من داخل المدينة عبر حسابه في “تويتر” وقال: إن “مستوى الدمار في ’بابا عمرو’ واسع، لقد عانى النازحون السوريون كثيراً، وما زالوا يعانون، لكن قوتهم ملهمه أيضاً”، مضيفاً أن “الطريق إلى سوريا الجديدة يبدأ ببناء الثقة والمصالحة الوطنية”.
كما صرّح “بيدرسون” الذي وصل، الأحد، إلى دمشق في ثاني زيارة رسمية إلى نظام الأسد منذ توليه منصبه الجديد في كانون الثاني الماضي، أنه أجرى “مباحثات بناءة” مع وزير خارجية النظام، “وليد المعلم”، حول تطبيق قرار الأمم المتحدة 2254، الذي يدعو إلى وقف إطلاق نار شامل في أنحاء سوريا جميعها وإلى انتقال سياسي.
وغابت عن تصريحات “بيدرسون” أي إشارة إلى مسؤولية نظام الأسد عن الدمار الذي حل بحي “بابا عمرو” إبان الحرب التي شنها ضد الثوار في عام 2012، مستخدماً أنواع الأسلحة المدفعية والصاروخية المختلفة، التي أدت إلى دمار شبه كامل في بنيته التحتية، فضلاً عن التهجير القسري الذي اتبعه ضد سكان الحي.
وتعقيباً على زيارة “بيدرسون” إلى حي “بابا عمرو”، قال الناشط الحقوقي “بسام الرحال”، أحد مهجري مدينة حمص، لـ”حرية برس”: إن “من أهم مبادئ العمل الإنساني في أي صراع بين طرفين هو الحيادية في التعامل، وعلى الأمم المتحدة أن تكون حيادية في تعاملها مع القضية السورية إذا كانت ترغب في نجاح مساعيها، من دون الوقوف مع طرف ضد آخر، وخصوصاً إذا كان أحد الأطراف جلاداً والثاني ضحية”.
وأضاف “الرحال” أن “زيارة بيدرسون إلى حمص التي سيطر عليها نظام الأسد من خلال آلته العسكرية ودمر بيوتها وهجر أهلها هو إعلان رسمي من الأمم المتحدة بالوقوف مع الجلاد ضد الضحية، وهو انحياز إلى نظام الأسد وشرعنته على حساب الثوار والمناطق المحررة، وتلميع لوجه النظام المجرم أمام المجتمع الدولي”.
وأكد “الرحال” على أنه “من باب أولى أن يزور المبعوث الأممي سجون ومعتقلات نظام الأسد التي يُقتَل فيها المعتقلون يومياً، إذ يسعى نظام الأسد إلى إغلاق هذا الملف الذي يعد معضلة كبرى في القضية السورية، ولكن على طريقته، حيث يحاول إخفاء جريمة إبادة عشرات آلاف المعتقلين في سجونه السرية والعلنية، من دون العمل حتى على تسليم جثامين الضحايا”.
بدورها، قالت “عائشة صبري”، كاتبة صحفية مُهجرة من مدينة حمص وإحدى أعضاء “تجمع ثوار سوريا”، إنه “بات لا يخفى على السوريين الأحرار انحياز الأمم المتحدة إلى نظام الأسد منذ بداية الثورة وحتى الآن، وما زيارة المبعوث الأممي “غير بيدرسون” حي “بابا عمرو” الحمصي، رمز الصمود وأول الأحياء السورية التي تعرضت لإبادة جماعية على مرأى ومسمع المجتمع الدولي والأمم المتحدة خلال شهر شباط / فبراير 2012 إلا تأكيد على ذلك الانحياز”.
وأضافت “صبري” في حديثها لحرية برس، أن “إشادة ’بيدرسون’ بشراكتهم مع الهلال الأحمر السوري دليل قاطع على تلبية حاجات مناطق سيطرة النظام دون مناطق سيطرة المعارضة، التي تضم المهجرين من المناطق الثائرة التي أخضعت لاتفاق ما يُسمى بالمصالحة، وهذه المناطق في حاجة ماسة إلى المساعدات، ولا سيما المخيمات التي تفتقر إلى أدنى متطلبات الحياة في الشمال السوري، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المخيمات الخاضعة لسيطرة ميليشيا ’قسد’ شرقي سوريا”.
وأشارت “صبري” إلى أن “حي بابا عمرو كان يُمثّل تحدياً كبيراً لقوَّات النظام، وكانت إبادة الحيّ بأكمله بالنسبة إلى بشار الأسد بمثابة انتصار ساحق، حيث جاء بنفسه يرقص على أشلاء شهداء الحي وبقايا حجارتهم المدمّرة في 27 آذار / مارس 2012، أي بعد نحو شهر من إعلانه الانتصار على الثوار الأبطال الذين سطروا بدمائهم أسطورة يرويها التاريخ للأجيال القادمة، وبالتالي يجب أن تكون زيارة “بيدرسون” للحي شهادة على إجرام الأسد بحق سكّانه قبل سبع سنوات، لا إشادة بهذا الإجرام.
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت على لسان أمينها العام، “أنطونيو غوتيريش”، أمام مجلس الأمن الدولي في نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي، تعيين الدبلوماسي النرويجي “غير بيدرسن” مبعوثاً جديداً لها في سوريا، خلفاً للمبعوث الأممي “ستيفان دي مستورا”، الذي انتهت مهمته من دون أن يحقق أي تقدم أو حل في القضية السورية من شأنه أن يخفف عن السوريين معاناتهم التي فرضها عليهم نظام الأسد، وفيما يبدو يسير “بيدرسون” على خطى خلفه في تجاهل مطالب الثوار المتمثلة في التخلص من النظام وأزلامه.
عذراً التعليقات مغلقة