نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، مقالاً مشتركا لخبيرين، تحدثا عن حرب كبرى مرتقبة في منطقة الشرق الأوسط، العام المقبل.
وأعد المقال الرائد في جيش الاحتلال الاسرائيلي نداف بين حور، وهو زميل عسكري زائر في معهد واشنطن، ومدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن، مايكل مايكل آيزنشتات.
وبحسب المقال، فإن “التوترات المتزايدة على الحدود الشمالية لإسرائيل تثير مخاوف بشأن مواجهة أخرى بين إسرائيل و «حزب الله» أو اندلاع حربٍ بين إسرائيل وإيران في سوريا. وقد لا تقتصر حربٌ مماثلة على المشاركين الأصليين فحسب، بل قد تشمل مجموعةً من المليشيات الشيعية وحتى نظام الأسد، كما يمكن أن تمتد إلى كافة أرجاء المنطقة – وتؤثر بالتالي على المصالح الأمريكية الحيوية هناك”.
وأضاف أن إيران “أظهرت أنها تسعى لتجنّب الحروب التقليدية وما يترتب عليها من خسائر فادحة لقواتها. وبدلاً من ذلك، فإنها تعتمد على تنفيذ عمليات بالوكالة وإرهاب وأنشطة مؤثرة بل غير فتاكة. ومع ذلك، فقد كانت مستعدة في بعض الأحيان للمغامرة بنشاطات عالية المخاطر تنطوي على احتمالية التصعيد (على سبيل المثال: قامت القوات الإيرانية في سوريا بإطلاق طائرة بدون طيار محملة بالمتفجرات في الأجواء الإسرائيلية في شباط/ فبراير المنصرم؛ وقد تم إسقاطها، لكن الحادثة أثارت جولة من الاشتباكات)”.
ونوه الباحثان إلى أن “إسرائيل عازمة على تجنب الحرب أيضاً، رغم أن أفعالها تظهر أنها مستعدة لقبول خطر التصعيد لمواجهة هذه التهديدات الناشئة. وبالفعل، فمنذ عام 2013، نفّذت أكثر من 130 ضربة في سوريا ضد شحنات من الأسلحة الموجهة لحزب الله، ومنذ أواخر عام 2017، وسعت هذه الحملة بين الحروب لاستهداف المنشآت العسكرية الإيرانية في سوريا – دون أن تؤدي، حتى الآن، إلى إثارة مواجهة أوسع نطاقاً”.
وجاء في المقال أيضا، أنه “يبرز احتمال وقوع حرب أخرى – على نطاق لم يسبق له مثيل من حيث التعقيد – نتيجةً للحرب الأهلية في سوريا، التي مكنت إيران من بناء بنية تحتية عسكرية في سوريا ونشر فيلقها الأجنبي الشيعي على حدود إسرائيل. وقد أصبح من الممكن الآن أن تندلع الحرب على جبهات متعددة وفي أماكن بعيدة وتدور على الأرض، وفي الجو، وفي البحر، وفي مجال المعلومات والنطاق السيبراني من قبل مقاتلين من: «حزب الله»، وإيران، وسوريا، والعراق، وأفغانستان، وباكستان، وحتى اليمن. وفي هذا الإطار، سوف يخلق النطاق الموسَّع للحرب المحتملة خيارات عسكرية جديدة لإيران و«حزب الله»، ويوسّع القدرات الإسرائيلية إلى أبعد حدودها”.
وعن سيناريوهات الحرب القادمة، جاء في المقال أن “حرب لبنان وما يزيد على ذلك، هي حرب بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان، لكن يشارك فيها أيضاً الإيرانيون وآلاف المقاتلين الشيعة الأجانب، وحتى حماس (التي أقامت وجوداً عسكرياً محدوداً في جنوب لبنان). وتبقى الجبهة السورية هادئة نسبياً، حيث تقوم إسرائيل هناك بأنشطة محدودة لاعتراض حركة المقاتلين والقدرات إلى داخل لبنان”.
وتابع بأن سيناريو آخر متوقعا أن تقع الحرب على الأراضي السورية بين القوات الإسرائيلية والقوات الإيرانية، والمليشيات الشيعية (بما فيها مقاتلو «حزب الله») وربما عناصر من الجيش السوري. وتبقى الجبهة اللبنانية هادئةً نسبياً. ولكن، إذا تم انجراف القوات البرية السورية إلى القتال، فقد تتدخل روسيا لحماية موكّلتها”.
السيناريو الثالث” هو أن تكون الحرب على جبهتين (في لبنان وسوريا)، وتشارك فيها اسرائيل، وإيران، و«حزب الله» والمليشيات الشيعية وربما حتى عناصر من الجيش السوري، حيث يعامل كلا الجانبين لبنان وسوريا كمسرح واحد، وموحد للعمليات”.
وقلل الباحثان من احتمالية وقوع حرب إقليمية تشمل المملكة العربية السعودية وربما الإمارات العربية المتحدة أيضاً.
وبحسب المقال، فإن تنامي قوة إيران العسكرية يعطي مؤشراً بأن الحرب المحتملة مع إسرائيل في 2019 ستكون مختلفة تماماً عن الحرب القادمة في 2025.
وأضافا أن “الحرب القادمة في شمال إسرائيل ستكون أوسع نطاقاً بكثير من الصراعات السابقة. وقد تبدأ إسرائيل بحملة جوية مكثفة لمواجهة تهديد قذائف العدو وقوته الصاروخية ومليشياته، إلا أنّ التعامل الفعال مع هذا التهديد سيتطلب عمليات برية واسعة النطاق. ولن يكتفي أعداء إسرائيل بإطلاق الصواريخ والقذائف على المنشآت العسكرية الإسرائيلية، والمجمّعات السكنية، والبنية التحتية الحيوية فحسب، بل سيحاولون استخدام القوات البرية للتسلل داخل الخطوط الإسرائيلية والاستيلاء على بعض القرى الإسرائيلية والمواقع العسكرية الصغيرة”.
ونوه الكاتبان إلى أن “جميع أطراف الحروب القادمة سيعتمدون بشكل كبير على القوة الإلكترونية، على سبيل المثال، لتعطيل الدفاعات الإسرائيلية الصاروخية، وربما ضد البنى التحتية الحيوية، لتحقيق تأثيرات استراتيجية”.
وبعد تلميحهما إلى بقاء موسكو على الحياد نوعا ما في حال اندلعت الحرب، قال الكاتبان إن صواريخ حزب الله وإيران لا تزال غير دقيقة، في حين أن النظام السوري لا يكاد يملك صواريخ في الوقت الحالي، بحسب قولهما.
وأضافا أن “الافتراض الأساسي السائد على مدى العقد الماضي هو أنّ حزب الله سيكون المشارك الرئيسي في الحرب القادمة في شمال إسرائيل. لكن قد لا يكون الأمر كذلك، لأن هذا من شأنه أن يدعو إسرائيل إلى شن غارات جوية وعمليات برية ضخمة، ويؤدي إلى دمار واسع النطاق في لبنان – وهي نتيجة يريد تجنبها «حزب الله» على ما يفترض. وهنا تكمن معضلة الحزب: كيف يمكنه استغلال إمكانات قوة الصواريخ والقذائف التي يملكها دون تدمير لبنان أو تعريض هذه الأصول الاستراتيجية للخطر، إذ قد تكون ضروريةً في مرحلة لاحقة من الحرب لمواجهة التحركات الإسرائيلية التصعيدية. وقد يكون هذا سبب قيام حزب الله (بمساعدة إيران) بتشكيل وكلاء خاصين به من السوريين والعراقيين للقتال من أجله في الجولان – وأيضاً سبب محاولة إسرائيل عرقلة بعض هذه الجهود”.
وبعث الكاتبان بنصيحة إلى واشنطن وتل أبيب لكبح جماح محور المقاومة وتهديداته، ومنها أنه “يتعين على صانعي القرار الأمريكيين والإسرائيليين استخدام إمكانية التصعيد الكامنة في حرب شمالية محتملة لردع إيران عن الأعمال التي قد تؤدي إلى مثل هذا الصراع في المقام الأول، أو انتشاره إلى إيران – الأمر الذي قد يهدد المصالح الاقتصادية الحيوية لإيران (على سبيل المثال، إذا تم ضرب بنيتها التحتية النفطية)، واستقرار نظام الأسد في سوريا”.
وإضافة إلى “إبقاء حزب الله في الخارج بسبب حجم ترسانة الصواريخ والقذائف التي يملكها، وحجم القوات البرية التابعة له، فإن إبقاء الجزء الأكبر من قوات الحزب خارج الحرب في شمال إسرائيل، ومنع انتشار مثل هذه الحرب إلى لبنان، قد يسهّلان إلى حد كبير الجهود المبذولة لمنع تحوّل حرب محلية إلى حرب أكبر بكثير، وربما من إشعال فتيل حرب إقليمية”.
يضاف إلى ذلك “ضرورة قيام إسرائيل بتطوير مفاهيم عملية قابلة للتطبيق، وآليات هزيمة ذات مصداقية، لكي يتسنى لها اتخاذ قرار وإنهاء حروب مستقبلية بالشروط التي تحددها. كما يسلّط الضوء على ضرورة بقاء الولايات المتحدة منخرطةً في المنطقة لكي تتمكن، إذا ما اندلعت الحرب، من أن تضمن تمتع إسرائيل بحرية التصرّف لتحقيق أهدافها الحربية، وبالتالي تعزيز المصالح الأمريكية في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة وتقليصه”.
عذراً التعليقات مغلقة