غياث الجبل – السويداء – حرية برس:
أسباب عديدة دفعت الشعب السوري للقيام بثورته على نظام الأسد منتصف آذار/مارس عام 2011، وبالطبع الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية هو أحد تلك الأسباب، فالرشاوى والمحسوبية تهيمن وبشكل واضح على تلك المؤسسات، التي أصبحت فرص تشغيل لمؤيدي نظام الأسد أو لمن حالفهم الحظ بالتعرّف على أحد ضباط أمنه، وكواحدة من تلك المؤسسات ’’المؤسسة العامة السورية للتأمين فرع السويداء‘‘.
توظيف إداريين بالواسطات
حالها كحال مؤسسات نظام الأسد الأخرى فالمحسوبية والواسطات هي من تؤمن وصول الإداريين إلى مناصبهم، بدءاً من مدير المؤسسة ووصولاً إلى أصغر الموظفين، وذلك دون النظر إلى الخبرة والكفاءة.
وأفاد مصدر خاص لحرية برس -طلب عدم الكشف عن اسمه- بأن مدير المؤسسة المدعو ’’كنان أبو عساف‘‘ والذي كان موظفاً في قسم القضايا، تسلم إدارة المؤسسة منذ قرابة الثلاث سنوات دون مراعات الخبرة والتسلسل الوظيفي والمؤهلات، وذلك بدعم من والد إحدى صديقاته صاحب العلاقات القوية مع نظام الأسد.
وأوضح المصدر أن نائب المدير ورئيس قسم التأمين التكميلي (الشامل) وعضو لجنة دراسة الحوادث المدعو ’’عادل قطرب‘‘ تسلم منصبه بعد تعيين ’’أبو عساف‘‘ مديراً للمؤسسة، مشيراً إلى أن ’’قطرب‘‘ تسلم منصبه دون النظر إلى كفاءته وخبرته، حاله كحال المدير.
وتعاني المؤسسة العامة السورية للتأمين فرع السويداء الكثير من التجاوزات القانونية، إضافة لورود شكاوٍ كثيرة من المراجعين، وذلك نتيجة طبيعية لوضع إداريين عديمي الكفاءة في مناصبهم.
فيما أشار المصدر إلى أن رئيس قسم التأمين الشامل ونائب المدير ’’عادل قطرب‘‘ لا يطبق التعليمات الصادرة عن المؤسسة العامة السورية للتأمين، وذلك نتيجة عدم كفاءته وخبرته، متسائلاً ’’كيف لرئيس قسم التأمين الشامل أن لا يستطيع حساب إلغاء عقد التأمين الشامل؟‘‘.
وأضاف المصدر أن لجنة دراسة الحوادث المشكلة من ’’أبو عساف وقطرب إضافة إلى رئيس قسم القضايا‘‘، يعملون وفقاً للمحسوبية بعيداً عن الشفافية والمصداقية، مبيناً أن المراجع لا يحصل على حقه إلا إذا كان مدعوم أمنياً أو تربطه علاقة شخصية بأحد أفراد اللجنة.
كما أن قسم دراسة الحوادث الممثل باللجنة يشهد تجاوزات قانونية واضحة بحسب المصدر، موضحاً ’’أحد حوادث السير في المحافظة حمّلت اللجنة جزء من المسؤولية على المتوفى وهو طفل من ديرالزور، علماً أنه وبحسب القانون السوري المتوفى بحوادث السير لا يتحمل أي جزء من المسؤولية‘‘، مشيراً إلى أن ’’قسم التأمين الهندسي والأخطار المختلفة يشهد أيضاً تجاوزات عديدة، وذلك نتيجة وضع إداريين عديمي الكفاءة في مناصبهم‘‘.
تسيب وإهمال واختلاس في المؤسسة
فضلاً عن المحسوبية والتغاضي عن التسلسل الوظيفي للوصول للإدارة، فأن لموظفي المؤسسة العامة السورية للتأمين بفرع السويداء وبحسب المثل الشعبي القائل ’’دوام وزراء‘‘ أي بمعنى دوام خاص كالوزراء لا يتقيدون بساعات الدوام الرسمية.
حيث بيّن المصدر أن موظفي المؤسسة لا يلتزمون بالدوام الرسمي للمؤسسات الحكومية، يبدأون دوامهم الساعة 9:30 صباحاً ويغادرون المؤسسة بحدود الساعة الواحدة ظهراً، مشيراً إلى أن عدداً من موظفي المؤسسة وبإتفاق مع المدير العام لا يأتون للدوام، مرجحاً دفع رشاوى مالية للمدير.
ولفت المصدر إلى أن لجنة الكشف على الحوادث لا تلتزم بالقوانين الصادرة عن الإدارة العامية، حيث أن المُراجع الذي يود التأمين على مركبته أو الكشف عليها، يضطر لملاحقة اللجنة بأماكن الكشف المعتادة كالمنطقة الصناعية وسط المدينة وغيرها، فيجب على اللجنة القدوم إلى المؤسسة في حال وجود مٌراجع لا أن يلاحقها هو من مكان لآخر، كاشفاً أن المؤسسة لا تضم سوى ثلاثة كشّافين، بالرغم من وجود العديد من الموظفين عديمي الفائدة داخلها.
وتختلف أساليب السرقة والإختلاس في مؤسسات نظام الأسد، حيث أن العاملين والإداريين فيها يصبون تركيزهم ويشغلون عقولهم لخلق وإبتكار أساليب يستطيعون من خلالها ملئ جيوبهم ليس من المواطن فحسب بل من خزينة الدولة أيضاً.
وقال المصدر أن موظفي المؤسسة يقومون بتحويل عقود التأمين المباشرة لوكيل معتمد لديهم المدعو ’’كرم قاسم شهيّب‘‘، وذلك لإختلاس العمولة الذي نصت عليها تعليمات الإدارة العامة، حيث أن عقد التأمين الذي يصل للمؤسسة عن طريق أحد الوكلاء يأخذ منه الأخيرعمولة، في حين إن راجع مالك المركبة المؤسسة مباشرة فلا يحتسب من قيمة التأمين أي عمولة، ويذهب مبلغ التأمين كاملاً لخزينة المؤسسة.
وذكر المصدر أن نائب المدير المدعو ’’قطرب‘‘ هو صاحب النصيب الأكبر من عمليات التحويل، مشيراً إلى أنه يُحتَسَب من قيمة عقد التأمين مبلغ 10000 ليرة سورية كعمولة للوكيل وسطياً وذلك بحسب المركبة، ويحوِل موظفو المؤسسة 400 عقد سنوياً على أقل تقدير، أي يختلس موظفو المؤسسة ما يزيد عن الأربعة ملايين ليرة سورية من خزينة المؤسسة سنوياً من خلال تحويل العقود المباشرة إلى الوكيل.
وأضاف المصدر أن معظم المراجعون ممن لا يستندون إلى واسطة إجتماعية أو أمنية والذين يودون أخذ تعويضهم القانوني في حال تعرضت مركباتهم لحادث مروري، يدفعون مبالغ مالية طائلة كرشوى للجنة دراسات الحوادث، وفي حال رفض المتضرر دفع الرشوى تقوم اللجنة بحسم 50% من قيمة التعويض القانوني، وهذا بدوره ما يدفع المراجعين للذهاب والتأمين على مركباتهم في الشركات الخاصة.
وأوضح أن أحد الكشافين في قسم الهندسة والأخطار المختلفة المدعو ’’باسم عقل‘‘ يرفض الذهاب للكشف إلا في حال دفع له المراجع رشوى بمبلغ 5000 ليرة سورية، إضافة إلى سرقته 25% من نسبة عمولة الوكيل والتي تبلغ 25% من قيمة العقد.
وأشار إلى أن الكشّاف ’’عقل‘‘ لا يلتزم بساعات الدوام الرسمية، حيث تربطه بالمدير علاقة شخصية قوية إضافةً إلى تحويله رصيد ’’وحدات‘‘ على الخط الخليوي لمدير المؤسسة بشكل مستمر كنوع من الرشوى، حاله كحال سائق سيارة الخدمة داخل المؤسسة والذي لا يلتزم بالدوام بشكل مطلق، مؤكداً أنه يعمل كسائق على سيارة أجرة في المدينة ويذهب كل شهر لتقاضي راتبه الشهري من المؤسسة، مرجحاً دفع السائق رشوى مالية للمدير ’’أبو عساف‘‘ مقابل ذلك.
عذراً التعليقات مغلقة