ياسر محمد – حرية برس
باتت محافظة إدلب وجوارها من المناطق المحررة حديث وسائل الإعلام المحلية والعالمية، بعد إعادة نظام الأسد احتلال درعا ومناطق الجنوب السوري، لتبدأ حرب الأعصاب والشائعات في إدلب قبل وضوح أي شيء بخصوصها بشكل رسمي.
وفي سياق الحرب النفسية الإعلامية التي بدأتها وسائل إعلام النظام، نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن صحيفة “الوطن” الموالية للنظام زعمها أن “وجهاء” من مناطق بمحافظة إدلب بدؤوا التواصل مع قاعدة “حميميم” لتسليم مناطقهم للروس عندما يحين الوقت وتقترب قوات النظام وحلفاؤها من إدلب، آخر قلاع المعارضة في سوريا، إذا استثنينا مناطق شرق الفرات التي تخضع لحسابات دولية وإقليمية مختلفة.
ونقلت “سبوتنيك” عن مصدر عسكري روسي وصفته برفيع المستوى دون تسميته، عن حيثيات المشهد العسكري المتوقع حدوثه في محافظة إدلب، أن قوات النظام حسمت أمرها بشأن “تحرير كامل الأراضي السورية”، معتبراً أن “إدلب مفتاح إعلان إنهاء الحرب التي شهدتها البلاد على مدار 8 سنوات”.
وفي مسعى مماثل من قوات الاحتلال الروسي في سوريا، قالت مصادر إعلامية محلية، وناشطون، إن القوات الروسية المفاوضة في درعا نصحت عناصر فصائل المعارضة هناك بإتمام “المصالحة” مع النظام وعدم التوجه إلى إدلب، لأن عملية عسكرية واسعة ستُشن على إدلب في أيلول القادم وأن المنطقة ستشهد “محرقة كبرى”.
وأكد الناطق باسم غرفة العمليات المركزية في الجنوب، إبراهيم جباوي، أن الروس يقولون علنا “بعد درعا سنذهب إلى إدلب”.
إلا أن مصير إدلب معقد أكثر مما ينتشر في وسائل الإعلام من شائعات وحروب نفسية، فهي خاضعة لتفاهمات دولية – إقليمية، ومصالح استراتيجية، أطرافها الرئيسة روسيا وتركيا، المتعاونتان في مسار “أستانا”، ويمكن النظر إلى الاجتماع الثلاثي الذي سيعقده الضامنون (روسيا وتركيا وإيران) في 29 و30 من الشهر الجاري، على أنه سيكون بمثابة رسم وضع نهائي أو شبه نهائي لإدلب وجوارها، فتركيا لن تسمح بوجود النظام والميليشيات على حدودها، وكذلك لن تتحمل تكلفة عملية التهجير الأكبر في الثورة السورية التي يمكن أن يتمخض عنها الهجوم على إدلب التي تضم نحو 4 ملايين نسمة من سكان أصليين ومهجّرين.
ويرى مراقبون أن خطوة القوات التركية بالمباشرة بإنشاء مشافٍ ومهابط طيران في بعض نقاط المراقبة التركية بإدلب، إشارة واضحة إلى بقاء طويل في المنطقة يبدد أوهام النظام بالعودة إلى المنطقة.
وفي الصدد؛ أفادت مراسلة حرية برس في إدلب “حنين السيد” بأن القوات التركية ستبني مشفيين في العيس بريف حلب الجنوبي وتل الطوقان بريف إدلب الشرقي، بالإضافة لبناء ثلاثة مهابط للطيران في كل من العيس وتل الطوقان، وشير مغار بريف حماة الغربي.
وأضافت المراسلة أن هذه الإجراءات هي تمهيد لإقامة طويلة الأمد للقوات التركية في المنطقة، لاسيما مع تدوال أنباء عن اقتراب انسحابهم وهو ما تم نفيه من مسؤولي نقاط المراقبة.
لكن ثمة مؤشرات وتكهنات تقول بأن المنطقة سيتم اقتسامها، لتستولي روسيا والنظام على جسر الشغور وسهل الغاب المرتبطين جغرافيا بمناطق الساحل السوري، بينما تسيطر تركيا وفصائل الجيش الحر التي تنسق معها على باقي محافظة إدلب وريف حلب الغربي، حيث ترتبط المنطقة بمناطق عفرين ودرع الفرات بريف حلب الشمالي، ما يشكّل منطقة آمنة محمية للمعارضة وحاضنتها الشعبية، بانتظار حل سوري شامل لا يبدو أنه قريب.
عذراً التعليقات مغلقة