علي عز الدين – حرية برس:
في مثل هذا اليوم من عام 2011 بعد أسابيع على انطلاق الثورة السورية، اقتحمت قوات الأسد مدينة الرستن، المدينة الاستراتيجية التي تتربع على نهر العاصي شمال حمص 20 كم، وكان هذا الاقتحام الأول من نوعه على مستوى سوريا من حيث الهمجية والحقد، حيث طوقت دبابات الأسد المدينة من محاورها الاربعة وبدأت الدبابات بالقصف العشوائي وأمطرت قوات الأسد المدينة ومنازلها السكنية بالقذائف الصاروخية، وكان للطفلة “هاجر الخطيب” من الموت المحيط بالمدينة نصيب، استشهدت في طريقها لمدرستها قرب مدخل مدينة الرستن.
يقول الحاج تيسير الخطيب وليد الشهيد هاجر: فقدت صغيرتي هاجر ذات الأحد عشر ربيعاً في ذكرى عيد ميلادها الحادي عشر، صدمت بلحظتها من استهداف النظام لطفلة بعمرها وذهلت بمدى حقده علينا وعلى مدينتنا التي كل ذنبها أنها طالبت بالحرية، ابنتي التي كنت أصطحبها لمدرستها دون أي ذنب نال رصاص الاسد منها، لم يتوقف حقد النظام هنا بل اعتقلوني بعد استشهاد طفلتي التي رقدت أكثر من 7 ساعات على قارعة الطريق ضمن حافلة المدرسة برفقة أقاربها الأطفال المصابين، وبعد تدخل من (جهات عليا) تم إسعافهم إلى المشفى العسكري وعلى إثرها تم اعتقالي أنا وابني وتعرض ابني للضرب والإهانة داخل أقبية الأسد، وبعد دخول الجيش لمدينة الرستن اعتقلوا أخوتي الاثنين وفارقا الحياة في أقبية النظام المجرم، هاجر واحدة آلاف الأطفال الذين قضى الأسد على طفولتهم، لن أنسى ولن ينسى أطفال الحرية وشبابها وحرائرها شهيدة الحرية “هاجر”.
“يعرب الدالي” ناشط من مدينة الرستن يروي لحرية برس تلك الذكريات ويقول: “تعود بنا الذاكرة لذلك اليوم الذي اجتاحت به قوات نظام الأسد وشبيحته مدينتنا، التي جاءت لتصمت تلك الحناجر التي صدحت بأصوات الحرية والكرامة، وكلما علت أصوات الأحرار ونادت بالحرية، زادت همجية القصف بالقنابل والصواريخ وقذائف الدبابات، حيث لم يستطع أبناء المدينة أن يقفوا مكتوفي الايدي، فاندلعت اشتباكات بين قوات الأسد وأبناء الرستن المنشقين عن صفوفه من الذين لم يقبلوا أن يكونوا شركاء الجلاد، الذي سبق وهاجم درعا فكانت هناك نقطة الفصل بين القاتل والمقتول، مما سبب بانشقاق العديد من الضباط وصف الضباط عن صفوف الجيش الذي أصبح فيما بعد جيش الأسد، بعد رفضهم قتل المتظاهرين السلمين، وكان المنشقون في المدينة لايملون أية أسلحة سوى بعض بنادق الصيد والبنادق البدائية والمسدسات الشخصية التي قاتلوا بها دبابات الأسد ومدرعاته”.
وتابع “الدالي” حديثه: سقط عشرات الشهداء والجرحى إثر هذا الهجوم الذي شنته قوات الأسد، وكان أولهم الطفلة “هاجر الخطيب” التي استقرت بجسدها إحدى رصاصات مدرعات الاقتحام التي استهدفت حافلة الاطفال المتوجهين لمدرستهم في اليوم الأول للاقتحام، وبعد اقتحام المدينة اعتقل المئات من أهالي المدينة بشكل عشوائي، ومارسوا بحقهم أشد أنواع التعذيب والتنكيل في محاولة لإسكات أي فم ينطق بوجههم.
يشار إلى أن هذا الاقتحام لم يكن الأخير لمدينة الرستن، حيث تبعه اقتحام آخر قبل نهاية عام 2011، وذلك إثر انتفاضة أهالي المدينة مجدداً على الأسد وخروج الآلاف من أهالي المدينة في مظاهرات حاشدة، طالبت بإسقاط نظام الأسد ومحاسبة قتلة الأطفال ومحاولة أبطال الجيش الحر تأسيس جيش جديد فكان لهم نصيب آخر من التنكيل، وعلى إثرها تشكل لواء الضباط الأحرار الأول في سوريا في الشهر التاسع من عام 2011.
عذراً التعليقات مغلقة