اهتمت الصحافة الأمريكية، ولليوم الثاني على التوالي، بتداعيات الأوضاع في سوريا عقب القصف الذي نفذه طيران نظام الأسد على بلدة دوما بالغوطة الشرقية السبت الماضي، واستخدامه الغازات السامة، ما أودى بحياة 78 مدنياً على الأقل، وأصيب المئات.
صحيفة نيويورك تايمز، اعتبرت في افتتاحيتها، أن سوريا بعد دوما ستشكل اختباراً حاسماً للرئيس دونالد ترامب، الذي أقدم على ضربة صاروخية محدودة العام الماضي استهدفت مطار الشعيرات العسكري في حمص بعد أن انطلقت منه طائرات الأسد لقصف مدينة خان شيخون (شمالي سوريا) بالكيماوي.
وتبين الصحيفة أن ترامب تجاهل بعد قصف الشعيرات القضية السورية إلى حد كبير، قبل أن يُفاجأ الجميع الأسبوع الماضي، بإعلانه قرب سحب قواته من سوريا، وبعدها حدث قصف دوما بالكيماوي، ليؤكد ترامب أن الأسد سوف يدفع ثمناً كبيراً، وذلك بتغريدة له على “تويتر”.
على الرئيس الأمريكي أن يعلم أن الحديث القاسي دون استراتيجية أو خطة متماسكة هو أمر خطير، وما يجب فعله بعد ذلك في سوريا يعدُّ اختباراً حاسماً له، وهو الذي يتجنب الدور القيادي الأمريكي التقليدي؛ إذ يحاول أن يظهر بأنه شخص قيادي قادر على اتخاذ القرارات واستخدام القوة التي لم يستخدمها سلفه باراك أوباما، إلا أنه في الوقت نفسه يتحدث عن الانسحاب من الشرق الأوسط والابتعاد عن الالتزامات الدولية، وفق الصحيفة.
وفي ظل هذا التباين، تقول “نيويورك تايمز” إن ترامب لن يقدر على وقف العنف بسوريا؛ ومن دون خطة واضحة وموحدة مع الحلفاء الغربيين، فإن أي عمل لن يؤدي إلا إلى تمكين الأسد.
وتابعت: “يحتاج ترامب للعمل مع القوى الكبرى الأخرى على خطة واسعة يمكن أن تجبر الأسد وروسيا وإيران على إنهاء المذبحة، ويتعين على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يعيد الالتزام بحظر الأسلحة الكيماوية، ويسمح للخبراء بالتأكد بشأن المسؤول عما جرى في دوما، وإجراء تحقيق مستقبلي يمكن أن يؤدي إلى مقاضاة المتسبب بمحكمة مثل المحكمة الجنائية الدولية”.
وفي حال تم التأكد أن النظام السوري هو المتسبب في تلك المذبحة، فينبغي للولايات المتحدة فرض عقوبات صارمة، مثل تجميد الأصول المالية، كذلك النظر في اتخاذ إجراء عسكري، وعلى الكونغرس الأمريكي أن يوافق على إصدار مثل هذا التشريع.
وإذا كان الفيتو الروسي سيقف عائقاً أمام استصدار أي تشريع دولي ضد نظام الأسد، فإن على واشنطن أن تعمل مع الحلفاء الغربيين أو مع حلف الناتو لوضع حد لتصرفات النظام السوري.
من جهتها، رأت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية في افتتاحيتها، أن بعض القذائف والصواريخ لمعاقبة نظام الأسد على جرائمه لن تغير أي شيء في سوريا، وأن ما يجب فعله الآن هو استراتيجية منسقة لحماية المصالح الأمريكية الحيوية.
وتابعت الصحيفة: “يجب أن يتعلم ترامب درساً من جريمة الحرب السورية الأخيرة، فلقد رفض الرد على سبع هجمات كيماوية أصغر حجماً من هجوم دوما، ثم أعلن بصوت مرتفع أنه يعتزم سحب القوات الأمريكية من هناك؛ وهو ما دفع نظام الأسد الانتهازي لإلقاء المواد الكيماوية على ضاحية دوما، مستغلاً خطاب ترامب”.
الحقيقة التي يجب أن يعرفها ترامب، أنه طالما بقي الأسد في السلطة فإن الحرب بسوريا سوف تستمر، وتكاثُر الإرهابيين سيتواصل، وحركة الهجرة واللاجئين لن تتوقف.
وأقرت الصحيفة بأن ترامب يتمتع بميزة افتقر إليها أوباما، فالقوات الأمريكية اليوم تسيطر على الجزء الأكبر من شرقي سوريا، وتمتلك الولايات المتحدة القدرة على تحقيق الاستقرار في جزء من البلاد على الأقل، ولديها قوة للمطالبة بالتوصل إلى نتيجة مقبولة لهذه الحرب.
ولكن، إذا كان ترامب ينوي حقاً التخلي عن سوريا، فإن عليه أن يكون مستعداً لعمل يمنع وقوع مثل هذه الهجمات بالأسلحة الكيماوية وغيرها من جرائم الحرب، فغارة تأديبية لمرة واحدة، لن تكون كافية لردع الأسد؛ ومن ثم فإن الحاجة لمبادرة عسكرية أو دبلوماسية، تدعمها أمريكا، أمر لا بد منه؛ ومن هنا فإنه ينبغي لترامب أن تكون لديه خطة، بحسب الصحيفة.
عذراً التعليقات مغلقة