لماذا لم تستطع الأجهزة الأمنيّة مكافحة ظاهرة الخطف في إدلب؟

فريق التحرير11 أكتوبر 2018آخر تحديث :
تكاد تكون إحصائيات الخطف معدومة وهناك صعوبة بالغة بسبب عمل كل فصيل ومنطقة على حدا دون التنسيق فيما بينهم – أرشيف

عائشة صبري – حرية برس:

لا تزال محافظة إدلب تشهد فوضى أمنيّة غير مسبوقة تمثّلت بازدياد حالات الاغتيال والتفجيرات، وعمليات الخطف مقابل فدية ماليّة، منذ نيسان / أبريل الفائت، مما شكّل حالة عدم استقرار وخوف وقلق دائم لدى الأهالي، وأصبحت هاجساً يُعكّر الحياة اليوميّة للمحافظة ككلّ، لا سيّما في ظل عجز الفصائل التي تسيطر على المنطقة عن ملاحقة هذه العصابات، أو معرفة الجهات التي تقف وراءها.

عدم تمكّن الأجهزة الأمنية من مكافحة ظاهرة الخطف في إدلب

علّل النقيب “عبد الرحمن البيوش” مسؤول قسم الإعلام في شرطة إدلب الحرة قائلاً لحريّة برس: إنَّنا كمؤسسة قائمة في محافظة إدلب لا نستطيع بمفردنا القضاء على ظاهرة الاختطاف بسبب “عدم وجود مراكز لنا في كافة مناطق إدلب، وعدم وجود قاعدة بيانات دقيقة للأشخاص الموجودين في المنطقة، كما أنَّ عدم وجود جسم عسكري موحّد للفصائل العسكريّة للتنسيق معه يُعرقل العمل في هذا الموضوع، وخصوصاً إذا كان أحد عناصر الفصائل متوّرط بعمليات الخطف التي تحدث”. موضحًا: أنَّ أسباب الخطف في المنطقة “ماديّة بالدرجة الأولى نظراً لانتشار البطالة، وتارات وانتقامات بين متشاحنين وتصفيّة حسابات بين بعض الأطراف المتنازعة في الساحة السوريّة بالدرجة الثانية”.

وبدوره، الشيخ “عمر حذيفة” الشرعي العام لفيلق الشام المنضوي ضمن صفوف “الجبهة الوطنيّة للتحرير”، أفاد لحريّة برس؛ بأنَّ حالات الخطف منها ما كُشف من قام بها ومنها من لم يكشف بعد، ولكن بشكلٍ عامٍ يُرجّح ومن خلال الذين وقعوا في شراك الخاطفين أنّهم من الخلايا النائمة لتنظيم داعش، أو من اللصوص الذين يبتغون المال ويبتزّون الأهالي، وأحيانًا يلبسون لباس الدين ويلصقون التهم بمن يخطفونه، ثم سرعان ما يتفاوضون مع ذوي المخطوف على فديّة من أجل إطلاق سراحه.

وذكر: أنَّ مخافر الشرطة المنتشرة في المناطق المحرّرة “لم تقصر في مهامها ضمن استطاعتها وإمكانياتها وتعمل مع القوّات الأمنيّة في الفصائل جنبًا إلى جنب في ضبط الأمن لتخفّف من عمليات الخطف والتخريب قدر المستطاع”.

ونوّه “حذيفة” إلى عمليات اعتقال من قبل الفصائل الموجودة في الساحة على اختلاف تسمياتها، تكون بطريقة سيئة أشبه بالاختطاف ما يُولّد احتقاناً كبيراً عند الأهالي وقد يبقى الشخص أياماً وأسابيعاً لا يعرف أحد مكانه ثم يخرج من سجون الفصائل، وهذا الأمر ليس مقبولاً وسيكون له تبعات عند الحاضنة الشعبيّة ولكن ذلك قد لا يستمر إذا لم تُقدّر الفصائل ذلك، ونحن في الجبهة الوطنية للتحرير لن نرضى بهكذا حالات ولا يمكن ان نسكت عنها فيما لو حصلت عند فصائلنا، ومن كان متورطاً بمثل تلك الأمور فسيلاقي الجزاء الذي يليق به ولن يكون له مكاناً في صفوفنا.

ومن جهته، أكد النقيب “أبو عبدو الشامي” قيادي في جيش إدلب الحرّ المنضوي ضمن صفوف “الجبهة الوطنيّة للتحرير”، لحريّة برس، أنّهم في الجيش نشروا حواجزاً أمنيّةً بالأماكن التي من المتوقع أن يحدث فيها خروقات أمنيّة، وحالياً يتم التجهيز لنشر دوريات أمنية في الفترة المقبلة، كما نسعى للتنسيق مع بقية الفصائل لإنشاء غرفة عمليات مشتركة للحد من عمليات الخطف.

وفي ذات السياق قال المسؤول الأمني في “فيلق الشام” “أبو عبدو”: إنَّ أمنيّة الفيلق تُنسّق حاليًا مع جميع أمنيّات الفصائل في الجبهة الوطنية للتحرير، من أجل عمل “أمنيّة مشتركة” ومتابعة جميع الأمور الأمنيّة في المناطق، حيث يتم تدريب الكوادر على الأمور التي ممكن أن تخلّ بأمن المنطقة.

الإحصائيات حول أعداد حالات الخطف

تكاد تكون الإحصائيات معدومة وهناك صعوبة بالغة بسبب عمل كل فصيل ومنطقة على حدا دون التنسيق فيما بينهم، ففي مناطق توزّع الشرطة الحرّة في إدلب، قال “البيوش”: لدينا 22 ضبط لحالات الخطف خلال عام 2018 بينهم 15 حالة تمكنا من استعادتها من قبضة الخاطفين وحالات تم دفع المال من الأهالي للخاطفين دون علمنا.

وفي مناطق تواجد جيش إدلب الحرّ، ذكر “الشامي” توثيق تسع حالات بينهم خمسة أطفال تم العثور عليهم مقتولين وفتى (16 عاماً) مجهول الهوية، بينما تم دفع الفدية لرجلين أحدهما في جسر الشغور والآخر الدكتور محمود المطلق بمدينة إدلب، وتم ملاحقة خاطف طفل (14 عاماً) في معرة النعمان. بينما تعذّر على حرية برس التوصل إلى نتائج أخرى.

مئات آلاف الدولارات الأمريكيّة مقابل إنقاذ المخطوف

يعتمد الخاطفون على ابتزاز الأهالي عبر تصوير الضحية، وعلى ملامحه آثار تعذيب وضرب مبرح، ويطلبون مبالغ ماليّة باهظة مقابل الإفراج عن المختطف، أو التهديد بقتله، خلال مدّة زمنية كما حصل مؤخرًا مع المسعف “علاء عليوي” الذي تم خطفه بتاريخ 18 أيلول / سبتمبر، من قبل مسلّحين ملثّمين أثناء وجوده في مطعم “صهيان” شرق حماة، وهو يوزّع رواتب للأيتام كونه يعمل مدير مكتب حماة لمنظّمة “سيريا شيرتي” الفرنسيّة، وبعدها طلب الخاطفون مبلغاً قدره 200 ألف دولار، وأعطى الخاطفون لذويه مُهلة مدتها ستة أيام تنتهي في 12 تشرين الأول / أكتوبر الجاري تقضي بقتل المخطوف إن لم يدفعوا المبلغ المطلوب.

وكان آخر حالات الابتزاز المالي قبل يومين، بريف إدلب، إرسال خاطفي المدعو “عبد الله المرديخي أبو وليد” صورة له تحت التعذيب مطالبين بفدية بقيمة 200 ألف دولار. وفي نهاية الشهر الماضي، تم إخلاء سبيل المخطوف “واصل العمر” من قرية كفربطيخ، عقب مضي 50 يومًا مقابل دفع 110 آلاف دولار بعد أن طلب الخاطفون مليون دولار، بالتزامن مع الإفراج عن القاضي القانوني ’’محمد نور حميدي‘‘ من مدينة “سلقين” بعد مضي 21 يومًا على اختطافه من مزرعته في بلدة “إسقاط”، وذلك مقابل 70 ألف دولار.

حوادث الخطف ليست جديدة

المحامي “فهد الموسى” رئيس الهيئة العامة لفك الأسرى والمتواجد في إدلب يقول لحريّة برس: إنَّ ظاهرة الاختطاف والاختفاء القسري بالمناطق المحرّرة في سوريا هي ظاهرة بسيطة وموجودة في كلّ زمان و مكان بأيّ دولة ومجتمع؛ لكن نتيجة تطوّر وسائل الاتصال الاجتماعي حديثاً أصبح الناس يشعرون بها على أنّها ظاهرة ملموسة، وبعض جرائم الاختطاف تكون عشوائية أو منظمة تستهدف الأطباء أو الشخصيات المهمّة و يكون وراؤها مخابرات نظام الأسد، ومخابرات دوليّة من أجل زعزعة الاستقرار في المناطق المحررة و تأليب الحاضنة الشعبية على الفصائل والثورة، وبعضها يكون بدوافع أمنية من الأجهزة الأمنية أو الفصائل تستهدف بعض العملاء لروسيا أو إيران أو النظام و بعضها يكون تصفية حسابات فصائلية كما حصل بين هيئة تحرير الشام و الحملة الأمنية التي أطلقتها على عناصر تنظيم الدولة.

وأوضح المحامي: أنَّ الأجهزة الأمنيّة في المناطق المحرّرة تفتقد في اتباع قواعد الأصول المتعارف عليها في القبض من لباس رسمي والتقيّد بأوقات مُعيّنة، وإصدار إذن من المحكمة المختصّة مما يُعطي خلط بين حالات الاختطاف وبين حالات القبض لدواعي أمنية؛ وبالرغم من ذلك و بمقارنة نسبة الجريمة بالمناطق المحررة في سوريا بشكل عام، وجريمة الاختطاف بشكل خاص مع الدول المتقدّمة نجد أنَّ نسبة الجريمة في المناطقة المحررة قليلة مقارنة مع هذه الدول لأنَّ الشعب السوري شعب مسالم بطبيعته.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

    عاجل