فارس أبو شيحة – غزة – حرية برس:
في زقاقٍ ضيق طويل وسط مدينة غزة القديمة، لا يتجاوز عرضه 2 متر، يوجد في وسطهِ بيتٌ أثري قديم وله باب منخفض، يعلوه قوسٌ من الحجارة القديمة تعود إلى العهدين المملوكي والعثماني، قام صاحبه بترميمهِ وتحويلهِ إلى مطعم أسماه فيما بعد ’’بيت ستي‘‘، حيث متعة الجلوس بداخله تعيدك إلى ذكريات التاريخ والحضارات القديمة التي تعاقبت على مر الزمن والعصور القديمة.
ويتألف البيت من مدخل وهو عبارة عن ممر ضيق لا يتجاوز عرضه متراً ونصف، وصولاً إلى ساحة واسعة غير مسقوفة من الأعلى تسمى بمنطقة ’’الديار‘‘، مزوداً بالنافورة والبئر القديم والأشجار المتسلقة على الجدارن ذات المنظر الخلاب للزائر هناك، كما يحتوي المطعم الأثري القديم وسط المدينة على ثماني قاعات تجسد فن العمارة والحضارات القديم، في العهدين العثماني والمملوكي قبل نحو خمسة قرون على بنائه تقريباً.
وتتزين منطقة ’’الديار‘‘ وسط البيت الأثري القديم، بعشرات الفوانيس القديمة وسط أضواء خافتة تضفي رونقاً جمالياً خاصاً للمكان، حيث أنها مفتوحة على بعضها من الداخل ومغلقة من الخارج ما يعطي خصوصية له، وهو أشبه بالبيوت العربية السورية القديمة، كما يعد المطعم الأول من نوعه على مستوى قطاع غزة وفلسطين حيث يوجد بداخله مكتبة لا تتجاوز الأربعة أمتار طولاً وعرضاً، يأتي المثقفين والأدباء والشعراء للجلوس بداخلها وقراءة الكتب المتنوعة بين الأدب والفلسفة والتاريخ القديم وغير ذلك.
ويقول صاحب المطعم الأثري القديم ’’د.عاطف سلامة‘‘ في حديثه لحرية برس، إن “هذا البيت القديم عمره الزمني من 450 إلى 500 عام، وهو يعود للعصرين المملوكي والعثماني، لكنه أثرَ إلى ترميم وتحويل البيت الأثري القديم إلى مكان سياحي بعد إلحاح من الأصدقاء والأدباء والمثقفين بعد أن كان البيت أشبه بالخرابة‘‘، مبيناً أن عملية ترميم المكان استمرت إلى أكثر من عام مع إضافة اللمسات الفنية والأثرية القديمة بداخله كالأجراس القديمة والتحف وأباريق المياه والفخار القديم بداخله.
وتبلغ مساحة البيت الأثري القديم 360 متراً، يوجد بداخله العديد من القاعات التراثية الجميلة، بالإضافة إلى فسحة البيت المفتوحة إلى السماء دون وجود سقف لها تدخلها الشمس طوال اليوم، ويتوسط الفسحة “البحرة” أو ما يعرف “بالنافورة” والبئر بجانبه حيث أنه كانوا يستخدمونه قديماً في تخزين المواد الغذائية وفيه أيضاً “المزيرة” التي تستخدم لتخزين المياه النظيفة بداخلها، حيث أنه لأول مرة من نوعه يحتوى المكان على مكتبة للقراءة ومطالعة الكتب وديوان يتوسط المكان على مستوى قطاع غزة، متاحة للجمهور للجلوس بداخلهِ.
ويضيف سلامة، إن “تسمية المطعم بـ(بيت ستي) جاء بعد أفكار متبادلة بين أصدقاءه، الأدباء والمثقفين إلى أن تم التوافق على الاسم ليناسب مع طبيعة المكان، موضحاً أن هذا البيت كان بيته الخاص قبل تحويله إلى مطعم يأتيه الزوار والسياح الأجانب من الداخل والخارج.
ويقدم مطعم “بيت ستي” الأثري القديم لزواره كل ما هو قديم، من المأكولات الشعبية الفلسطينية القديمة كالمسخن والصفائح الفلسطينية داخل الأواني الفخارية القديمة للزوار المكان، بالإضافة إلى المشروبات والعصائر الطبيعية، حيث أنه يتسع إلى 120 شخصاً بداخله.
وأردف سلامة، إن “الوضع الاقتصادي الذي يمر به قطاع غزة منذ عشر سنوات صعب جداً، نتيجة حصار الاحتلال الإسرائيلي والعقوبات الاقتصادية على قطاع غزة‘‘، مضيفاً أنه في بداية الأمر كان الإقبال أفضل بكثير من السياح الأجانب والزوار ولكن بشكل عام إقبال الزوار نوعاً ما مرضي لنا‘‘.
وأضح سلامة، أن “هذا البيت تم ترميمه بجهود ذاتية دون الحصول على أي دعم خارجي من أي جهة خارجية، وأنه كلّف الكثير من المال لترميمه وإضافة اللمسات الفنية والتراثية القديمة بداخله لتحويله إلى ما هو عليه الآن‘‘، مردفاً أن الجهات الرسمية ساعدته بما يتعلق بالأوراق والتراخيص والتسهيلات لتحويل بيتي القديم وترميمه وتحويله إلى مطعم أثري قديم.
ويطمح سلامة، في الأيام القادمة بتوسيع المكان ليشمل على قاعات كبيرة بداخل البيت لإقامة الحفلات التراثية والندوات الثقافية واستضافة الوفود الكبيرة بداخل المكان من المدارس والجامعات الفلسطينية لاستقبالهم داخل المكان ولرؤيتهم هذا الإرث التاريخي القديم.
يذكر أن قطاع غزة يحتوي على العديد من الأماكن التاريخية والأثرية القديمة التي تعود للعصور الروماني والبيزنطي والمملوكي والعثماني والسومرية كالمتحف الباشا والمسجد العمري ومسجد السيد هاشم والكنيسة الأرثوذكسية المسيحية وحمام السمرة وغيرهم التي تعد من أبرز المعالم التاريخية القديمة داخل مدينة غزة القديمة.
عذراً التعليقات مغلقة