أحمد الرحال – حرية برس
مع تمكّن نظام الأسد وروسيا من السيطرة على جلّ المناطق وإنهاء علميات التهجير القسرية، والبدء بتسويق النظام عالمياً بدأ الإعلام الموالي لنظام الأسد مؤخراً، بالترويج لعمليات إفراج جماعية لمعتقلين في سجون نظام الأسد.
ولطالما كانت قضية “المعتقلين” من أبناء الشعب السوري الثائر في سجون نظام الأسد، من أعقد القضايا التي شابها الكثير من المظالم والغموض، والتي كانت أحد أبرز الوسائل التي استخدمها نظام الأسد في تقييد حرية التعبير وكبح جماح الثورة السورية.
حيث تداولت العديد من الوسائل الإعلامية المعارضة والموالية، وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، أنباءً عن إصدار عفو عام من قبل نظام الأسد يشمل كافة المعتقلين الموجودين داخل أفرع وسجون النظام منذ بداية إنطلاق الثورة السورية عام 2011.
وانتشر تسجيلات صوتية على مواقع التواصل قال ناشطون إنها لموظفين في حكومة نظام الأسد، يقولون فيها إن العفو سيصدر اليوم السبت أو غداً الأحد برعاية روسية، ولم يتسن “لحرية برس” التأكد من صحّة المعلومات ودقتها.
وتوقعت وسائل إعلام لبنانية نقلاً عن مصادرها المطلعة عن صدور مرسوم عفو شامل في سوريا، هو الأكبر من نوعه منذ سنوات، من قبل رئيس النظام بشار الأسد قبيل عيد الفطر أي خلال الأيام الثلاثة المقبلة.
وتصدّر ملف المعتقلين والمفقودين المنصات والمؤتمرات السياسية حول سوريا في الآونة الأخيرة، وذلك بعد عمليات التهجير القسري لفصائل المعارضة والمدنيين التي مارسها الروس، وانحسار العمليات العسكرية في سوريا.
ويقبع في سجون النظام السوري مئات الآلاف من المعتقلين السياسيين والناشطين والعاملين في الهيئات العامة، منذ اندلاع الثورة السورية في 2011.
شائعات مروجة
تكررت سابقاً أنباء عن صدور عفو عام من قبل نظام الأسد عن المعتقلين السوريين بداخل الأفرع والسجون، لا سيما المخطوفين منهم، فيما ينتشر هذا الخبر بين أوساط السوريين الموالين لنظام الأسد والمعارضين له في كل عام منذ سنوات عدة، دون أي دلائل أو مرسوم رسمي يؤكد هذه الأنباء التي تتداول عبر موظفين لدى النظام.
ولعل هذه الشائعات والأخبار التي تروج رأي فيها متابعون أنها جاءت ضمن سياسة ممنهجة لنظام الأسد لتسويق نفسه من جديد متخذاً من قضية المعتقلين باباً لذلك، من خلال إيهام المجتمع الدولي بأنه حريص على الشعب السوري وعلى تنفيذ القرارات الدولية، والظهور بمظهر جميل من خلال إفراجه عن معتقلين في السجون كبادرة منه.
في حين يسعى نظام الأسد للترويج عن هذا الأمر لعودة السوريين إلى بلادهم وإظهار نفسه بالمنتصر على الإرهاب الذي كافحه بمساعدة حلفائه روسيا وإيران.
ويعمل نظام الأسد على ترويج هذا الخبر منذ مطلع العام الجاري، مع بداية إحكام السيطرة على المناطق المحاصرة بمساعدة المليشيات المساندة لقواته، إلى أن ينتهي المطاف بتهجير المقاتلين والمدنيين من مناطقهم بعد اتفاق يجريه الجانب الروسي مع قيادة فصائل المعارضة للقبول بالتسوية أو بالتهجير القسري.
وهذا مادفع نظام الأسد إلى إبراز نفسه في الآونة الأخيرة بالعمل على إثارة الاهتمام للسوريين بالعودة إلى سوريا وخاصة بعد احتلال عدة مناطق مؤخراً وعودتها إلى أيادي الأمن والأمان، حسب تعبيرهم، والقيام باصدار مرسوم لتغيير معالم المدن السورية بعد تهجير أهلها، والضغط على المدنيين للقبول بخيار العودة المجبر عليه من قبل القانون الجديد.
ورقة ضغط
يرى موالون لنظام الأسد أن المرسوم سوف يضمن عودة الكثير من السوريين في الخارج وخصوصاً فئة الشباب، ويشمل العفو موضوع الخدمة الإلزامية والاحتياطية، وتبييض السجون من معتقلي الرأي وحملة السلاح الذين لم يتورطوا بعمليات قتل، ويضمن وقف الملاحقات الأمنية.
فيما يبدو أن الغاية من هذا العفو بهذا التوقيت هو محاولة جعل السوريين ينسون إجرام الأسد ومليشياته على الشعب السوري، والاقرار بانتصاره على الثورة السورية وعلى الشعب الذي خرج من أجل إسقاطه ومحاكمته.
كما يأتي هذا الأمر بشكل مباشر بعد فشل مؤتمر أستانة بنسخته الأخيرة في التوصل لأي صيغة اتفاق بما يتعلق بملف المعتقلين والذي تم تأجيله إلى محادثات اخرى، كما أنه كان الملف الرئيسي في جولة المفاوضات الأخيرة بعد عرقلة إيران للتوصل لأي اتفاق.
ولا يبدو أن استدعاء الرئيس الروسي ’’فلاديمير بوتين‘‘ لبشار الأسد مؤخراً، كان من أجل التحدث حول ملف المعتقلين، لا سيما مع التوترات حول المطالب الروسية بخروج القوات الأجنبية من سوريا، في إشارة منها إلى إيران.
ويرجح أن ملف المعتقلين سيبقى ورقة بيد نظام الأسد حتى يستطيع بسط كامل النفوذ في الأراضي التي استعادها ويتم تأمينها بشكلٍ تام بمساعدة روسيا، حيث يكون هذا الملف هو آخر ملف يمكن الحديث عنه، كما من المتوقع أن يتم إخراج المعتقلين إلى الشمال السوري إذا حصل العفو العام، وذلك لضمان أمن المناطق التي سيطرت عليها قوات الأسد مؤخراً.
عذراً التعليقات مغلقة