ياسر محمد – حرية برس
ما زال ملف الجنوب السوري يتفاعل بين الدول المؤثرة وصاحبة المصلحة في المنطقة وخاصة (روسيا وإسرائيل وإيران والأردن والولايات المتحدة)، ومع تسارع وتكثيف اللقاءات والاجتماعات تقول مصادر سياسية وصحفية إن روسيا وكيان الاحتلال الإسرائيلي اتفقا على تسليم قوات النظام السوري منطقة الحدود مع دولة الاحتلال والأردن مقابل إبعاد الميليشيات الإيرانية عن الجنوب، وهو المطلب الإسرائيلي الأساسي.
وأمس الاثنين، قالت القناة العاشرة الإسرائيلية إن لقاءات روسية إسرائيلية أسفرت عن التوصل لاتفاق يقضي بالسماح لقوات الأسد بالسيطرة على محافظتي درعا والقنيطرة، بما في ذلك المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، من دون ذكر مصير الفصائل أو آلية سيطرة النظام على المنطقة.
كما ينص الاتفاق الروسي الإسرائيلي على إبعاد ميليشيات إيران و”حزب الله” عن الجنوب السوري، مع بقاء إمكانية تحرك قوات الاحتلال الإسرائيلي بحرية داخل الأراضي السورية.
وأمس قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن قوات النظام هي الوحيدة التي يجب أن تتواجد في المناطق الحدودية جنوب سوريا، ما يشير إلى موافقة موسكو العلنية على طرد إيران وميلشياتها من الجنوب، وهو ما أكده أمس أيضا رئيس وزراء إسرائيل الذي قال إن أولوية دولته هي طرد إيران من سوريا، والجنوب خصوصا، وقد شنت إسرائيل عشرات الغارات الجوية والصاروخية خلال الأشهر القليلة الماضية على مواقع الحرس الثوري والميليشيات الإيرانية وشلت معظم قدراتهم العسكرية، دون أي حراك أو تصدٍ من حليف إيران الروسي الذي يبدو أن مصلحته أصبحت بتصفية إيران وإضعافها كي تتم له السيطرة وحده على جل المناطق التي تم إبعاد المعارضة منها.
سياسيون وصحفيون سوريون رأوا أن تسليم المنطقة الجنوبية للنظام هي السيناريو الأقرب، في ظل توافق روسي إسرائيلي، وعدم قدرة فصائل المعارضة هناك على إحداث فارق في المعادلة السياسية.
ورأى الصحفي محي الدين لاذقاني أن “أفضل شهادة في المقاومة والممانعة جاءت للحليف الموثوق بشار الكيماوي اليوم من إسرائيل شخصيا، فبحسب جيروزاليم بوست والقناة الثانية سيتم السماح لجيش التعفيش بالتمدد عبر الجبهة الجنوبية حتى حدود إسرائيل بشرط ألا يكون مصحوبا بحلفائه من الحرس الثوري وحزب الله وبقية الميليشيات الطائفية”.
بينما ذهب آخرون لحد اتهام فصائل الجنوب بـ”بيع درعا” بعد ثماني سنوات من الكفاح والتضحيات.
الطرف الآخر المهم في معادلة الجنوب السوري هو الأردن، الذي أبدى رغبة كبيرة بمدّ العمل باتفاقية “خفض التصعيد”، إلا أنه في الوقت ذاته يحافظ على علاقات سياسية ودبلوماسية وتجارية مع نظام الأسد، ويبدو متحمساً لعودة نظام الأسد للسيطرة على المعابر التجارية خصوصا، لتعود التجارة إلى سابق عهدها، حيث تأثرت الأردن كثيراً وتعرضت لخسائر فادحة جراء توقف تدفق البضائع السورية وإغلاق المعابر.
ومنذ أيام قليلة؛ وجه مسؤول في نظام الأسد رسائل إيجابية لعمان، حيث قال القائم بأعمال سفارة نظام الأسد في الأردن، أيمن علوش: “قد لا تضطر الحكومة السورية إلى معركة الجنوب”، موضحا أن هنالك “وعي كبير في الداخل، إضافة إلى أن الموقف الأردني كبير جدا وفيه رسائل إيجابية كثيرة في هذا الموضوع”، مشيرا إلى أن “الأردن يدرك أن مصلحته في جنوب (سوري) هادئ وليس في جنوب مشتعل”.
ومع تحقيق مصالح معظم الدول في معادلة الجنوب، تبقى المعارضة السورية –وليست إيران- هي الخاسر الأكبر، وفق ما يراه محللون وناشطون ثوريون، إذ أن السيطرة الاسمية ستكون للنظام، بما يسمح له بإعلان “نصر” آخر في واحدة من أهم معاقل الثورة، وبالتالي يثبت أقدامه أكثر ويرجح كفته في أي تسوية سياسية قادمة.
عذراً التعليقات مغلقة